دراسة سعودية: 62% من العاملات في «المشاغل» محرومات من «إجازة الأمومة»

75 % من الأنشطة التجارية النسائية تتركز في قطاع التجميل

العاملات في مراكز التجميل بالسعودية يعانين من ضعف المرتبات وغياب الإجازات وطول ساعات العمل («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت دراسة وطنية حديثة الواقع «المر» للعاملات في قطاع المشاغل النسائية، حيث أظهرت أن نحو 62 في المائة من المشمولات في الدراسة لا يوجد في عقودهن نظام خاص بإجازة الأمومة، وهو ما تعلق عليه الدراسة بالقول «ذلك يعكس ضعف تمتع العاملات بحق الحصول على إجازة الأمومة». وكشفت الدراسة أيضا أن 35 في المائة من العاملات تزيد أوقات دوامهن عن الثماني ساعات يوميا، مع الإشارة لما تظهره الإحصاءات الرسمية الحديثة من وجود نحو 4 آلاف مشغل نسائي حاليا في السعودية.

وأظهرت الدراسة كذلك أن 27 في المائة من العاملات في المشاغل النسائية لا يتمتعن بنظام خاص بالإجازات المرضية، في حين لم تتجاوز نسبة رضا العاملات المشمولات في الدراسة عن مرتباتهن 50 في المائة فقط، بالمقارنة مع طبيعة وحجم العمل الذي يقمن به. وبيّنت الدراسة كذلك بأن 34 في المائة فقط يتمتعن بإجازة سنوية مقدارها شهر مدفوعة الراتب، وهو ما تعلق عليه الدراسة بالقول «هذه النسبة تعكس ضعف تمتع العاملات بحق الحصول على إجازة سنوية».

جاء ذلك ضمن نتائج الدراسة العلمية التي أجريت بدعم من كرسي الراجحي لدراسات المرأة السعودية ودورها في تنمية المجتمع في جامعة الملك سعود، التي تم عرضها مؤخرا في الجامعة. وقد اشتملت الدراسة على تقييم الموظفات لظروف العمل في مراكز التجميل السعودية، من خلال استبانة تقييم العاملات في تلك المراكز لظروف وبيئة العمل. وقد بينت أن 95 في المائة من أماكن العمل في مراكز التجميل لا يوجد فيها اختلاط مع الرجال على الإطلاق، مقابل 2 في المائة يوجد فيها اختلاط، وكشفت الدراسة كذلك أن 95 في المائة من مراكز التجميل يُمنع فيها التدخين بشكل كامل.

وقد شملت هذه الدراسة 140 مشغلا نسائيا مرخصا تقدم خدمات التجميل، موزعة كالتالي: 80 مشغلا في مدينة الرياض، و30 في مدينتي الدمام والخبر، و30 في مدينة جدة. وضمت الدراسة 25 من المشرفات الميدانيات في وزارة الشؤون البلدية والقروية، و140 من سيدات الأعمال المستثمرات في المجال، و350 من العاملات في مراكز التجميل، و9 من ذوي العلاقة في القطاعات الأخرى ويمثلن الغرف التجارية ووزارة العمل ووزارة التجارة.

وخلصت الدراسة إلى ضرورة تأسيس مجلس حكومي مختص بشؤون التجميل، تحت عنوان «المجلس الحكومي لتسجيل مراكز التجميل والعاملات في مهنة التجميل»، في إطار العمل على إيجاد النموذج الأمثل لتنظيم النشاط الاقتصادي لمراكز التجميل. وعملت الدراسة على تقديم تعريف لهذا المجلس بأنه «هيئة الترخيص التي يتم تأسيسها بموجب قرار من وزارة العمل في المملكة العربية السعودية ويشار في هذا النظام باسم المجلس». في حين تتضمن مهام مجلس التجميل «سن القواعد التي تساعد على تعزيز وتنظيم قطاع مراكز التجميل، طبقا للقوانين والإجراءات الإدارية المفصلة في هذا النظام».

