في بث مباشر حي.. شبكة «تويتر» تعرض عملية جراحية لزراعة قوقعة الأذن

الأطباء يوظفون الشبكات الاجتماعية لرصد الأمراض حول العالم وتوعية السكان

TT

في قصة فريدة من نوعها، تحولت شبكة «تويتر» الاجتماعية على الإنترنت إلى مسرح عالمي لتشجيع آلاف المرضى المتخوفين من العمليات الجراحية وحثهم على إجرائها، إذ عرض أطباء أميركيون صورا حية لخطوات جراحية أجريت على مريضة كبيرة في السن، كانت خائفة من إجراء عملية لزرع قوقعة اصطناعية في الأذن لعلاج مشاكل في السمع لديها، على موقع «تويتر»، «إنستاغرام»..

في صباح أول من أمس الثلاثاء وعند الساعة العاشرة صباحا بتوقيت الساحل الغربي للولايات المتحدة (الساعة السادسة مساء بتوقيت غرينيتش)، خضعت السيدة إليانور داي، البالغة من العمر 79 عاما، لعملية جراحة زرع قوقعة الأذن، في المركز الطبي السويدي بسياتل، على يد طاقم طبي برئاسة الجراح دوغلاس باكوس. وكان في ردهة العمليات شخص آخر هو دريو سايموندز، مندوب فريق الاتصالات في المركز، الذي وظف هاتفه الذكي لالتقاط الصور وبثها مع الحديث التفصيلي الذي كان الجراح يدلي به، عن خطوات إجراء العملية الجراحية، لإرسال كل تفاصيل العملية إلى موقع «تويتر» في بث مباشر حي.

وتنفس الجميع الصعداء، سواء كانوا من متابعي البث على «تويتر»، أو السيد داي، زوج المريضة الذي كان يجلس مشاهدا الحدث في غرفة الانتظار، أو الطاقم الطبي، عندما تمت العملية بسلام.

وتتحول الشبكات الاجتماعية على الإنترنت، مثل الوسائط الإعلامية واسعة الانتشار «فيس بوك» و«تويتر» و«غوغل» و«إنستاغرام» وغيرها من الوسائط الأقل شهرة، إلى كيان إعلامي جبار في شتى ميادين المعرفة، وخصوصا في الميدان الطبي. ورغم أن هذه الوسائط الإعلامية الإلكترونية تزخر بالكثير من المزاعم والادعاءات والتهويلات، إضافة إلى الأخبار والنصائح الجيدة، فإن الباحثين الطبيين يحاولون توظيفها في توجيه ملايين المشاركين، خصوصا الشبان والمراهقين وحتى كبار السن، لدعم السلوك الجيد والنشأة السليمة والتوعية الصحية.

وقد تمثل أحد أهداف البث الحي للعملية الجراحية للسيدة داي عبر الشبكة الاجتماعية، في أن أطباء المريضة أرادوا تشجيع المرضى المماثلين، أكثر فأكثر، على إجراء العملية الجراحية التي تعيد السمع لهم، إذ لا يختار سوى 10% من المرضى المؤهلين طبيا للعملية، الخضوع لزرع قوقعة الأذن جراحيا، وفقا للدكتور باكوس.

ويحدث هذا، لأن غالبية المرضى هؤلاء لا يعرفون ما الذي يجريه الأطباء بعد تخدير المريض وفقدانه لوعيه ووضعه على طاولة العمليات. وقال باكوس إن «الاستجابة التي لمسناها من الأفراد عبر الإنترنت، كانت مماثلة بالضبط لما كنا نأمله من بث هذه العملية الجراحية مباشرة»، فقد تشارك المشتركون في «تويتر» بآرائهم حول زراعة قوقعة الأذن، كما أننا استطعنا أن نتواصل مع الأفراد المعانين من مشاكل في السمع الذين لم يخضعوا حتى الآن لهذه العملية التي ستغير كل حياتهم».

ويقود الكثير من الأطباء حملة لزيادة الشفافية في المستشفيات، ويقترحون أن يكون تزويد المرضى بتسجيلات فيديو لخطوات العملية إحدى وسائل الإصلاح في ميدان التوعية بالعمليات الجراحية. وهناك توجهات عالمية لنشر الصور ومقاطع الفيديو لمختلف العمليات الجراحية، إذ يقوم الدكتور أنجيلو فولدانيسن، الأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة هارفارد، مثلا بإنتاج تسجيلات فيديو لتوعية المرضى قبل اتخاذهم لقراراتهم بشأن إجراء أي عملية جراحية.

