مهرجان «نور».. فن وثقافة وأدب من الشرق الأوسط تثري أجواء لندن

في عامه الثالث.. وضمن الروزنامة الثقافية للعاصمة البريطانية

من الفعاليات الموسيقية التي ستقام ضمن مهرجان «نور»
TT

رغم حداثة عمره (ثلاثة أعوام) فإن مهرجان «نور» للثقافة، والذي يعنى بثقافة الشرق الأوسط، أصبح حدثا مهما في الروزنامة الثقافية للندن، خاصة للمهتمين بالمنطقة. المهرجان الذي يصدر عن بلدية تشيلسي وكينزنغتون ويتخذ من متحف «ليتون هاوس» مقرا له، أعلن افتتاح دورته الثالثة أول من أمس، ويحمل وعودا بأحداث حافلة تنتظم على مدى شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني)، وتضم فعاليات فنية وموسيقية متنوعة.

ويبدو دليل المهرجان متخما بالأحداث والفعاليات، لكنه أيضا يعد بالكثير الذي سيجذب أعدادا كبيرة من المقيمين في العاصمة البريطانية إلى فعاليات المهرجان. آلان كيروان، مدير المشاريع في البلدية والمسؤول عن المهرجان، يبدأ حديثه مع «الشرق الأوسط» بالإشارة إلى حفل إطلاق المهرجان الذي أقيم في متحف فيكتوريا آند ألبرت يوم الاثنين وحضره نحو 300 ضيف. الحفل رسم صورة مقتضبة لما يمكن أن يتوقعه الضيوف من المهرجان، فعبر كلمة ألقتها ماهيلا ماليك، أستاذة القانون بكينغز كوليدج، تم الحديث حول الأوضاع الحالية في منطقة الشرق الأوسط والتي تشهد تقاطعا واضحا بين السياسة والثقافة. وأشارت ماليك إلى أن أفضل وسيلة لفهم المنطقة هي عبر الثقافة، مؤكدة بذلك الرسالة التي يقوم عليها مهرجان «نور». أما المغنية ريم كيلاني التي ستشارك في المهرجان بالغناء فألقت كلمة أيضا تناولت فيها تأثير المهرجان على الفنانين من المنطقة، لكنها أشارت أيضا إلى التأثير الخاص الذي يشعر به الفنانون العرب الذين يعيشون في لندن.

لكن هذا العام لا يحصر المهرجان فعالياته داخل متحف «ليتون هاوس» الذي يبدو بغرفه الشرقية الطراز والفسيفساء والنافورة التي تتوسط غرفة بديعة التفاصيل المكان الأنسب لاحتضان مهرجان حول الشرق الأوسط. فإلى جانب «ليتون هاوس» تتشعب الفعاليات في متحف فيكتوريا آند ألبرت والمركز الإسماعيلي وموزاييك رومز وغيرها من المؤسسات. ويعلق كيروان على ذلك بقوله «هناك أكثر من سبب لذلك، فـ(ليتون هاوس) هو متحف في المقام الأول، وقد تأثر بناؤه الداخلي بشكل كبير من أعداد الزوار التي توافدت لحضور المهرجان في دورتيه الأولى والثانية، ووصل التأثير إلى درجة اضطررنا معها لرد بعض الزوار. هناك جانب آخر لتنوع جهات العرض وذلك جاء تأثرا من رد الفعل الإيجابي الذي تلقيناه حول المهرجان سواء كان ذلك من الجمهور أو من المسؤولين في بلدية تشيلسي وكينزنغتون الذين كان رأيهم أن تتسع دائرة المهرجان إلى أبعد من محيط ليتون هاوس».

