«دي سلاطة».. أول مجلة مرئية على الإنترنت في مصر تجذب الملايين

بفكر شبابي هدفه الخروج عن النمطية واختراق حاجز الصمت

فريق عمل مجلة «دي سلاطة»
TT

جاء اختيار اسم «دي سلاطة»، وهي المجلة المرئية على الإنترنت، كتعبير عفوي من مجموعة من الشباب المصري عن اختلافات وتناقضات الحياة في الشارع المصري بكل ما فيه من هموم الماضي وتفاؤلات المستقبل.

مشروع مجلة «دي سلاطة»، التي تعد أول مجلة إلكترونية مرئية في مصر، استطاع أن يجمع بين تلقائية الإعلام المستقل وحريته على شبكات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وبين حرفية وجودة البرامج التلفزيونية. المشروع فكرة وتنفيذ مجموعة من الشباب الذين تقاربت أعمارهم وشغفهم بالإعلام، ليتمكنوا في فترة بسيطة بمقاييس الإعلام من جذب مليون ونصف مليون متابع، وهي تعد نسبة مشاهدة عالية. وتسعى المجلة في موسمها الثاني لتقديم مساحة حرة للمزيد من الشباب المصريين لنشر أفكارهم وإبداعاتهم، من منطلق اسم المجلة الذي جاء ليعبر عن كون الحياة أشبه بطبق السلاطة في اختلافاتها وتنوع مشاربها. وجاءت بداية الفكرة من خلال محمد البسيوني، وهو حامل شهادة جامعية في مجال الهندسة، بالإضافة إلى عمر مجدي، الذي يعمل بمجال الإعلام والسينما.

وارتكزت الفكرة على تقديم خليط من التفاعلات الحاصلة في الحياة المصرية، من خلال مجلة مصورة تقدم مقاطع فيديو في مواضيع عديدة، مثل السياسة، والموضة، والطبخ، والثقافة، والسفر، بالإضافة إلى الفن كجانب لا يستغنى عنه، على أن تتفق كل البرامج مع القواعد الأساسية التي وضعها فريق عمل المجلة، وهي التجديد والجرأة والحيوية حتى تكون الحصيلة منتجا ترفيهيا مواكبا للعصر.

ويتطرق صاحب الفكرة الأولى للعمل المهندس محمد البسيوني إلى نظرتهم المستقبلية للعمل من خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «في الموسم الثاني نحاول أن نتكلم في مختلف مواضيع الحياة من خلال برامج قصيرة تصدر مرتين شهريا، وهذه ستكون مجرد البداية بحيث نغطي كل المواضيع في مصر من خلال المجلة».

وحول المخاطرة بخوض تجربة «دي سلاطة» خاصة في ظل حالة عدم الاهتمام أو الاستيعاب لدور مشاريع الإعلام المستقل، يرد البسيوني «نرى أن التصميم وراء الفكرة يجعلها تتحقق عاجلا أو آجلا، ولذلك فإننا كنا نعلم أننا سنتعب وسنخوض المخاطرة وسندفع المال الكثير حتى يعرفنا الناس ونقدم منتجا جيدا، فعند بداية المشروع كان الإنتاج أقل، ولكن بعد نجاح الموسم الأول بدأنا في الاتصال بوسائل الإعلام لتوسيع نطاق الدعاية، فنحن نكبر في خطى حثيثة».

ويقول عمر مجدي، المؤسس الثاني للمجلة، وهو أيضا مصمم الموقع ومخرج بعض البرامج «إن البسيوني جاءني بالفكرة منذ نحو سنة ونصف السنة، وقررنا أن نعمل مشروعا يقدم محتوى مصورا ليس محكوما بقوانين التلفزيون، وأن يكون متاحا على شبكة الإنترنت». وأضاف عمر أن «ما قد يمكن يجعلنا مختلفين أننا لا نضع لأفكارنا حدودا، على عكس ما يحدث في كثير من البرامج التلفزيونية، ولذلك نحاول قدر استطاعتنا ألا تكون لأفكارنا حدود سواء في طرق التصوير أو المواضيع التي نتناولها ما دمنا لم نخرج عن حدود الأدب، والفرق بيننا وبين آخرين يقدمون محتويات إعلامية على الإنترنت هو أن جودة محتويات برامجنا يمكن أن تعرض على شاشة التلفزيون، بالإضافة إلى أن الكثير منا يعمل بمجال الإعلام على عكس معظم ما يقدم على الإنترنت، حيث تكون جودته أقل مع بعض المشاكل في الصوت والصورة».

