اكتست أجمل امرأة في العالم وممثلة بوليوود أشواريا راي باتشان باللون الأحمر في حفل العشاء الخيري الذي نظمته الأمم المتحدة مؤخرا في نيويورك، حيث ارتدت طاقم أناركالي من إبداع المصمم سباياساشي. والجديد في هذا التصميم أن حافة الرداء كانت تلامس الأرض، مما أثار موجة عارمة من الانبهار. وقد صارت أطقم الأناركالي هي أحدث اتجاهات الموضة في شبه القارة الهندية، وإذا لم تكن تعرف ما هو طاقم الأناركالي، فهو في الأساس عبارة عن تونيك واسع شبيه بالعباءة يتم ارتداؤه فوق سروال ضيق، وعادة ما يكون التونيك مطرزا بالكثير من قطع الأحجار والكريستال وغير ذلك من الزخارف المدهشة.
وفي أسبوع الموضة بنيويورك، كانت التصميمات الهندية هي الصرعة السائدة فوق خشبة المسرح، التي شهدت إبداعات مستمدة من وحي الأناركالي، وأصبحت إضافة حلية جميلة إلى الخصر مع حزام أسفل الصدر هي بوصلة الموضة اليوم، حيث تعطي نفس تأثير مشد الخصر أو الصدرية التي تعود إلى أوائل القرن الثامن عشر. ويحتوي التونيك على ثنيات تم توصيلها ببعضها بعضا بدقة شديدة. ويحرص الصناع على أن يصل الرداء حتى الكاحل، كما أن الاستعمال الكثيف للحواشي الزخرفية يمنح الثوب مظهر الفخامة والأبهة. والنوع الجيد من الأناركالي السلوار باهظ الثمن، وقد يكون مصنوعا من القطن والكريب والساتان والشيفون والكريب جورجيت. ويكمن تصميم الثوب في طبقات التونيك، فنظرا لأن طوله يبلغ الكاحل، فإن السروال لا يمكن رؤيته تحته، ومع ذلك فهو يظل جزءا من الرداء له القدر نفسه من الأهمية.
وتستوحي أطقم الأناركالي الموضة السائدة في عصر المغول، وقد ظلت لزمن طويل الزي المفضل للمرأة الآسيوية، ثم عادت إلى الحياة مجددا في الفترة الأخيرة ضمن الاتجاهات الهندية الحديثة. وأصبح من الشائع رؤية النجمات وهن يرتدين تصميمات مختلفة من فساتين الأناركالي على سلم الطائرة أو فوق البساط الأحمر. ولا يعتبر هذا الزي اتجاها عاما في الملابس اليومية فحسب، بل إن مصممي أزياء العرائس كذلك تبنوا هذا المظهر الأنيق في مجموعات الزفاف التي يصممونها. ففي جميع أسابيع الموضة التي شهدها عام 2012، كانت فساتين الأناركالي هي الصفة الغالبة لدى المصممين، الذين يؤكدون أن هذه الأزياء حققت مبيعات كبيرة بين النساء في الشرق الأوسط اللائي يملن إلى ستر الجسم، وبالتالي فإن فساتين الأناركالي توفر أفضل بديل للأزياء الأنيقة.
ويمثل الأناركالي إحياء من صناعة الموضة لذكرى واحدة من الرقصات الهندية القديمة. وقد اشتهرت هذه الرقصة التي تدعى «موجرا» في عهد الحكم المغولي، حيث تقول الأساطير إن الراقصات كن يرقصن داخل قلعة ملوك المغول من أجل تسليتهم، ومن ثم أصبحت الفساتين التي كن يرتدينها تعرف باسم فساتين «موجرا»، ثم تحول الاسم بالتدريج إلى فساتين الأناركالي، تكريما للمحظية والراقصة الشهيرة أناركالي التي كانت ضمن بلاط الإمبراطور أكبر. وكانت فساتينها مفرطة في الفخامة ومطرزة بأفضل الزخارف في زمنها، وكانت اللآلئ النقية وخيوط الزاري والزاردوسي الأصلية والأحجار شبه الكريمة وغير ذلك الكثير تجد مكانا خاصا في فساتينها، كما كان يتم تطريز الفستان بحيث يمكنها من الدوران والرقص بسهولة وبطريقة جميلة في بلاط الملك.
ويتضمن فستان الأناركالي حزاما مشدودا أسفل الصدر مباشرة، ثم يتدلى ليصنع تنورة فضفاضة، وهو يبدو فائق الجمال على المرأة في أي مرحلة عمرية، إذ إنه مصمم بحيث يجعل المرأة تبدو فاتنة ورشيقة القوام، وبالتالي فهو الأفضل بالنسبة للسيدات البدينات. وفي الماضي، كان فستان الأناركالي يتربع على قمة الموضة، لكن بعد ذلك تراجع الاهتمام به لفترة، قبل أن يعود إلى الأضواء في الوقت الحاضر بعد غيبة طويلة.
