مهندس ألماني يصمم فندقا كبيرا تحت الماء في الصين

يتسع لـ200 نزيل ويرتفع ويهبط عن الماء كالغواصة

مخطط الفندق الذي ينوي هاوزر بناءه في الصين
TT

تبدو الإقامة في بناء تحت الماء، في عمق البحر، مثل أفلام الخيال العلمي الهوليوودية عن قارة أتلانتس الغارقة. فهناك يستطيع الإنسان أن يرى بيئة الحياة البحرية مباشرة، يستطيع أن يزيح جدار غرفته الحديدي عن شباك زجاجي يطل على البحر، وذلك بلمسة زر، كما يستطيع أن يتجول بين الشعب المرجانية على متن غواصة صغيرة تنطلق من ميناء الفندق الكبير.

وواقع الحال أن هناك اليوم بعض فنادق الأعماق في العالم، كما هي الحال في جزر فيجي، وفي السويد، إلا أنها فنادق صغيرة تم بناؤها في قاع البحر، لكن المهندس الألماني يواخيم هاوزر يخطط لبناء فندق نصف طافٍ (نصف غاطس) يتسع لـ200 نزيل، فضلا عن القاعات الكبيرة، والمنتجعات، والمطاعم، والمواني، وغيرها من مستلزمات العيش في جزيرة كاملة تغطس تحت الماء.

مثل هذا الحلم يود المهندس الألماني، من ميونيخ البافارية، بناءه قرب سواحل الصين الجنوبية وبالتعاون مع رجال الأعمال الصينيين. ووضع المهندس مخططا لبناء فندق كبير يتسع لـ200 نزيل، يتيح الإقامة في غرف لشخص واحد، وفي غرف مزدوجة، وفي أجنحة راقية. والفندق، حسب تعبير هاوزر، عبارة عن باخرة سياحية، وغواصة كبيرة وعوامة في آن واحد. ويمكن لإدارة الفندق التحكم في العمق اللازم الذي يغطسه الفندق، كما يتحكم كابتن الغواصة في عمق مسار غواصته.

ويستطيع الفندق أن يتحمل الصدمات، والكثير من الضغط، ولن تستجد الحاجة إلى إخلائه إلا عند حصول طوفان أو تسونامي. فالفندق مزود بأجهزة صوتية وإلكترونية تضمن الإنذار المبكر من حالة الطقس، كما أنه مزود بتقنية ضد الصدمات، بمعنى مواجهة احتمال أن تفقد باخرة كبيرة مسارها يوميا بالصدفة وتصطدم بالفندق. كما أنه مزود بشبكة طرق طوارئ، وأكثر من مرفأ ترسو عليه الزوارق الصغيرة والكبيرة، هذا إضافة إلى مطار صغير للهيليكوبترات والطائرات الصغيرة.

تم وضع مخطط الفندق، وتقنيات غوصه وطوفانه، بتعاون المهندس البافاري مع المكتب الهندسي البرليني غيفرز وبودفيل. ونال الفندق إجازة البناء من شركة «للويد» الألمانية التي تعمل بمثابة مانح إجازات للغواصات والبواخر، كما تتولى التأمين على ناقلات النفط والبواخر الكبيرة.

ويظهر المخطط، الذي وزعه المهندس على الصحافة، فندقا يشبه جزيرة عائمة، بتصاميم مستقبلية جميلة، طوله 135 مترا وعرضه 70 مترا. يبقى ثلثا الفندق تحت الماء في الحالات الاعتيادية مع إمكانية زيادة العمق، أو تقليله، باستخدام تقنيات الغواصات. وسيجري بناء الفندق العائم على سواحل الصين ثم يتم سحبه، بواسطة ساحبات ناقلات النفط إلى عرض البحر. وفي الفترة الأولى سيتوقف الفندق - الغواصة على بعد 800 - 1000 متر عن سواحل الصين الجنوبية، ويمكن بعدها تغيير مكانه حسب الطلب.

هذا يعني أن الغرف والأجنحة ستكون على عمق 15 مترا، أو أكثر، تحت سطح البحر، كي تتاح الفرصة للزوار لرؤية البيئة البحرية بالعين المجردة، ودون الحاجة إلى إضاءة. ويقول هاوزر إن من الممكن بناء الفندق على قاع البحر، لكن المتعة الحقيقية هناك مستحيلة بسبب الظلام، واستخدام الإنارة سيفزع الأسماك ويبعدها عن غرف الفندق. ولذلك فقد فضل المهندس عمقا صغيرا تحت البحر، وقرب الشعب المرجانية، والكهوف الجميلة، على قاع البحر المظلم.

