مترو أنفاق القاهرة.. شريك حياة المصريين اليومية

يحتفل بيوبيله الفضي بإذاعة باقة من أشهر الأغاني الوطنية للركاب

مترو الأنفاق يعد من أهم الإنجازات التي شهدتها البلاد منذ بداية إنشائه في عام 1987
TT

حالة كرنفالية يعيشها منذ أيام مترو أنفاق العاصمة المصرية القاهرة، حولت محطاته المترامية في العاصمة وأطرافها إلى سوق للطرب والغناء، فأينما حللت في هذه المحطات، ستترامى إلى أذنيك باقة من أشهر الأغاني الوطنية التي شكلت بإيقاعاتها الخلابة ذاكرة ووجدان المصريين على مدار عدة سنوات.

ومنذ لامست عجلات المترو أرض القاهرة، لا تخلو ذاكرة أي مواطن مصري من موقف أو مشهد عايشه وهو يستخدم مترو الأنفاق، كما أن المترو، على الرغم مما يشهده من زحام في عرباته، لا يزال أسرع وأسهل وأرخص وسيلة مواصلات تساعدهم على التنقل بعيدا عن زحام المرور في ميادين القاهرة وضواحيها فوق الأرض.

وعلى الرغم من أن الاحتفال باليوبيل الفضي للمترو سيحل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، فإن إدارته استبقت الحدث وقررت أن تفتح شهية المواطنين للمشاركة والاحتفال به على نحو يليق بأهمية المناسبة، خاصة أن المترو أصبح صديقهم اليومي الذي قلما يسهو أو يخلف موعدا، فبادرت الإدارة، كخطوة أولى احتفالا بهذه المناسبة، إلى إذاعة الأغاني الوطنية في جميع المحطات.

المهندس علي حسين رئيس الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق تحدث لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مرور 25 عاما على إنشاء الجهاز قائلا: «مترو الأنفاق يعد من أهم الإنجازات التي شهدتها البلاد منذ بداية إنشائه في عام 1987، وعلى مدار هذا التاريخ شهد عددا من التطورات والتغيرات، ضمت نظم التشغيل والأمان والإشارات اللاسلكية. وقد بدأ بـ17 قطارا فقط، والآن بعد مرور 25 عاما وصلنا إلى نحو 95 قطارا بالخطوط الثلاثة بالقاهرة، وعدد العاملين به كان 700 عامل، أما اليوم فقد وصل عدد العاملين إلى أكثر من 7 آلاف عامل». وكشف عن أنه منذ بداية تشغيل المترو عام 1987 كان زمن التقاطر (الفرق ما بين القطار والآخر) من7 إلى 8 دقائق، ووصل زمن التقاطر اليوم إلى 4 دقائق بالخط الأول، و3 دقائق للخط الثاني و5 دقائق للخط الثالث.

وأضاف أنه بحلول نهاية عام 2012 سوف يتم تفعيل خدمة البطاقة الذكية الإلكترونية للاستخدام في الخطوط الثلاثة الحالية، وذلك بشحن وتعبئة البطاقة بالقيمة التي يفضلها المستهلك، بجانب التذاكر الورقية بقيمة جنيه مصري واحد للتذكرة.

وأضاف حسين أنه في خلال 18 شهرا المقبلة سوف يتم استخدام 20 قطارا جديدا مكيفا للخط الأول (حلوان - المرج).

وينادي حسين بضرورة إصدار قانون يواجه به الباعة الجائلين والمتسولين من عرض بضائعهم في رحلات المترو قائلا: «الآن فقط يتم تحرير محضر لهم، ويحال إلى النيابة العامة، وللأسف تفرج عنهم النيابة بضمان سكنهم أو محل إقامتهم وكأنها مجرد مصادرة، فيعود البائع مرة أخري، وهكذا!». ويري أنه على جمهور الركاب التعاون مع أفراد الأمن والشرطة في الالتزام وعدم التعامل مع الباعة الجائلين من أجل المحافظة على الصالح العام.

ويذكر أنه تم افتتاح الخط الأول بعد الانتهاء من ربط أحد خطوط السكك الحديدية السطحية الموجودة بالفعل والممتد من ميدان باب اللوق (عابدين) وحتى حلوان (ضاحية جنوبية بالقاهرة) وبين خط حديدي آخر ممتد من ميدان رمسيس وحتى المرج (ضاحية شمالية بالقاهرة): المرحلة الأولى (رمسيس - حلوان) وتم افتتاحها في عام 1987 بطول 29 كم، ثم المرحلة الثانية: (رمسيس - المرج) وتم افتتاحها في عام 1989 بطول 14 كم، وتلتها المرحلة الثالثة، حيث تم استكمال الجزء الشمالي من الخط الأول وتم افتتاحها في عام 1999 بطول 1.3 كم.

