حرفيون يصنعون منتجاتهم أمام الجمهور في مهرجان «من فات قديمه تاه‏»

يستضيفه «بيت السناري» الأثري بالقاهرة.. وتركيا ضيف شرف له

تصميمات خيامية غير تقليدية يقدمها أحد العارضين بالمهرجان وصناعة السجاد والحصير يحاول المهرجان إحياءها قبل الاندثار وجانب من منتجات الفخار التي يعرضها مهرجان «من فات قديمه تاه» («الشرق الأوسط»)
TT

تحت عنوان «من فات قديمه تاه»، يشهد بيت السناري الأثري بحي السيدة زينب في القاهرة؛ والتابع لمكتبة الإسكندرية، مهرجان الحرف التقليدية والفنون الشعبية؛ ففي القاعة الأرضية والعلوية لبيت السناري، يجتمع على مدار أسبوع عدد من الفنانين والحرفيين والنحاتين المصريين الذين يقومون بصناعة منتجاتهم أمام الجمهور، وأيضا هواة جمع المقتنيات القديمة، مما يضفي طابعا تراثيا كرنفاليا على المهرجان.

يهدف المهرجان إلى التعريف بالحرف التقليدية وإحيائها؛ كونها أوشكت على الاندثار، كحرفة النقش على النحاس وصناعة الحصير وغيرهما، إلى جانب إحياء فنون فلكلورية مثل «الأراجوز» و«خيال الظل»، كما يعرض المهرجان الكثير من الأدوات والآلات التي استخدمها المصري في حياته اليومية، إضافة إلى الكثير من الصور والكتب والمجلات الوثائقية والأفلام النادرة التي يشارك بها مشروع «ذاكرة مصر المعاصرة» التابع لمكتبة الإسكندرية، منها فيلم عن زيارة الملك فاروق إلى غزة في أثناء حرب 1948، الذي يعد من الأفلام النادرة التي لم يسبق عرضها كاملة في مصر، كما يتضمن المهرجان ورشة عمل تعليمية للشباب وطلاب المدارس للحرف القديمة، من فخار يدوي وسجاد ونحاس وصناعة العرائس.

يقول المشرف على المهرجان أيمن منصور لـ«الشرق الأوسط»: «يعقد مهرجان (من فات قديمه تاه) للمرة الثانية على التوالي بعد أن عقد العام الماضي في المكان نفسه ولاقى نجاحا كبيرا، والاختلاف هذا العام يكمن في زيادة عدد العارضين، حيث لم يتجاوزوا 4 عارضين العام الماضي، بينما وصل عددهم في الدورة الحالية لأكثر من 20 عارضا، إلى جانب اشتراك مؤسسات رسمية بالمهرجان، مثل وزارة الثقافة ووزارة السياحة ووزارة الآثار ومكتبة الإسكندرية، حيث تعرض الهيئة العامة لقصور الثقافة منتجات مشروعها الذي يرعى الحرف التاريخية؛ كالنحت على الحجر وصناعة الكليم والطرق على النحاس وشغل الخيامية والفخار، وتشارك وزارة السياحة من خلال الحرفيين المشاركين من سوق الفسطاط خاصة، صناعة النماذج التراثية القديمة وإحياء عدد من الحرف، كالزخرفة على الورق، كما يقدم مركز المستنسخات الأثرية التابع لوزارة الآثار نماذج من مستنسخات القطع الأثرية القديمة، كنموذج قناع توت عنخ آمون، ورأس نفرتيتي، وحجر رشيد».

ويشير مشرف المهرجان إلى أن هذا التنوع في العارضين أفاد المهرجان بدرجة كبيرة، قائلا: «ما يهمنا في المقام الأول هو التعارف بين الفنانين بعضهم وبعض، والتقاء مؤسسات كبيرة بأخرى صغيرة أو مع أفراد، وهذا يعطي ثراء وتنوعا للمهرجان، إلى جانب هدفنا بتوعية الأجيال الجديدة بتاريخها، وربطها بماضيها العريق بتعريفهم بالأدوات والفنون التي استخدمها المصريون في حياتهم اليومية خلال الفترات التاريخية السابقة».