ويوجد وراء أطقم الأناركالي تاريخ طويل في الواقع، حيث تقول الأسطورة إن أناركالي (وتعني زهرة الرمان)، وهي الجارية الأسطورية التي جاءت من لاهور بباكستان في عهد المغول، حكم عليها السلطان أكبر بأن تدفن حية لأنها كانت على علاقة مع ابنه الأمير نور الدين سليم، الذي أصبح في ما بعد الإمبراطور جهانكير. وقد استعمل مصممو الأزياء المعاصرون خيالهم لإضفاء لمسة إبداعية من أجل إحياء هذا الأسلوب في أسواق اليوم من خلال تأثير ممثلات بوليوود ومصممي الأزياء، وخلال العامين الماضيين صارت أطقم الأناركالي صرعة من صرعات الموضة.
ويقول المصمم راكيش أغاروال، الذي ترتدي أزياءه العديد من نجمات بوليوود «طاقم الأناركالي مع ارتداء سترة نسوية قصيرة فوقه يجعل المرأة تبدو أنيقة ويكثر الطلب عليها». ويضيف المصمم هاري أناند من متجر «غلادا» للملابس «لقد حل الأناركالي محل الغاجرا تشولي (وهي عبارة عن تنورة طويلة وبلوزة ضيقة). الناس مشغولون بتحويل أردية الغاجرا تشولي القديمة إلى فساتين الأناركالي».
وقد ذكرت المصممة شاليني الرأي نفسه، حيث تقول «عندما يتعلق الأمر بارتداء ملابس من أجل مناسبة كبيرة، لا يكون هناك أي مجال للأطقم الملتصقة بالجسم. الملابس المسترسلة والحالمة المكونة من طبقات وبها جرعة زائدة من التطريز تكون هي الأنسب». لكنها ترى أنه بدلا من الأناركالي المبهرج بشدة، فإن الأناركالي الأهدأ والأكثر مرحا يشهد إقبالا هذا الموسم، مضيفة أن «الصورة الألطف والأخف من الأناركالي هي ما عاد إلى الواجهة من جديد». وفي رأي هاري، الذي ينوي تقديم مجموعة مبهرة من فساتين الأناركالي المصنوعة من الكتان والقطن والحرير، فإن الأناركالي يعني توهج القماش، حيث يقول «إنها لعبة قماش، وإذا أضفت الكثير جدا من التطريز عليه، فسوف يفقد أناقته».
ويقول أنيش كابيلا، صاحب بيت أزياء «روب كالا»، إن التطريز على أطقم الأناركالي يتم في الغالب في مدن لاكناو ودلهي وكلكتا. ويستطرد قائلا «لقد بعنا عددا جيدا من هذه الأطقم هذا الموسم، حيث أصبحت المفضلة بين السيدات. أسعارها تتراوح ما بين 1700 روبية و100 ألف روبية». وقد اشترت فيروزا علي (27 عاما)، وهي ربة منزل، طاقم أناركالي ثمنه 25 ألف روبية لحضور حفل زفاف شقيقتها، وهي تقول «أنا فقط أساير الاتجاه الجديد كي أبدو أنيقة ومتألقة».
وقد كانت ملكة الجمال الأسطورية مادهوبالا هي أول من روج للأبهة والسحر في اختيار ملابسها بارتداء فساتين الأناركالي، ورغم أن هذه الفساتين نشأت في عهد المغول، فإنها تثير رونقا خاصا حولها، مما يمنحها شعبية كبيرة حتى في يومنا هذا بين الجيل المعاصر. وحتى في عالم الموضة المتغير هذا، فإن فساتين الأناركالي هذه ظلت تجيء وتروح، لكنه لم يحدث أبدا في تاريخ الموضة والجمال أن اختفت فساتين الأناركالي تماما من مشهد الموضة والأزياء. وبين الحين والآخر، تواصل هذه الفساتين التطور والتغير بأيدي مصممي الأزياء المتعاقبين من أجل ملاءمة اتجاهات الموضة وأذواق النساء في ذلك الزمن.
ولكن في هذا الزمن الذي عادت فيه فساتين الأناركالي إلى الظهور عام 2007 وما زالت تتمتع بالشعبية حتى الآن ونحن في عام 2012 بنفس القوة والحماس، فإنه يبدو أن هذه الفساتين في طريقها الآن إلى أن تبقى إلى الأبد في عالم الموضة الهندية. وقد أصبحت كل ممثلات بوليوود تقريبا يظهرن بأحدث التصميمات من أطقم الأناركالي المبهرة في معظم المناسبات وحفلات توزيع الجوائز، ولا يستطيع أحد أن ينسى ذلك الرونق الفاتن الذي نشرته نجمة بوليوود كارينا كابور وهي ترتدي طاقم أناركالي أخضر اللون في برنامج جماهيري عرض مؤخرا في التلفزيون الهندي، حيث اندفعت السيدات في جميع أنحاء البلاد إلى الإنترنت وقمن بتنزيل صورة كارينا كابور وهي ترتدي فستان الأناركالي هذا كي يرينه للخياطين الذين يتعاملن معهم.