وخلال السنوات القليلة الماضية شهدت لندن اهتماما خاصا بالفنون والثقافة العربية والإسلامية، وأصبحت في ما يبدو وجهة جديدة لمن يريد متابعة الجديد في هذا المجال، وتنوعت الفعاليات التي أقيمت فيها من مهرجانات متخصصة وحفلات موسيقية إلى معارض فنية ومحاضرات وعروض أزياء ومجوهرات وغيرها. وبالنسبة لكيروان فالمنافسة المتشعبة تبدو مختلفة في توجهاتها وطبيعتها، فيقول «مهرجانات مثل مهرجان (شباك) للثقافة العربية الذي يرعاه عمدة لندن مختلف عن (نور)، فـ(شباك) يقام مرة كل عامين في الصيف، ويتوجه إلى سكان العاصمة عبر مواقع مختلفة في أنحائها، وكذلك الحال بالنسبة لمهرجان ليفربول.. أما (نور) فيتميز بانطلاقه من منطقة تشيلسي وكينزنغتون حيث يوجد تركيز عال من السكان ذوي الأصول العربية والشرقية والمؤسسات المختصة بالثقافة والفن الشرق أوسطي، فلدينا هذا العام تعاون وثيق مع متحف فيكتوريا آند ألبرت في حي ساوث كينزنغتون، كما قام فريقنا بالتعاون مع مركز التراث الإسلامي في لندن. وحين نقوم بالترويج للفنانين العرب هنا فنحن أيضا نروج لسكان منطقتي تشيلسي وكينزنغتون».

تحديد المنطقة يبدو أمرا جوهريا في ما يبدو لتحديد الهوية، وبالتالي فإن التعاون مع البلديات المجاورة لتوسيع دائرة المهرجان غير مطروح حاليا حسبما يقول كيروان «أعتقد أن الرؤية الحالية تنحصر في حدود بلدية تشيلسي وكينزنغتون، لكن هذا لا يمنعنا من تكليف فنانين من أماكن أخرى للمشاركة معنا، أيضا جمهورنا يمتد لأبعد من هذه الحدود. أعتقد أن هذا الأمر يمنحنا هوية خاصة ويحدد طبيعة عملنا وما نقدمه لخدمة المجتمع المحلي».

وقد يكون التعاون خارج البلدية غير وارد، لكن التعاون مع المؤسسات والفعاليات الثقافية والفنية المماثلة لـ«نور» أمر مهم لإثراء المهرجان، فيشير كيروان إلى أن المهرجان في دورته الحالية استفاد من التعاون مع جهات أخرى مثل مهرجان «مينا» السينمائي ومتحف «فيكتوريا آند ألبرت».

من ضمن الفعاليات التي تبرز في دليل المهرجان فعالية «الكاتب المقيم» التي تعيد إلى الذهن فعالية «الطاهي المقيم» الذي قدمها المهرجان العام الماضي وقامت من خلالها الطاهية أنيسة الحلو بعقد مجموعة من ورش العمل للتعريف بالمطبخ العربي. ويقول كيروان «العام الماضي تناولنا الطعام في الشرق الأوسط، وهذا العام تركز الفعالية على الأدب العربي، فستقوم الكاتبة سلمى الدباغ بدور (الكاتب المقيم) لدينا وتلقي عددا من المحاضرات والورش حول الكتابة وعالم النشر. الفكرة بدأت حينما كنت أقوم بإجراء بعض الأبحاث في المكتبة لدينا وعبر عدد من المناقشات مع المسؤولين هناك توصلنا إلى فكرة فعالية (الكاتب المقيم)، وقمت بالتنسيق مع دار (بلومزبري قطر) للنشر لاستضافة سلمى الدباغ».

ومن الفعاليات المقامة هناك أيضا معرض «ضوء من الشرق الأوسط» الفوتوغرافي الذي يستضيفه متحف فيكتوريا آند ألبرت والذي يتناول الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية للمنطقة عبر أعمال عدد من المصورين العرب. أيضا هناك معرض للفنان المغربي عبد الرحيم يامو في موزاييك رومز وحفلات غنائية وعروض أفلام من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن مهرجان مينا السينمائي.