ويبين منصور أن المهرجان في عامه الثاني يعرض مجموعة من الأعمال خاصة به للمرة الأولى، حيث تم الاتفاق عليها مع الفنانين الذين شاركوا في الدورة الأولى لتجهيزها بما يعطي ثراء لمعروضات المهرجان، موضحا أن الفنانين والعارضين بالمهرجان جاء اشتراكهم وفق شروط، أبرزها تقديم فن جاد وأصيل وحقيقي غير مقلد، وأن تكون منتجاتهم مناسبة لأجواء المعرض.

ويلفت منصور إلى أن إدارة بيت السناري والمهرجان يهدفان إلى توسيع نطاق المهرجان في الدورات المقبلة والخروج به من نطاق بيت السناري، وذلك بعد نجاح فكرته في اجتذاب عدة فئات من الجمهور المصري والأجنبي، وكمحاولة لتعميم فكرة التعريف بالحرف التقليدية والعمل على إحيائها.

كان المهرجان قد بدأ الأسبوع الماضي بمشاركة تركية في حفل الافتتاح، حيث حلت تركيا ضيف شرف من خلال مشاركة مركز يونس أمرة للثقافة التركية، بجناح رئيسي في المهرجان عرض الحرف والفنون اليدوية التركية القديمة، بالإضافة إلى الصناعات والحرف التي تميزت بها تركيا وكاد بعضها يندثر وحافظ عليها المركز من الاندثار، كما شارك المركز بعدد من الحفلات ذات الطابع الفني من خلال فرق غنائية تركية تقدم أغنياتها بالتركية والعربية على أنغام الموسيقى الشرقية.

عن تلك المشاركة يشير مشرف المهرجان إلى أن المعروضات التركية لا تختلف عن الفنون اليدوية المصرية، وبالتالي فالمهرجان يعمل على التأكيد على وجود جوانب ثقافية مشتركة بين الجانبين المصري والتركي في مجال الفنون اليدوية، مضيفا: «بعد المشاركة التركية التي وجدت ترحيبا من الجمهور الزائر للمهرجان، نفكر في وجود ضيف شرف سنوي في إطار الحرف اليدوية التقليدية، بما يعطي تنوعا وثراء فكريا للمهرجان».

وعن ملاحظة «الشرق الأوسط» كون الشباب هم أكثر زوار المهرجان، قال منصور: «ذلك له عدة أسباب، فالشباب هم الشريحة الرئيسية في الدعاية والجذب في بيت السناري، وبشكل متصل نقدم لهم فعاليات ثقافية كالدورات والندوات المختلفة، والسبب الآخر هو أن جانبا كبيرا من العارضين من الشباب ويعرضون منتجات تحظى باهتمام الشباب، كالحلي والإكسسوارات».

من بين العارضين بالمهرجان، يقول محمد نمر (63 عاما) المتخصص في مجال الرسم على السيراميك: «أشارك بالمهرجان للمرة الثانية، حيث أرى فيه إبرازا لأصحاب الحرف اليدوية التي لا يعرفها كثيرون، خاصة فئة الشباب، كما أن مصر تستورد الكثير من المنتجات المقلدة من دول مختلفة، في الوقت الذي نمتلك فيه تراثا كبيرا من الحرف التقليدية تكاد تختفي».

ويبين أن الرسم على السيراميك له عدة طرق وله عدة أشكال، يفضل منها الرسم على الأطباق، كونها تلقى قبولا، خاصة من ربات البيوت، لاستخدامها كديكورات في جوانب المنزل.

أما محمد جابر، المتخصص في فن الخيامية، فيرى أن المهرجان فرصة لكي يتعرف الجمهور على حرفته، حيث يقوم بصناعة منتجاته أمامهم، مبينا أنه يقدم تصميمات خيامية غير تقليدية بعيدة عن الزخارف النباتية والإسلامية المعتادة، وهو ما يجذب أغنياء المصريين إلى جانب الأجانب.