يضاف لذلك قيام مجلس التجميل بـ«إجراء الاختبارات المتخصصة في مهنة التجميل للمتقدمات الراغبات في الحصول على التراخيص، وإصدار التراخيص لمراكز التجميل للمتقدمات اللواتي تتوفر فيهن الشروط المطلوبة لرخصة مراكز التجميل، وتطبيق الإجراءات التأديبية للمخالفات وفقا لما ورد في هذا الفصل أو في اللوائح التي تم توضيحها في هذا النظام، إلى جانب تبني القواعد المنظمة للشروط الصحية، والتعليمات الواجب تطبيقها، والضرورية».

ويأتي ذلك في ظل ما تكشفه أحدث الإحصاءات الرسمية بأن نحو 75 في المائة من حجم الأنشطة التجارية النسائية في السعودية تتركز في قطاع صناعة التجميل، التي تتمثل في المراكز والمشاغل النسائية، فيما بلغت الزيادة بعدد المشاغل على مستوى السعودية نحو 466 مشغلا في عامين، بنسبة نمو تقدر بـ15 في المائة سنويا لهذا القطاع.

من جهتها، أوضحت المشرفة على كرسي أبحاث المرأة بجامعة الملك سعود الدكتورة نوره العدوان، أن هذه الدراسة «تعد من أوائل الدراسات الإجرائية ذات الصبغة العلمية، والتي تعنى بتنظيم الأنشطة الاقتصادية النسائية في القطاع الخاص بالمملكة العربية السعودية». مشيرة إلى أن الدراسة هدفت «إلى تطوير النشاط الاقتصادي للمرأة في المملكة في مجال مراكز التجميل، عن طريق تشخيص الواقع والتعرف على المعوقات التي يعاني منها القطاع، ووضع البدائل العلمية والنموذج الأمثل لتطوير اللوائح المنظمة له بالاستفادة من التجارب الناجحة الإقليمية والدولية».

وتابعت الدكتورة العدوان حديثها بالقول «تأتي هذه الدراسة في إطار التعاون مع اللجنة الوطنية النسائية بمجلس الغرف السعودية لتطوير الأنشطة الاقتصادية النسائية في القطاع الخاص؛ وذلك لأسباب متعددة يأتي في مقدمتها عدم توفر الإجراءات التنظيمية والتشريعية المساعدة في تنظيم بيئة العمل ومجالاته ولوائحه بما يوفر للمرأة السعودية فرصا جديدة تتوافق مع طبيعتها، وتستجيب لحاجات المجتمع».

وأوضحت المشرفة على كرسي أبحاث المرأة أن «مراكز التجميل التي يطلق عليها مسمى (مشغل)، تعد النشاط الاقتصادي النسائي الأكثر انتشارا ونموا في السعودية، وذلك لتنامي الطلب على هذا النوع من الخدمات في جميع مناطق المملكة»، مضيفة بقولها «لذا تبرز الحاجة الملحة لتنظيم هذا القطاع لعدم وضوح الإجراءات الخاصة بالترخيص للنشاط، وعدم توفر الأنظمة واللوائح، الأمر الذي تسبب في وجود الكثير من العقبات للمستثمرات في هذا النشاط، وفقدان الحقوق لكل من العاملات والمستفيدات من الخدمة».

وقد تكونت هذه الدراسة من أربعة أقسام تناول القسم الأول الدراسة الشرعية لزينة المرأة، وأحكامها وفقا للمذاهب الأربعة، مع توثيق ما صدر في كل مسألة من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وتناول القسم الثاني دراسة التجارب الدولية بهدف التعرف على النماذج الرائدة على المستوى الدولي في مجال مراكز التجميل، والتدريب والاتجاهات المستقبلية في النشاط الاقتصادي لمراكز التجميل، في حين شخّص القسم الثالث من الدراسة واقع البيئة الاقتصادية لمراكز التجميل في السعودية بالتعرف على جوانب الضعف والقوة فيها، ووضع القسم الرابع من الدراسة النموذج الأمثل لتنظيم النشاط الاقتصادي لمراكز التجميل في المملكة.