فضائية مصرية تعيد عرض مسلسل «الجماعة» برؤية كروية

مؤلف العمل: ما يحدث مهزلة.. ونقاد: العرض تجاري مدفوع الأجر

إياد نصار بطل مسلسل «الجماعة»
TT

في أول حدث من نوعه على الفضائيات والتلفزيونات العربية، يتم عرض مسلسل درامي ثم تتبعه مناقشة تحليلية لأحداث كل حلقة في شكل أستوديو تحليلي على طريقة مباريات كرة القدم، لكن الاختلاف هنا يكمن في أن المحللين ليست لهم علاقة بالفن أو الإبداع الدرامي.

فعلى فضائية «القاهرة والناس» المصرية، يتم حاليا عرض مسلسل «الجماعة» للمرة الثانية، بعد أن تم عرضه للمرة الأولى في الموسم الرمضاني 2010. وهو العمل الذي أثار نقاشات كثيرة حوله وقتها، كون أحداثه تدور حول تاريخ جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ومؤسسها حسن البنا، حيث لاقى هجوما شديدا من جانب أعضاء الجماعة من حيث إنه لا يبرز الوجه الحقيقي لتنظيمهم السياسي، متهمين مؤلف العمل الكاتب والسينارست وحيد حامد بـ«الكاذب والمضلل» والعمل لحساب لنظام الرئيس السابق حسني مبارك الحاكم وقتها. ويتم العرض الحالي للمسلسل على نفس القناة التي أذاعته للمرة الأولى، والتي يملكها رجل الإعلانات الشهير طارق نور، لكن يعقب كل حلقة تحليل للأحداث التي جرت بها، وتصحيح الخاطئ من وجهة نظر «إخوانية» من خلال محللين، الأول هو المنسق الإعلامي للإخوان المسلمين، والثاني أحد الأساتذة الجامعيين المتخصصين بالشؤون الإسلامية.

ويأتي العرض التحليلي للعمل، في ظل حكم الرئيس محمد مرسي ذي الخلفية الإخوانية، وفي ظل وزير إعلام ينتمي للإخوان المسلمين، حيث تنوه القناة عن عرض المسلسل بشعار «الجماعة في الميزان.. دون حذف دون رقابة».

ويواجه العرض التحليلي لإعادة عرض مسلسل «الجماعة»، الذي قام ببطولته الأردني إياد نصار، وأخرجه المخرج السينمائي محمد ياسين، انتقادا شديدا من جانب نقاد ومحللين.

مؤلف العمل السينارست وحيد حامد قال لـ«الشرق الأوسط» عن عرض المسلسل في هذا الشكل الجديد: «سمعت من بعض المقربين عما يحدث، ولكن ليس لدي أي اهتمام بأن أشاهده بنفسي، لأني أعتبر ذلك مهزلة، ولا يمت بأي صلة للإبداع، وهذا هو المتوقع من (الإخوان)»، وأشار إلى أن عرض المسلسل للمرة الثانية بهذا الشكل يعد مسألة تجارية بحتة.

واستطرد قائلا إنه يترك التقييم للمثقفين وأصحاب الرأي، نافيا تخوفه على العمل الذي لاقي نجاحا أثناء عرضه للمرة الأولى، وإنه لا يخشى الادعاءات التي يقولها محللو «الإخوان»، مؤكدا أن العمل ما زال يحصد نجاحا، مهددا من يقترب من مشاهد العمل سواء بالحذف أو التدخل في الأحداث، كونه صاحب الحق الوحيد في العمل.

الكثير من النقاد والمؤلفين أيدوا وجهة نظر حامد، وأجمعوا على أن عملية العرض تجارية من الدرجة الأولى، ومنهم من اعتبرها مجرد ظاهره فردية ستحدث وتنتهي، فتقول الناقدة ماجدة خير الله: «هذا التحليل لا يعبر عن ظاهرة حقيقية، بل هي لعبة تجارية من قبل عارضي العمل بهذا الشكل لكسب (الإخوان) ومناصريهم».

وتعجبت من عرض المسلسل بهذا الشكل على نفس القناة التي أذاعته من قبل، وتابعت: «المدافع عن نفسه يدل على ضعف موقفه، والطريقة الحالية أو غيرها لا يمكنها أن تمحو تاريخ (الإخوان) المليء بالاغتيالات والعنف». وقارنت خير الله بين العرض الثاني لـ«الجماعة» وما حدث مع مسلسل «الملك فاروق»، حيث قام التلفزيون الحكومي بعمل ثلاثين حلقة للحديث عن الآثار السلبية للملكية بعد نجاح المسلسل وإشادة الجمهور بفترة الملكية، ولكنها لم تؤثر على الإطلاق على مشاهدي العمل ولم يلتفت إليها أحد.

الكاتب والسينارست بشير الديك، قال: «إن العرض التحليلي لمسلسل (الجماعة) أمر مثير للدهشة والاستغراب، وهي أقرب لمساحة إعلانية مدفوعة الأجر لصاحب القناة المعروف بأنه إمبراطور الإعلانات في مصر».

وبين الديك أنه شاهد بعض الحلقات التحليلية، ولكنه لم يستطع إكمالها من شدة العبث على حد قوله، حيث تفتقد لكافة النواحي العلمية والنقدية وأصول المهنة.

واعتبر الديك أن «هذا العرض جرس إنذار لمن يحاول الاقتراب من منطقة الإخوان المسلمين في الأعمال الفنية، فلديهم المقدرة على تسخيف ما يقال عنهم»، لكنه راهن في الوقت ذاته على ذكاء ووعي الجمهور المصري. أما المؤلف مدحت العدل، فوصف العرض التحليلي بـ«التهريج»، معتبرا إياه استثمارا لوجود الإخوان المسلمين في الحكم «وليس له علاقة بالإبداع والفن، فهذا التحليل غير منصف».

وتساءل العدل: «كيف يناقش التاريخ من وجهة واحدة، وتهمل وجهات النظر الأخرى؟ فكان من المفترض أن يكون هناك عرض للآراء المختلفة مع (الإخوان)».