«المجمع العلمي المصري» يرتدي حلة جديدة اليوم بعد إعادة تطويره

تعرض للحرق العام الماضي على خلفية اشتباكات بين معتصمين وقوات الجيش

آثار الحريق على مبنى المجمع العلمي الذي تأسس عام 1798 أي بعد قدوم الحملة الفرنسية على مصر
TT

افتتح أمس الاثنين «المجمع العلمي المصري»، القابع بميدان التحرير بالقاهرة، بعد عملية تجديده وتطويره، ليرتدي حلة جديدة، وذلك بعد احتراقه وآلاف الكتب بداخله نتيجة اشتعال النيران فيه في شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، على خلفية الاشتباكات التي وقعت بين معتصمين أمام مجلس الوزراء المصري القريب من المجمع وقوات الجيش والشرطة العسكرية.

استغرقت عملية التطوير نحو ثلاثة أشهر بتكلفة تبلغ 6 ملايين جنيه تقريبا تكفلت بها القوات المسلحة المصرية، بينما يصل عدد الكتب في المجمع الآن25 ألف عنوان باللغات العربية والإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية والإيطالية، بعد أن تم إيداع الكتب العائدة من بقايا الحريق وإهداءات المكتبات والمؤسسات والأفراد.

كانت آلاف المجلدات النادرة قد أتت النيران عليها، بالإضافة إلى مجموعة غير قليلة من الخرائط والأطالس والوثائق والأبحاث والاختراعات الدقيقة والرسوم الإنشائية لمعظم المشروعات القومية المصرية في العصر الحديث؛ من القناطر الخيرية إلى خزان أسوان إلى السد العالي، مع رسوم دقيقة لوديان البحر الأحمر مرتبطة بأبحاث علمية قام بها باحثون من مصر وخارجها.

ومع ما فقده المجمع العلمي المصري من كنوز، وصف باحثون وعلماء حريقه بـ«الحدث الجلل» و«الفجيعة»، بينما نعت الحكومة المصرية المجمع عقب الاحتراق، مؤكدة أن من أشعلوا النار في المبنى الذي يضم تاريخ مصر قلة ستتم ملاحقتها ومحاكمتها، معتبرة إياه كنزا من كنوز التراث القومي. وقالت: «إن ما يزيد من الأسف والحزن والاستنكار أن المجمع العلمي وما يحتويه من تراث علمي لن يعوض، ويمثل رمزا فريدا لحضارة مصر وتوثيقا تراثيا لتاريخها الذي بهر العالم أجمع، منذ فجر التاريخ، وأن حرق المجمع أتى على يد قلة، هدفها النيل من حضارة مصر».

ويعد «المجمع العلمي المصري» أقدم هيئة علمية في العالم العربي، بل في الشرق الأوسط كله، وبحسب الباحث في التراث المصري، هشام عبد العزيز، فإن المجمع تأسس في 20 أغسطس (آب) 1798 ميلادية، أي بعد قدوم الحملة الفرنسية على مصر بـ41 يوما فقط، انتقل بعدها إلى الإسكندرية سنة 1859، ثم عاد للقاهرة عام 1880. وكان المجمع قد أهمل بعد خروج الفرنسيين عام 1801. وضربه الإهمال حتى اهتم به الخديوي محمد سعيد في عام 1856، واستقدم لتطويره مجموعة من الخبراء الأجانب، ليصبح شعلة نشاط في تطوير الحياة العلمية في مصر.

ويضيف: «ضم المجمع مجموعة من الخرائط النادرة لمصر ورسوما نادرة أعدها علماء الحملة، إلى جانب اختراعات دقيقة لهؤلاء العلماء، إلى جانب مكتبة ضخمة بها 200 ألف كتاب في مختلف العلوم والآداب، من بينها 40 ألف كتاب من أمهات الكتب النادرة». كما ضم مبنى المجمع العلمي المصري النسخة الأصلية من كتاب «وصف مصر»، وهو عبارة عن 20 مجلدا بعنوان «وصف مصر أو مجموع الملاحظات والبحوث التي تمت في مصر خلال الحملة الفرنسية»، تمت كتابتها وتجميعها من قبل مائة وخمسين عالما، وأكثر من ألفي متخصص، من خيرة الفنانين والرسامين والتقنيين، الذين رافقوا القائد نابليون بونابرت إبان الحملة الفرنسية على مصر (1798 - 1801).

كانت وزارة الآثار المصرية قد قررت في أعقاب الحريق اتخاذ «بيت السناري» بحي السيدة زينب بالقاهرة مقرا مؤقتا للمجمع العلمي المصري، وذلك لحين الانتهاء من أعمال ترميمه وتجديده. حيث كان بيت السناري هو المقر الأول للمجمع العلمي القديم الذي أنشأه نابليون بونابرت خلال الحملة الفرنسية على مصر.

شهد الافتتاح وزير الثقافة المصري محمد صابر عرب، ورئيس المجمع العلمي الدكتور إبراهيم بدران، والأمين العام للمجمع الدكتور محمد عبد الرحمن الشرنوبي، وبحضور عدد كبير من الوزراء والقيادات العسكرية.