عرس للفن الإسلامي تقيمه دار «كريستيز» في لندن

5 مزادات تعرض فنون العالم الإسلامي والهندي

سجادة من شمال شرقي إيران تعود إلى القرن الـ17 ـــ 18 (الصور من تصوير: جيمس حنا)
TT

على مدار أربعة أيام تقيم دار مزادات «كريستيز» خمسة مزادات في فرعيها بلندن، تعرض من خلالها مجموعة ضخمة من فنون العالم الإسلامي والهندي تضم مجموعة متنوعة من المخطوطات والمصاحف النادرة وقطع السجاد والمفروشات والأسلحة والحلي، فيما يعد عرسا حقيقيا للفنون الإسلامية. القطع المعروضة متنوعة ومعروضة على عدد من قاعات الدار سواء بمقرها في حي ساوث كينونغتون، أو مقرها في سانت جيمس. سارة بلمبلي، رئيسة قسم الفن الآسيوي تصحبنا في جولة على أهم المعروضات وتروي بأسلوب شيق قصصا تختبئ وراء كل قطعة تمنحها غموضا ساحرا وقيمة فنية ومادية عالية.

البداية كانت مع إبريق من الفخار من صنع مدينة إزنيك التركية، وكما تشير بلمبلي فالقطعة التي تتخذ مكانها بشموخ وسط المعروضات تزهو بحرفة وصناعة بديعتين وأيضا بتاريخ عريق، فيعود تاريخ صناعته إلى عام 1500 ميلادية ويتميز بأنه مستوحى في صناعته من البورسلين الصيني من عصر مينغ. توضح بلمبلي تداخل التأثير وتقول «التبادل التجاري كان قويا في تلك الفترة، وبالنسبة لصناع الفخار في إزنيك مثل الفخار الصيني سحرا خاصا لا يقاوم، وهناك كثير من الأباريق على هذه الشاكلة التي استلهمت ملامح تميز بها الفخار في عهد إمبراطورية مينغ، من الشكل العام إلى الزخارف. ونجد بعضا من تلك الأشكال ضمن معروضات متحف الطوبكابي في إسطنبول». وتستكمل بلمبلي حديثها مشيرة إلى أن يد الإبريق تتخذ شكل الحية وتقول إن الشكل يعد نادرا، ولا يوجد له مثيل سوى في المتحف البريطاني الذي يضم إبريقا مشابها يطلق عليه «إبريق غودمان» الذي يعود إلى نفس الفترة التي صنع منها إبريقنا هنا، والذي يقدر سعره بمبلغ يتراوح ما بين 200 ألف جنيه إلى 300 ألف جنيه إسترليني.

و من إزنيك أيضا نرى قطعة من الفخار المربعة التي تحمل رسما للمسجد الحرام في مكة المكرمة، القطعة التي تحمل ألوانا زاهية تعود إلى القرن الـ17. تقول بلمبلي: «لا يعرف أحد ما الغاية من صنع هذه القطعة فهي ليست جزءا من جدار، ولكنها منفردة، ولا نعرف إن كانت قد صنعت للاستخدام الشخصي وتم وضعها في المنزل أم أنها صنعت لأحد المساجد؟». القطعة التي تحمل صورة الكعبة والمسجد الحرام كانت تعتبر تقليدا متعارفا عليه في تركيا، وكانت توضع في المساجد أو البيوت لتحديد مكان القبلة ومازالت هناك قطع مشابهة في مسجد «رستم باشا»، ومسجد «آيا صوفيا» بإسطنبول. المميز في هذه القطعة كما تعلق بلمبلي هو تصوير المنارات السبع للمسجد ضمن الصحن الرئيسي للمسجد حيث تقف بشكل عمودي.

من القطع المميزة أيضا مخطوطة لآيات القرآن كتبت بالخط الكوفي، وزينت بماء الذهب، المخطوطة تحمل ميزة خاصة تستعرضها بلمبلي، وتقول: «المخطوطة من القرن العاشر الميلادي مما يجعلها من أوائل المخطوطات القرآنية الموجودة ويعود مصدرها إلى شمال أفريقيا أو الشرق الأدنى. وحيث إنها كتبت على الجلد، فتبدو الكتابة على أحد الجوانب وهي باهتة بينما نرى أن الكتابة لا تزال واضحة في الظهر».

في الخلفية يلفت النظر غرفة منفصلة خصصت لقطع الفن العثماني يزين حائطها ما يشبه ورق الحائط، الذي يحمل رسوما من الحياة في تركيا، الألوان زاهية جدا وتبدو غنية بالحياة. اللوحات الجدارية الضخمة، التي يبلغ عددها 25 لوحة تعود إلى فرنسا وصنعت في القرن الـ19 وبالتحديد في عام 1810 وتصور مشاهدا على شاطئ البسفور. تشير بلمبلي إلى أن اللوحات كانت معروضة في منزل قديم حتى قرر أصحابه إعادة تجديد الديكورات الداخلية وبيع اللوحات في المزاد.

