المخرج سامر قاضي: أسئلة مهمة أمام الدورة السادسة لمهرجان أبوظبي

المخرج سامر قاضي
TT

حين وصل المخرج الراحل مصطفى العقاد قادما من مدينته حلب إلى الولايات المتحدة في مطلع السبعينات لم يكن في جيبه أكثر من 300 دولار. أما باله فكان يحمل ضعف ذلك من الأحلام والمشاريع. إلى أن رحل قبل 6 سنوات (في الشهر المقبل) كان حقق كثيرا من طموحاته ولا يزال يعمل على أخرى.

رحلة المخرج العقاد تعود إلى الذاكرة، حين الجلوس مع المخرج سامر قاضي. هو أيضا من سوريا التي تركها قبل عدة سنوات قاصدا نقل أحلامه إلى أشرطة سيليلويد. لم يكن يحمل حين وصل إلى الولايات المتحدة أكثر من طموحاته تلك وعناده على ضرورة الوصول. سنة 2006، أخرج فيلما قصيرا بعنوان «شيزوفرانيا»، وبعد 3 أعوام حقق فيلما قصيرا آخر عنوان «نما وحده»، والآن صار لديه فيلم روائي طويل أولا كتبه وأخرجه وشارك بإنتاجه عنوانه «المواطن»، وهو حمله معه ليعرضه هنا في الدورة السادسة من مهرجان «أبوظبي» الحالي.

الفيلم، من بطولة خالد النبوي، يدور حول ذلك المواطن المصري، الذي ربح في «لوتو الجنسية»، الذي يتاح من خلاله لمن يفوز أن يصبح مواطنا أميركيا على الفور، والذي وصل قبل كارثة سبتمبر (أيلول) 2011، بيوم واحد، سعيدا ومبتهجا بحياة جديدة وطموحات خلاقة سوف يحققها في وطنه الجديد، لكنه سريعا ما يجد نفسه مقبوضا عليه بتهمة واحدة: عربي وصل إلى أميركا قبل 24 ساعة فقط من الهجوم الإرهابي.. هل يكون ذلك صدفة فعلا أم أن له علاقة بالعملية الإرهابية؟

* كيف استطعت إنجاز هذا الفيلم في الولايات المتحدة؟ تحقيق فيلم روائي أمر صعب للأميركيين أنفسهم، كيف استطعت الوصول؟

- التحول إلى مخرج سينمائي كان دائما طموحا كبيرا بالنسبة إليّ. أردت أن أروي حكايات تترك أثرا في المشاهدين. هذا الحلم صاحبه كثير من العمل الشاق والتضحيات، وهناك أناس رائعون ساعدوني للوصول إلى حيث أنا.

* كيف بدأت هذه الرحلة؟

- بدأت ممثلا مسرحيا وممثلا في عام 1992 في سوريا. ثم أخرجت وأنتجت أكثر من 18 مسرحية. في ذلك الحين وصلت إليّ دعوة لزيارة الولايات المتحدة لتقديم واحدة من مسرحياتي. ومنذ أن وطئت قدماي أرض الفرص حتى حلمت بالجائزة الكبرى، وقررت أنني أريد أن أصبح مخرجا سينمائيا. التحقت بمدرسة ودرست التفليم وبدأت صنع أفلام قصيرة التي استقبلت جيدا وبعضها نال جوائز. بعد ذلك التقيت بعدد من الأصدقاء الذين أصبحوا شركائي في هذا المشروع، وفي الشركة التي أسسناها معا «3k Pictures»، وهي الشركة التي أنتجت هذا الفيلم.

* هل تعتبر الفيلم مستقلا كونك لم تلجأ إلى استوديوهات هوليوودية؟

- صنع الأفلام عموما أمر صعب جدا، ولكي تخترق هوليوود أمر أصعب حتى للأميركيين كما ذكرت، لك إذن أن تتصوّر الوضع بالنسبة لمهاجرين أميركيين. على أي حال تحقيق فيلم مستقل هو السبيل الصحيحة، لأن المشروع جذب مواهب رئيسية معروفة وعالمية أيضا، كالممثل خالد النبوي بطل الفيلم.

* كم اختلف السيناريو الأول لهذا المشروع عن النسخة الأخيرة التي تم تصويرها؟

- اختلفت لدرجة أنه يكاد يكون فيلما مختلفا تماما عن الأصل. لقد تطلب الأمر 3 سنوات قبل أن يصبح واثنين من الكتاب إلى جانبي، هما ياسمين براون وسام يونس. لم أعد أستطيع إحصاء عدد المرات التي أعيد فيها كتابة السيناريو، قبل أن يصبح لدينا ما نستطيع تقديمه للممولين. إنه سيناريو طموح جدا بالنسبة للميزانية التي أنجزناها.

* تناول العرب في الأفلام الأميركية اختلف بعد كارثة 2011 عما كان عليه من قبل. هل توافق؟

- الصورة السلبية المنمّطة عن العرب قبل 2011 معروفة. بعد تلك الحادثة فإن ما نراه هو تجسيم للمسألة. بات هناك جمهور أكبر وبيئة أفضل أيضا. المطلوب أساسا هو أن نكف عن الشكوى حول صورتنا في العالم ونبدأ بتحقيق أفلامنا نحن، وأن نجد صوتنا في هذا المجال. الأمل والتحمّل سيبني علاقة أفضل بيننا جميعا. ما الذي يمنع العرب من تحقيق أفلام عالمية بصورة صحيحة؟ إذن ليست المسألة هوليوودية، بل ماذا نريد نحن وكيف نقدّم أنفسنا إلى العالم.

* ذكرت شيئا عن الممثلين الذين استقطبتهم للمشروع. هل لك أن تذكر المزيد عن هذا الأمر؟

- «الكاستينغ» كان أصعب شيء بالنسبة لهذا الفيلم، وذلك بسبب الميزانية المحدودة وبسبب أنني مخرج لأول مرة. على الرغم من ذلك هدفي من اليوم الأول هو إسناد الشخصية الأولى لممثل عربي حيث سيساعد ذلك على تشخيص صحيح للدور. عرفت خالد النبوي الذي التقيت به في القاهرة. لكن باقي الممثلين الرئيسيين لم يكن سهلا أيضا، بسبب موضوع الفيلم، لكن السيناريو تحدّث عن نفسه. كان في اعتقادي سيناريو جيدا لدرجة أننا حصلنا على موافقة كاري إلويس وأغنس بروكنر ووليام آثرتون. لا عجب أن الفيلم نال جائزة أفضل تمثيل جماعي من مهرجان بوسطن السينمائي قبل شهر.