معرض فرانكفورت الدولي للكتاب يسلط الضوء على أحدث أفكار النشر

«التمويل الجماعي» وسيلة جديدة للنشر تدخل حيز التنفيذ في المعرض الأهم عالميا

الجناح النيوزيلندي ضيف الشرف في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب الذي ستفتتح أبوابه الأربعاء (إ.ب.أ)
TT

يفتح معرض فرنكفورت الدولي للكتاب أبوابه أمام الجمهور غدا الأربعاء، حيث يركز على أحدث أساليب النشر بما فيها ما يطلق عليه «التعهد الجماعي».

ويعتبر المعرض الذي يستمر 5 أيام أكبر سوق في العالم للحصول على حقوق الترجمة، التي يسيطر عليها ناشرون من الولايات المتحدة وبريطانيا. ويحضر المعرض ناشرون من كل أنحاء العالم بحثا عن العناوين الناجحة لإعادة نشرها بلغاتهم الخاصة.

وفيما تحقق الكتب الإلكترونية تقدما ملحوظا في تجارة الكتب، يقول المنظمون إن المعرض، الذي تشارك فيه نحو 100 دولة، ليس المعقل الأخير للكتاب التقليدي، ولكن بمثابة مركز لتطوير أفكار المستقبل في مجال النشر.

ويضيف المنظمون إن «المحتوى» هو ما يبحث عنه الناشرون سواء كان هذا يرتبط بكتب أو أفلام أو ألعاب فيديو أو على مواقع الإنترنت. ولا تعد عبارة «التمويل الجماعي» سوى واحدة من العبارات الطنانة الجديدة التي تصف الأساليب الجديدة لإنتاج الكتب.

وتعتمد الفكرة على إحالة المؤلفين ممن لديهم أفكار لكتب واعدة إلى القراء المحتملين عبر الإنترنت، وجمع تبرعات منهم لسداد التكاليف اللازمة لإنجاز الكتاب، والمساعدة في إظهار أعمالهم للنور. ويساعد إقحام القراء مبكرا على بيع الكتب بمجرد الانتهاء من كتابتها.

فعلى سبيل المثال، لا يخصص موقع «كيكستارتر»، ومقره الولايات المتحدة، أي عوائد مالية للممولين، ولكن يمكن منحهم نسخا من الكتاب، فيما يطبع موقع «انبوند»، ومقره بريطانيا، أسماء الممولين على الغلاف الخلفي للكتاب كما يتحول المساهمون إلى ناشرين للكتاب فضلا عن تقسيم صافي الربح بينهم وبين المؤلفين.

ويتوقع أن يراقب نحو 7300 ناشر، يشاركون بالمعرض في المتوسط سنويا، عن كثب مفهوم «التمويل الجماعي»، وفيما إذا كان سيصبح إضافة جديدة للطرق التقليدية لنشر الكتب.

وهناك مصدر آخر جديد محتمل للمحتوى، ويتمثل في مواقع محبي الخيال حيث يكتب القراء أجزاء جديدة لقصص شعبية مشهورة، كما يتضح من مبيعات ثلاثية الكاتبة البريطانية إي إل جيمس المثيرة «فيفتي شيدز أوف جراي».

ونشرت جيمس السلسلة في الأصل على موقع للمعجبين بسلسلة مصاصي الدماء «توايلايت» (الشفق) على الإنترنت، ولكن منذ ذلك الحين أصبحت أعمالها الخاصة من بين الروايات الأكثر مبيعا في العالم.

ويشير يورجن بوز، الرئيس التنفيذي للمعرض، إلى مجال آخر أظهر في الآونة الأخيرة أفكارا جديدة للنشر، وهو أدب الأطفال والمراهقين. وأوضح أن القراء من الشباب لديهم القدرة على الانسجام مع الأساليب المبتكرة المقابلة للكتب الورقية ومحتوى الإنترنت.

وتتوقع المدارس حاليا أن تشمل مجموعة الكتب الدراسية أيضا محتوى رقميا. فالقراءة الترفيهية بين الشباب في الغالب ما تحفز على كتابة تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»، ونتيجة لذلك تنتشر الكتب الجديدة بسرعة كبيرة.