ونظرا للتخطيط العام لشوارع القاهرة خاصة منطقة وسط المدينة، تم حفر نفق لتفادي المترو يضم 5 محطات هي: الشهداء (ميدان رمسيس) وأحمد عرابي وجمال عبد الناصر (محطة الإسعاف) وأنور السادات (التحرير) وسعد زغلول، على الترتيب من الشمال للجنوب. مع العلم بأن هناك من بين تلك المحطات محطتين رئيسيتين هما الشهداء وأنور السادات، حيث تمثلان نقطة الارتباط بين الخط الأول والخط الثاني الذي تم تنفيذه لاحقا.

وقد تم إنشاء المحطات الواقعة تحت الأرض والنفق بأسلوب الحفر المكشوف بعمل الحوائط اللوحية لسند جوانب الحفر، وقد تم تصميمه لكي ينقل 60.000 راكب كل ساعة بزمن تقاطر 2.5 دقيقة وسرعة قصوى 100 كم - ساعة.

وفي عام 2000 تم تشغيل الخط الثاني من شبرا الخيمة وحتى محطة ضواحي الجيزة على مراحل متعددة. بطول نحو 19 كم و20 محطة. يتكون الخط من جزء سطحي بطول 6 كم يحتوي على 6 محطات سطحية، وجزء نفقي بطول 9.5 كم يحتوي على 10 محطات تحت الأرض إلى جانب المحطتين التبادليتين. وقد تم تصميمه لنقل 45.000 راكب - ساعة وبسرعة قصوى 80 كم - ساعة وزمن تقاطر 105 ثوان.

ويتم الآن إكمال إنشاء الخط الثالث من المترو الذي سيمتد من مدينة العبور مرورا بمدينة السلام والحرفيين حتى مطار القاهرة الدولي، وينقسم الخط إلى شقين، أحدهما يصل إلى إمبابة ثم بشتيل، والآخر يصل إلى بولاق ويمتد ليتقاطع مع الخط الثاني في محطة جامعة القاهرة ويبلغ طول الخط الثالث نحو 30 كم، وبذلك ستغطي شبكة المترو معظم العاصمة المصرية وضواحيها. ومع انطلاق ثورة 25 يناير (كانون الثاني) تخلى مترو الأنفاق عن كونه وسيلة مواصلات، وشهدت محطاته عدة وقفات احتجاجية كما شهدت أرصفته رسومات الغرافيتي على غرار أرصفة الشوارع الرئيسية بالعاصمة وضواحيها، من رسومات لوجوه شهداء الثورة انطلاقا إلى دعوات لمقاطعة الانتخابات البرلمانية والرئاسية. ومع زخم الحراك السياسي أصبحت عربات المترو بمثابة حلقة نقاشية متواصلة بين الركاب، ما بين مؤيد ومعارض، وغاضب ومتحمس، لكن في نهاية الرحلة يمضي كل راكب في طريقه! الطريف في الأمر أن العربات المخصصة للسيدات لم تسلم هي الأخرى من حلقات هذا النقاش، لكنها ومن منطلق أنثوي محض أضافت على هامشها بعدا اجتماعيا خاصا، فأصبحت عربات السيدات بمثابة مجتمع كامل، ينظر بعين وجلة للحياة خارج المترو، وبالعين الأخرى يثبت المشهد على عالم المرأة الخاص، فلا تستغرب أن ترى سيدة في منتصف الخمسينات تراقب شابة عشرينية، وبنظرة ثاقبة ترى يدها خالية من الدبل، فتفتح معها حوارا لطيفا وتخبرها عن ابنها المهندس الذي يبحث عن عروس وينتهي المشهد بتبادل أرقام الهواتف وتحديد موعد مع العائلة! ومع الاحتفال بيوبيله الفضي، ستتعدد هذه الصور والمشاهد، وتتنوع حلقات النقاش عن الحب والثورة والزواج.. ومحطة أخرى اسمها «السعادة» يراهن الكثير من الركاب على أن المترو سيوصلهم إليها في يوم ما.