وقد مثل البث الحي المباشر للعملية التي أجريت على السيدة داي، دعما قويا للمرضى من جهة، وإزالة لهالة الخوف المحيطة بالعملية من جهة أخرى. ورغم أن بعضا من الصور المرسلة عبر الإنترنت كانت «مخيفة» نوعا ما، فإن الباحثين تمكنوا من تخفيفها.

واستمرت العملية الجراحية 30 دقيقة، من ضمنها فترة تدقيق إجراءات السلامة. ونطقت المريضة بأولى كلماتها بعد أن استيقظت من تأثير المخدر بقولها: «إني أشعر كأني متأهبة للذهاب إلى حفلة!». وسوف يتم تشغيل القوقعة المزروعة للمريضة يوم 14 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي لكي تتمكن المريضة من السمع لأول مرة منذ 5 أعوام.. وسوف تعرض الإجراءات على موقع «يوتيوب»، وفقا لموقع «www.theatlantic.com» الإلكتروني الذي نشر القصة مع عشرات الصور لكل مرحلة من مراحل العملية الجراحية على الإنترنت.

وهناك حادثة أخرى وقعت هذا العام نوردها هنا، تظهر مدى فائدة الشبكات الاجتماعية للأطباء، الذين يعكفون على تحويلها إلى منتدى عالمي لرصد الأمراض والتوعية بها. وتغير هذه الشبكات من الوسائل التي كان الأطباء، وخصوصا خبراء الأمراض المعدية، يوظفونها لاكتشاف الأمراض ورصد انتشارها، فبدلا من توجههم نحو موقع المرض المعدي الجديد وهم مجهزون بأدواتهم المختبرية، وقيامهم بمقابلة الأفراد المصابين على انفراد وجمع البيانات، وانتظار النتائج أياما وأسابيع - أصبح بمقدورهم الآن التواصل مع مجموعات الخبراء والسكان في كل مكان في العالم حتى خارج الإطار الحكومي الرسمي بهدف التوصل إلى رصد الأمراض بسهولة وسرعة.

وإليكم الحادثة التي تبين قوة الإنترنت: في إحدى ليالي شهر فبراير (شباط) الماضي الباردة، اجتمع الحضور المشاركون في مؤتمر «دومين فيست» العالمي بلوس أنجليس في خيمة كبيرة لتناول طعامهم، وبعد عدة أيام مرض أحدهم وهو الباحث التقني الألماني نيكو زيفانغ، الذي يبلغ من العمر 28 عاما. وكانت أعراض مرضه رعشة، وحمى قوية. وتشارك أربعة من زملائه في نفس الأعراض. وتوجه فورا ليسجل في موقعه على «فيس بوك» هذه الأعراض، وخلال 24 ساعة جمع 80 شخصا من المؤتمرين كانت لهم نفس الأعراض.

وبعد أيام من ذلك، وحدت سلطات لوس أنجليس الصحية جهودها مع مراكز مكافحة الأمراض والوقاية للبحث في أسباب المرض. إلا أن الكثيرين من المرضى الذين كانوا قد عادوا إلى بلدانهم تعرفوا على كنه المرض - وهو مرض الفيالق.

وهكذا، وفي هذه الأحوال، لم يضطر أي خبير من مراكز مكافحة الأمراض أو من سلطات لوس أنجليس إلى التوجه إلى منزل المريض الألماني، بل إنهم تشاركوا في شبكة «فيس بوك» وتعرفوا على أعراض كل مصاب وقدموا توصياتهم الطبية. وقد قادت الثورة في الشبكات الاجتماعية إلى نشوء ميدان طبي جديد، أطلق عليه «علم الأوبئة الكومبيوتري» الذي يوظف البيانات المجمعة بوسائل غير تقليدية لوضع تنبؤات عن انتشار الأمراض، وذلك عند تشارك الباحثين بالمعلومات في شبكات «فيس بوك» و«تويتر» وحضور منتديات الحوار وزيارات شتى المدونات الإلكترونية.

ومن بين الأحداث «المثيرة» التي وقعت مؤخرا في هذا الشأن، اعتراف المغنية الشهيرة الليدي غاغا على شبكة «تويتر» بأنها كانت تعاني وهي في الخامسة عشرة من عمرها مرض فقدان الشهية العصابي ومرض الشراهة العصابي، مما أثار مناقشات كثيرة على الموقع، حاول المشاركون خلالها التشارك في التجارب والبحث عن حلول صحية.