ومن المتوقع أن تحصل صناعة النشر في نيوزيلندا على دفعة قوية بسبب وجودها كضيف شرف لهذا العام.

وسترسل ويلنغتون ما يقرب من 70 من كتابها المرموقين مثل بول كليف وبادي ريتشاردسون المعروفين بقصص الإثارة والتشويق، إلى فرانكفورت لعرض كتبهم للناشرين وبائعي الكتب الألمان.

ويركز المعرض السنوي على بلد واحد ليستقطب تغطية وسائط الإعلام على الصعيد الوطني. ويستقبل المعرض اليوم الثلاثاء الزائرين المتخصصين مركزا على الدولة الضيف، في حين سيفتح أبوابه أمام الجمهور اعتبارا من يوم الأربعاء.

وبمساعدة المنح، تم ترجمة 66 كتابا نيوزيلنديا من الإنجليزية إلى الألمانية لتكون متاحة للبيع في موسم الأعياد باعتباره موسم الذروة، وبمتوسط سنوي يظهر 10 كتب فقط في ألمانيا من دولة نيوزيلندا الصغيرة التي يقطنها 4.4 مليون نسمة.

ولن يغفل معرض الكتاب أيضا الأزمة الاقتصادية الراهنة في منطقة اليورو.

ويعترف طاقم العاملين مع المدير التنفيذي بوز بأن الناشرين من الدول المثقلة بالديون، مثل إيطاليا وإسبانيا، قلصوا وجودهم بالمعرض.

ولتوفير المال، من المحتمل أن تكتفي الشركات التي كانت تحجز مقصورات بحجم الغرفة كل عام في معرض فرانكفورت بمكتب واحد فقط أو اثنين من المساحات المستأجرة من قبل دولهم.

ويعد معرض فرانكفورت الأهم في العالم، ويبلغ عمره الآن أكثر من 5 قرون. وفي كل عام يلتقي عشرات الألوف من المثقفين والكتاب والباحثين والناشرين من كل البلدان وعشرات الألوف من عناوين الكتب من كل الثقافات.

ويضم المعرض 6 قاعات ضخمة تمتد على مساحة 171 ألفا و790 مترا مربعا.

ولا يعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب فقط مجرد سوق يلتقي فيها البائعون والمشترون لعقد الصفقات التجارية، وإنما هو بالدرجة الأولى منبر لتبادل المعارف والحوار، حيث تقام على هامشه وكجزء من فعالياته كثير من الندوات الثقافية والأدبية وحلقات الحوار والنقاش والمحاضرات وغيرها من الفعاليات الثقافية التي يشارك فيها في العادة كبار الأدباء والكتاب والفنانين والمبدعين في مختلف المجالات المعرفية والعلمية.

أما من الناحية التجارية، فإن أهمية المعرض تكمن في الدرجة الأولى في كونه ملتقى بين المشتغلين في صناعة الكتاب في مختلف وسائلها وتقنياتها المكتوبة والمسموعة والمرئية وبعضهم البعض من جهة، وبين هؤلاء وصناع الثقافة من المبدعين والمثقفين والكتاب من جهة أخرى. حيث يكون المعرض فرصة للترويج للمنتجات المتصلة بالمعرفة. كما تعقد صفقات ضخمة على أرضية المعرض، سواء صفقات بيع وشراء للمنتجات أو لحقوق الطبع والنشر وعقود الشراكة والوكالة.

يذكر أن نحو نصف زوار المعرض من التجار يأتون لتبادل حقوق وتصاريح الملكية الفكرية وحقوق النشر. وتشمل هذه العملية كل المنتجات المتعلقة بالمعرفة، سواء كان ذلك في شكل كتب ورقية أو أفلام سمعية وبصرية وألعاب إلكترونية وغيرها من الوسائط الثقافية. كما تُسنح الفرصة عادة في اليومين الأخيرين للجمهور العادي لزيارة المعرض للاطلاع على كل ما هو جديد في مجال صناعة الكتاب واقتناء وسائل المعرفة والبحث عن خير جليس في الزمان.