رحيل أحمد رمزي فتى السينما المصرية «الشقي»

صاحب أفلام «أيامنا الحلوة» و«القلب له أحكام»

أحمد رمزي مع صديق عمره عمر الشريف وأحمد رمزي في شبابه
TT

طوى فتى السينما المصرية «الشقي» الفنان أحمد رمزي صفحته مع الحياة، حيث غيبة الموت أمس عن عمر يناهز 82 عاما على أثر انزلاقه بأرضية الحمام في منفاه الاختياري بفيلته بالساحل الشمالي (شمال غربي القاهرة) بسيدي عبد الرحمن، وذلك بعد رحلة عطاء خصبة استطاع خلالها أن يشكل بصمة خاصة على الشاشة الفضية، بروح دمثة غلب عليها المرح وخفة الدم ورشاقة الشقاوة، تجسدت في باقة من أهم الأفلام التي تم تأريخها بوصفها علامات على العصر الذهبي للسينما المصرية في خمسينات وستينات القرن الماضي.

تمتع أحمد رمزي بوسامة وخفة ظل وبساطة جعلت منه معشوق الفتيات في جيله، وحتى اختياره «الطوعي» في أوائل ثمانينات القرن الماضي، حين قرر أن يبتعد عن السينما وهو في قمة النجومية ليعمل في التجارة، فمن يومها لم يخرج من عزلته الاختيارية إلى فضاء الفن إلا لمرة واحدة، عمل فيها مع أعز صديقاته في الوسط الفني سيدة الشاشة العربية الفنانة فاتن حمامة في مسلسل «وجه القمر» في عام 2000، ليوثق معها قفزته الفنية الأخيرة.

بنبرة أسى وحزن يقول عنه رفيق دربه في الشقاوة السينمائية الفنان حسن يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «أنا بمجرد أن سمعت الخبر قلبي وجعني ولكن الذي يصبرنا على الفراق هو أننا أخذنا أسوة من موت الرسول عليه الصلاة والسلام الذي مات في سن الثالثة والستين ولم يستطع الصحابة أن يفعلوا أي شيء، وقال المولى عز وجل (إنك ميت وإنهم ميتون) وهذا ما يصبرنا على فقدان أي عزيز».

وتابع يوسف: «أحمد رمزي يعتبر جزءا من تاريخي في السينما، وصديقا وزميلا، من الممكن أن تكون بعدتنا الأيام ولكنى لم أر منه ما يغضبني أو يضايقني وهو كذلك، وكل ما أستطيع أن أقول عليه إنه كان محترما وابن ناس وقد عشنا معا أياما جميلة داخل الفن وخارجه وحقه علينا أن نقرأ له الفاتحة وندعو الله أن يغفر له ذنوبه».

ولد رمزي محمود بيومي أبو السعود في 23 مارس (آذار) 1930 لأب جراح عظام، وهو الذي أنشأ قسم جراحة العظام في مستشفى قصر العيني، وأم اسكتلندية هي السيدة هيلين مكاي الذي غيرت اسمها بعد ذلك ليصبح هدى، وهو ينحدر من عائلة عريقة، فكان جده من أشهر تجار الخيول العربية الأصيلة في شبه الجزيرة العربية، وكان المخرج الراحل حلمي حليم هو الذي أشار عليه بأن يغير اسمه ليصبح «أحمد رمزي» ليكون وقعه سلسا على الأذن ويكون محفورا في ذاكرة الجماهير العربية لأكثر من 57 عاما، شكلت مشوار رمزي الفني، حيث ترك إرثا سينمائيا طويلا ضم باقة من ألمع الأفلام منها «شياطين الجو» و«غريبة» و«ابن حميدو» و«السبع بنات» و«عائلة زيزي» و«العريس يصل غدا» و«القلب له أحكام» و«لا تطفئ الشمس» و«بنت17» و«صراع في الميناء» و«أيامنا الحلوة»، وكان آخرها «الوردة الحمراء» عام 2001.

تعلق رمزي بصورة أمه فكان في أحاديثه الإعلامية القليلة يشيد بالدور الذي قامت به في نشأته هو وأخويه «عمر وحسن» وفي تربيته بعد وفاة والده وإشهار إفلاسه، وعلى الرغم من الضائقة المالية التي كانوا يمرون بها آنذاك إلا أن السيدة مكاي ألحقت ابنها الصغير رمزي بمدرسة فيكتوريا كوليدج للبنين بالإسكندرية، وكانت مخصصة لأبناء الطبقة الأرستقراطية والملوك والأمراء وتخرج منها الملك حسين بن طلال ملك الأردن الراحل، وسيمون الثاني ملك بلغاريا، والمخرج العالمي يوسف شاهين، والممثل العالمي عمر الشريف، وقبلها كان في مدرسة الأورمان حيث تعرف على الراحل الكابتن صالح سليم.. وفي بداية حياته الجامعية التحق رمزي - وعلى خطى والده - بكلية الطب لكنه تركها بعد عامين ليلتحق بكلية التجارة جامعة القاهرة ويتخرج فيها.

ولعقود، ظلت صورة رمزي الفتى الشقي خفيف الظل الوسيم الذي كسر الشكل التقليدي لنجوم السينما في ذلك الوقت أحد أيقونات أساطير الشاشة الفضية فكان مثل «جيمس دين» الشرق. ظهر رمزي على شاشة السينما لأول مرة في عام 1955 في فيلم «أيامنا الحلوة» مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، الذي كان أيضا أول أفلامه.

وكانت صداقة الفنان عمر الشريف لرمزي الذي دخل عالم السينما قبله بسنوات قليلة سببا في أن يختاره حليم لأداء دور الطالب «رمزي» في «أيامنا الحلوة» الذي كان بوابته للنجومية، وعلى الرغم من أن معظم أدوار رمزي انحسرت في شخصية الفتى الشقي الذي يغازل الفتيات وهو يقود سيارته مكشوفة السقف أو دراجته البخارية أو من شرفة منزله من خلال الأفلام الرومانسية ذات الملمح الكوميدي، فإنه استطاع أن يكسر هذا النمط ويمثل دراما مثل فيلم «صوت من الماضي» في عام 1956 مع الفنانة القديرة أمينة رزق والفنان عبد الوارث عسر والفنانة إيمان، التي شاركته في أفلامها القليلة مثل «أيام وليالي».

دخل رمزي عالم السينما لينافس عمالقة جيله بخفة ورشاقة، فلم يكن يحب النمط التقليدي للملابس في ذلك الوقت من ارتداء البذلة وربط «الكرافتة»، التي كان يقول إنها تخنقه لأنه كان يعشق الحرية، فكان يرتدي البنطلون والقميص ويفتح أزراره حتى منتصف صدره، لافتا إلى قوامه الرياضي وجسده الرشيق المفتول العضلات، وكان كل هذا يعتبر شكلا غير معهود في ذلك الوقت لنجوم السينما العربية.

تزوج رمزي ثلاث مرات، الأولى من السيدة عطية الدرمللي والدة ابنته الكبرى باكينام، ثم تزوج بالفنانة نجوى فؤاد ولم ينجب منها ثم تزوج بالسيدة نيكول وهي يونانية الأصل وأنجب منها ابنته «نائلة» وابنه «نواف».