ويرى عمر أن «مشاهدة قناة معينة بجدول محدد لبرامجها جانب أوشك على الانتهاء، وفي الخارج أصبح هناك نظام (video on demand) حيث يختار المشاهد ما يريد أن يشاهده أو يسمعه بناء على طلبه في الوقت الذي يحدده، وفي منتجنا (دي سلاطة) يمكن للمشاهد أن يدخل على موقعنا ويشاهد ما يريده من برامج طبخ أو موضة أو غيرها». وتدور معظم برامج «دي سلاطة» حول كل ما يمكن تناوله في الحياة في مصر من مشاكل مرور ومشاكل اجتماعية، ولا تنقصها الجرأة أحيانا للتطرق لبعض المواضيع الخاصة كالتحرش بالفتيات، حيث يتم عرض مثل هذه القضايا من خلال سرد المشكلة أولا مع خلفية لإلقاء قصائد شعرية تتحدث تتعلق بالموضوع المطروح، والبرنامج المسؤول عن ذلك «سطوحي» الذي تقدمة منة القيعي. وفي ما يتعلق بالموضة فإن البرامج المعدة لا تتجه للموضة العالمية سواء الأوروبية أو الأميركية وإنما يتم التركيز على الموضة المحلية المصرية.

ويحاول مقدمو البرامج أن يبتكروا طرقا مختلفة في تقديم المواد المتوفرة لديهم، فمثلا بالنسبة للحوارات السياسية، اجتهد عمرو الفوال، وهو مهندس ومقدم برنامج «قلمين»، في الخروج عن النمطية في الأداء، فكان حواره مع الدكتور عمرو حمزاوي رئيس حزب مصر الحرية أثناء تواجههما في مباراة للعبة الشطرنج، وتطرق المذيع وضيفه إلى العديد من النقاط المختلفة، لا سيما الجوانب السياسية في مصر في ظل الشد والجذب بين القوى المختلفة الموجودة على الساحة السياسية.

ويقول الفوال لـ«الشرق الأوسط»: «لم أكن أريد أن يكون الحوار من طرف واحد، بل أردت أن يكون هناك تفاعل، وكان الشطرنج فكرة لإذابة الجليد».

وفي جانب آخر، يحاول أحمد السبكي مقدم برنامج «المخرج عايز كده» أن يعيد الشغف وسحر السينما للجمهور المصري، على اعتبار أن السينما فن حقيقي، وليست مجرد وسيلة للترفيه لتمضية أوقات الفراغ، ويعبر السبكي عن رأيه حول ذلك بقوله «أحاول أن يكون البرنامج مختلفا وليس مكررا كبرامج السينما الأخرى، لأنني أريد أخذ الجمهور إلى ما وراء الكاميرا، وأقصد مواقع التصوير، إضافة إلى نقطة أخرى وهي تسليط الضوء على مخرجين عرب غير معروفين على المستوى المحلي، رغم شهرتهم العالمية، مثل إبراهيم البطوط مخرج فيلم (الشتا اللي فات) الذي لا يسمع الكثير من المصريين عنه لأن معظم أفلامه مستقلة». أما برنامج «كعب داير» فيقدم فيه كريم عثمان مذيع البرنامج فكرة جديدة لبرامج السفر والسياحة من خلال السفر إلى مختلف محافظات مصر، مع محاولة التركيز على الجوانب غير المألوفة لكثير من المواطنين المصريين. ويعيد عثمان السبب الذي دفعه ومؤسسي المجلة لتقديم هذا البرنامج إلى التقائهم بسياح أجانب ذكروا لهم الكثير من الأحداث والمعلومات الجديدة عن هذه المناطق، ويبين عثمان «حتى لو أن الجمهور لن يذهب إلى هذه المحافظات فعلى الأقل ستكون لديه فكرة عن أهم معالمها. فعلى سبيل المثال عرفت معلومة جديدة بالنسبة لي ولكثير ممن أعرفهم من أصدقائي وأقاربي، وهي وجود ثاني مسجد بني في مصر وأفريقيا وهو مسجد عمرو بن العاص الذي يحتوي على كتابات كوفية وأعمدة يعود تاريخها للعصر الروماني». ويختتم كريم عثمان «معلومات على هذا المستوى جديرة بالترحال لها في أي قطعة أرض من مصر».