سليمان العيسى.. صوت التلفزيون الرسمي في السعودية

ركض في الإعلام أكثر من 40 ربيعا وتوفي عن عمر يناهز الـ68 خريفا

TT

أدى المصلون في الحرم المكي صلاة الميت عقب صلاة المغرب يوم أمس، على جثمان سليمان العيسى الإعلامي السعودي والمستشار في الديوان الملكي. وسجل، يوم أول من أمس، آخر صفحة من حياة الإعلامي المخضرم، الذي ركض 4 عقود في الإعلام بشقي الصحافة والتلفزيون، عن عمر يناهز 68 عاما.

وتتذكر العائلات السعودية عند اجتماعها في نشرات التاسعة لمتابعة الأخبار على التلفزيون الرسمي السعودي، ما كان يذيعه العيسى من أوامر، كما يتذكر عشاق الرياضة الكلمات الترحيبية، والتعليق على تسليم الكؤوس والبطولات للاعبين، ويمتد ذلك إلى إعلان سنوي لميزانية البلاد، ليصبح العيسى صوت الدولة لدى المواطنين عبر التلفزيون.

اشتهر العيسى بنبرة شهيرة معلّقة في آذان الذاكرة الشعبية والنخبوية في السعودية، كما اشتهر بإشارة بيده وقت نهاية برنامجه الشهير «مع الناس»، كانت مكان تداول الجمهور الذي لم يعهد وقتها الجرأة في تناول الأطروحات وهموم المواطنين أمام المسؤول.

ويكفى فتى شقراء (حاضرة منطقة الوشم) فخرا أن نبرته التي يحبذ السعوديون تسميتها بـ«الملكية»، لن تزول، نظير ارتباطها في الأذهان بشكل مباشر بالأوامر التي تصدر عن الدولة، السار منها والمؤلم. ولعل تحذيراته إبان حرب الخليج، إلى جانب كل الأوامر الملكية الصادرة عن الديوان الملكي في عهد الملوك خالد وفهد وعبد الله، طبعت صوته كمعلن رسمي عن كل ما يصدر من الدولة إلى المجتمع.

يقول حمد القاضي عضو مجلس الشورى وأحد أصدقاء الراحل: «إن العيسى (رحمه الله) خدم المنظومة الإعلامية والثقافية لما يربو على 4 عقود بحس المواطن وثقافة الإعلامي، والفقيد، بحكم خبرته، كان يتسم بأسلوب فريد، يتمثل في إعطاء المناسبات التي يشرع في تغطيتها ما يتلاءم معها من الناحية المهنية، سواء بنبرة صوته، أو انتقاء مفرداته»، ويستطرد القاضي: «عندما تكون المناسبة فرحة للوطن؛ كإعلان المشاريع، أو زيادات الرواتب، تتوسد الفرحة ملامح وجهه وصوته، وفي المقابل يخيم الألم على قسماته ولفظاته وقتما يغطي المناسبات الحزينة، ولعل آخر مناسبة غطاها آلمت الوطن عند رحيل الأمير نايف بن عبد العزيز، أبدع وأعطى المناسبة حقها وقت التغطية الإعلامية لمراسم الصلاة والعزاء على الفقيد».

سليمان العيسى خريج كلية الآداب، ترك بصمة في أسلوب تقديم الاحتفالات الرسمية والملكية، وتخطتها لتطال المناسبات الحكومية حتى غير رفيعة المستوى، إذ يقلده غالبية المقدمين في طريقة التقديم. ولمن يحضر أي مناسبة رسمية أن يدقق السمع على وقع الكلمات وطريقة إلقاء مقدمي الاحتفالات الرسمية أو العسكرية في السعودية، حتما نغمة العيسى الموشاة ببحة خفيفة. إذ يقف بين كل 3 كلمات أو 4 على الأكثر، ليواصل السرد على الوقع ذاته. وتركت بصمته على تاريخ الإعلام السعودي أسلوبا لا يوصف سوى بالفريد. جال العيسى في ميدان الصحافة عبر صحف «الجزيرة» و«البلاد» و«الدعوة»، قبل أن تتحول الأخيرة إلى مجلة. كما علّق في فترات من حياته على مباريات كرة القدم، وقرأ، إلى وقت قريب، نشرات الأخبار سواء المهمة أو العادية.

صارع الإعلامي المخضرم المرض ولقي ربه يوم أول من أمس في مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، جراء مرض صدري. وسابق الدكتور عبد العزيز خوجه وزير الإعلام السعودي ناعيا إياه في «تويتر» بالقول: «أسكن الله فقيدنا سليمان العيسى فسيح جناته. إنا لله وإنا إليه راجعون»، ولم يتوان الأمير تركي بن سلطان نائب وزير الإعلام للشؤون الإعلامية في نعيه، وبعث في رسالة وزعتها الوزارة على الصحف «ببالغ الحزن والأسى تلقينا نبأ الوفاة.. ونبتهل إلى الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ورضوانه».