حاول يواخيم هاوزر بناء أول فندق تحت الماء في دبي عام 2003، لكن المشروع فشل حينها لأسباب اقتصادية. ويقول هاوزر الآن إنهم أخطأوا آنذاك مع الإماراتيين، لأنهم وجدوا ممولا أوروبيا للمشروع، في حين كان رجال الأعمال الإماراتيون يودون تمويل المشروع بأنفسهم. على أية حال، الفكرة تغيرت كثيرا خلال السنوات العشر الماضية، وصار المطروح الآن فندقا غواصا ومتحركا بدل المشروع الثابت القديم. وحقق المشروع النجاح هذه المرة لأن هاوزر ترك التمويل لشركة مساهمة تشارك فيها الدولة الصينية إلى جانب مجموع من رجال الأعمال.

ترتفع كلفة المشروع إلى 180 مليون دولار، يبدأ العمل به عام 2013، ويفترض أن يجري سحبه إلى البحر، ويجري افتتاحه، بعد أربع سنوات من الآن. وهو مؤمن تماما ضد الحريق والفيضانات، ولا يمكن سوى لـ«طوفان» أن يهدد أمن نزلائه، حسب تعبير المهندس نفسه. المهم أن الأسعار فيه تتراوح بين الغرفة البسيطة التي يمكن النوم تحت سقفها لليلة واحدة مقابل 850 دولارا، والأجنحة الفارهة التي تكلف الإقامة فيها 15 ألف دولار كل ليلة. وحسب مصادر المهندس فهناك في الصين اليوم فنادق من نفس هذه الأسعار، رغم أنها مبنية على الأرض وقرب المدن المزدحمة.

وزود هاوزر فندقه الغاطس بقاعات كبيرة تتسع لمئات المشاركين في المؤتمرات الخاصة، ويمكن أن تحتضن اجتماعات نوادي الأثرياء، وأن تحول الفندق إلى غواصة اجتماعات من الطراز الأول. عدا عن ذلك فهناك منتجع صحي (سبا) وعدة مطاعم، غاطسة وعائمة، تقدم وجبات الطعام البحرية، وخصوصا طبخات الأشنات والعوالق البحرية النادرة.

والفندق ليس «اكواريوم»، أي ليس حوض زجاج كبيرا للأحياء المائية، وإنما عبارة عن معايشة حقيقية مع البيئة البحرية، عبر نوافذ زجاجية آمنة، ورحلات سباحة وغطس، وسفرات سياحية بغواصة صغيرة تتسع لثلاثة أشخاص إلى الشعب المرجانية والكهوف القريبة. والهدف منه ليس السياحة العامة لأنه مخصص للضيوف الخاصين، ويرى هاوزر أنه لو كان تم افتتاح الفندق عام 2008، أي قبل الألعاب الأولمبية في الصين، لاجتذب ملايين الفضوليين وكاميراتهم، ولأبعد مثل هذا «الهجوم» الضيوف الباحثين عن الهدوء والعيش على الطبيعة.

يذكر أن هناك فندقا صغيرا تحت البحر في السويد يحمل اسم «أوتر آن»، على عمق 5 - 7 أمتار، ويتسع إلى 21 غرفة. وفيه مركز غطس صغير وشباك بانوراما كبير يطل على البحر من الألياف الزجاجية التي سمكها 10 سم.

أما فندق «بوسايدون اندري ريسورت» تحت البحر فيقع في إحدى جزر فيجي، قرب الشعب المرجانية، وعلى عمق 12 مترا. والفندق مؤلف من 24 كبسولة يرتبط بعضها مع بعض بممرات وفيه أكثر من 20 غرفة مزدوجة. هناك مركز للغطس أيضا، ومزود بغواصة صغيرة تتسع لثلاثة أشخاص ويمكنها الغطس إلى عمق 300 متر. ويطل الفندق على البحر عبر أكثر من شباك زجاجي كبير.

شركة «ديب أوشن تكنولوجي»، البولندية الألمانية، أخذت على عاتقها مهمة بناء أول فندق تحت الماء في دبي. ويطلق على الفندق اسم «ووتر ديسكوس» بسبب شكله القرصي الغاطس، والأبنية القرصية الشكل الملحقة بالفندق فوق سطح الماء. ويفترض أن تبلغ مساحته في قاع البحر 1000 متر مربع، يتسع إلى 21 زائرا، ويقع على عمق 10 متر تحت الماء. والفندق مزود بمنتجع ومقصف وباحة مكشوفة على سطح البحر، ومطار صغير لمن يود بلوغ الفندق جوا على متن الهليكوبتر.