شبان مصريون يتصدون لمشكلات المجتمع بـ«التمثيل الصامت»

قدموا عروضهم بالأماكن العامة والمراكز التجارية

TT

لا يكف الكثير من الشباب المصري عن ابتكار تجمعات ودعوات للمساهمة في إصلاح شؤون المجتمع، فتحت شعار «أنا هاتغير» أقدم 50 شابا وفتاة من مختلف الأعمار على التفكير في سبل جديدة تساعدهم على التصدي لأهم المشكلات الراهنة التي تواجه الشارع المصري، كالبلطجة والإشاعات والتحرش، فقرروا إنشاء حركة شبابية تحمل اسم «نيو كايرو فاونديشن» (مؤسسة القاهرة الجديدة)، وإطلاق حملات تقوم فكرتها على تقديم عروض التمثيل الصامت «فلاش موب»، في الشوارع والأماكن العامة لجذب أكبر عدد ممكن من الأشخاص لحملاتهم التوعوية. أحمد مجدي، أحد أعضاء الحركة، طالب بكلية الإعلام، تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن بداية نشاطهم، قائلا «تعرف أعضاء الحركة على بعضهم البعض بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) أثناء حملات تنظيف وطلاء الشوارع، حيث دارت النقاشات بيننا عما يمكن تقديمه للمجتمع، فقررنا إنشاء حركة تحمل اسم (مؤسسة القاهرة الجديدة) نظرا لأن أول لقاء بيننا كان في أحد شوارع القاهرة الجديدة، ومنها كانت بداية نشاطاتنا عن طريق تقديم مساعدات خيرية للمحتاجين مثل جمع وتوزيع الملابس المستعملة والأدوية وألبان الأطفال للفقراء في المناطق المختلفة».

ويتابع مجدي «بعد فترة من ذلك النشاط وجدنا أن تقديم المساعدات الخيرية ليس كافيا، ولا بد لنا أن نصنع شيئا من شأنه المساهمة في حل بعض مشكلات المجتمع، واتفقنا على أن إصلاح المجتمع لا بد أن يبدأ بإصلاح كل فرد لذاته أولا، ومن هنا فكرنا في إقامة حملات توعية تعتمد في المقام الأول على التمثيل الصامت بدلا من رفع اللافتات أو التحدث مباشرة إلى الأشخاص، نظرا لقدرته على لفت الانتباه وترك تأثير أعمق في الأشخاص، ولأننا سئمنا الكلام وأردنا توصيل رسالتنا في صمت، وعلى الرغم من عدم إتقان معظمنا للتمثيل فإننا صممنا على المضي قدما وتقديم أقصى ما في طاقتنا، وقررنا إجراء أكثر من بروفة قبل كل عرض حتى نألف المشاهد ونكسر حاجز الخوف والقلق بداخل البعض من التمثيل».

بداية الحملات في شوارع القاهرة، بحسب مجدي، كانت تتطرق إلى أهمية احترام إشارات المرور، وفيها قام الشباب أعضاء الحركة بتمثيل مشهد يقوم فيه شخص بعبور الطريق أمام إشارة المرور المفتوحة له، ليفاجأ بسيارة تقوم بكسر الإشارة وتصدمه، ومن هنا يقومون برفع لافتات لأصحاب السيارات لحثهم على احترام إشارات المرور.

أما الحملة الثانية فاتخذت من المراكز التجارية مكانا لها، والتي تدور حول النظافة، فقام شباب «نيو كايرو فاونديشن» بتمثيل مشهد لأشخاص يقومون بإلقاء القمامة وسط المكان ثم يأتي خلفهم أشخاص لا يلتفتون إليها، إلى أن يقوم شخص بإزالة القمامة ووضعها في سلة المهملات، وحينها يقومون برفع لافتات لتشجيع النظافة وإلقاء القمامة في المكان المخصص لها.

بينما كانت الحملة الخاصة بالتحرش لها طريقتها الخاصة والمميزة في التمثيل، حيث إنهم جمعوا بين ثلاث فتيات إحداهن ترتدي الحجاب والأخريان لا ترتديانه، لإيصال رسالة للجميع أن التحرش يمكن أن يحدث للجميع على حد سواء. وهكذا سارت باقي الحملات على هذا النهج، حيث تواجه مشكلات البلطجة والإشاعات والسلبية بنفس أسلوب التمثيل الصامت.

ويبين مجدي أن شباب الحملة مهتمون بالنزول إلى الشوارع والمراكز التجارية المزدحمة خاصة في عطلة نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية حتى يتسنى لهم توصيل رسالتهم إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص، كما أنهم يقومون بتصوير الحملة بكاميرا فيديو ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي للوصول للأشخاص في المنازل أيضا وعدم الاقتصار على الشوارع.

وعلى الرغم من الاستجابة الكبيرة التي لاقتها الحملات التي أطلقها شباب «نيو كايرو فاونديشن» فإنهم لم يسلموا من سخرية الكثيرين الذين لم يألفوا أسلوب تمثيلهم الصامت في وسط الشوارع. وهو ما يلفت إليه مجدي، مبينا أن ذلك لم يؤد إلى إحباطهم أو كسر عزيمتهم، بل بالعكس شجعهم على التفكير في كيفية التطوير من ذاتهم ومحاولة تقديم ما هو أفضل.