ومن مزاد الفن الهندي أيضا هناك سيف يتميز بمقبض من الذهب المطعم بالأحجار الكريمة والماس، يعود تاريخ صناعته إلى القرن السابع عشر ويعتبر نموذجا لتقليد تطعيم القطع الذهبية بالأحجار الثمينة الذي استمر حتى القرن التاسع عشر.

ولا يخلو المزاد من قطع السجاد النادرة التي تزين أرجاء القاعة الكبرى بالدار ومن أبرز القطع المعروضة سجادة من خراسان يعود تاريخ صناعتها إلى أواخر القرن السابع عشر ويتراوح سعرها مابين 60 ألف إلى 80 ألف جنيه إسترليني. كما تبرز أيضا قطعة سجاد من العصر المملوكي، تعود إلى النصف الثاني من القرن الخامس عشر وتعد من أوائل القطع التي صنعت في تلك الفترة ويتماشى السعر التقديري لها من 600 ألف إلى 800 ألف جنيه إسترليني، مع مكانتها البارزة في تاريخ صناعة السجاد.

* فن الكتاب.. المخطوطات والمصاحف النادرة

* و ضمن أسبوع الفن الإسلامي، تقيم الدار أيضا مزادا خاصا بعنوان: «فن الكتاب» يضم مجموعة من المخطوطات والمصاحف النادرة التي تعود إلى مجموعة خاصة قرر صاحبها طرحها للبيع، والتبرع بريعها لصالح مكتبة «بودليان» بجامعة أكسفورد. المجموعة تضم منمنمات ومخطوطات من إيران والهند. ومن القطع المهمة هنا تشير بلمبلي إلى لوحة تمثل الإمبراطور الهندي «أكبر» في نهاية حياته، وربما تكون قد رسمت بعد وفاته. يحيط بالرسم إطار مزخرف بالورود وفروع الأشجار المصورة بشكل واقعي بديع التفاصيل والألوان وتقول: «هناك نماذج مماثلة لهذه اللوحة صنعت بناء على طلب الملوك والمهراجات.. المدهش هنا هو الاهتمام بتصوير الزهور والأشجار بشكل واقعي حي فقد كان الملوك والحكام في ذلك الوقت يهتمون بهذا الجانب ويبعثون بالخطاطين والفنانين لدراسة الطبيعة بشكل مكثف، حتى تظهر الرسومات بشكل واقعي حي» اللوحة المعروضة هنا مأخوذة من ألبوم كان ملكا للإمبراطور شاه جاهان. وجرت العادة على أن توضع اللوحات المرسومة داخل مجلدات تصنع خصيصا ويعد حولها إطارات مزخرفة لتحيط بها. «كانت تلك هي الطريقة التي يحافظ بها الملوك والحكام على اللوحات الخاصة بهم عبر حفظها داخل المجلدات». وليس بالضرورة أن يكون الفنان الذي رسم اللوحة هو نفسه الفنان الذي رسم الإطار المزخرف كما تجيب بلمبي: «في العادة يقوم فنان مختلف بإعداد الإطارات، فالألبومات هنا تعود إلى القرن التاسع عشر ويعود تاريخ رسم الإطارات داخلها إلى زمن آخر».

المجموعة تضم نماذج بديعة للزخارف المذهبة والخط وأيضا المخطوطات واللوحات.

* صندوق زوجة المهراجا

* ضمن معروضات مزاد فنون الهند نجد صندوقا من الخشب يبطن داخلها المخمل الأحمر، وينقسم إلى أجزاء بالداخل وضعت فيها علب صغيرة وقنينات عطر صغيرة، ما زالت تحمل بعض العطر وبعض أدوات الزينة، وبالأسفل درج مخملي قد خصص، فيما يبدو لحفظ قطع المجوهرات. الصندوق فيما يبدو كان هدية زفاف من المهراجا «دوليب سينج» إلى زوجته «بامبا مولر» التي التقى بها في القاهرة. وحسب المعلومات المتوفرة فقد عقد الزوجان قرانهما في الإسكندرية في 7 يونيو (حزيران) 1864 ثم رحلا إلى لندن حيث كلف المهراجا أحد الصناع بصنع الصندوق وأهداه لزوجته التي تنحدر من أصل ألماني - إثيوبي. يقدر للصندوق سعر يتراوح ما بين 10 آلاف إلى 12 ألف جنيه إسترليني.