الشريط الوردي.. من شعار «توعوي» إلى «موضة» أكتوبر

أصبح يزين الملبوسات والحقائب النسائية.. مع حملات الكشف عن سرطان الثدي

الشريط الوردي أصبح موضة في السعودية بعد أن اجتاح عالم الملبوسات («الشرق الأوسط»)
TT

مع بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام وحتى نهايته، نرى اللون الوردي في كل شيء حولنا؛ على شكل شريط صغير، بدءا من صفحات المواقع الإلكترونية وحتى الملابس والإكسسوارات والأكواب، مرورا بأزياء المشاهير ونجوم التلفزيون.

وفي السعودية، يجوز لنا أن نصف الشريط الوردي بأنه «موضة» شهر أكتوبر، خاصة في هذه السنة التي شهدت زخما كبيرا في حملات التثقيف الصحي حول سرطان الثدي، في ظل ما يمثله هذا الشريط من شعار توعوي بضرورة الكشف المبكر عن المرض.

إذ أصبح الشريط الوردي حاضرا في مختلف المحافل النسوية، مزينا حقائب السيدات وألبسة الفتيات، خاصة مع تنافس الكثير من المتاجر في السعودية على استثمار حالة الصخب التوعوي في إنتاج قطع تحمل الشريط الوردي، في حين ينبه القائمون على برامج التوعية إلى ضرورة التأكد من أن العائد المادي لها يذهب إلى الأماكن التي تستحق التبرع، خاصة أن بعض الشركات التي تنتج هذا الشريط لا تتبرع إلا بجزء قليل جدا من العائد المادي لبيع الأشرطة.

ليس هذا كل شيء، بل تجاوز الشريط الوردي عالم الألبسة والإكسسوارات ليكون حاضرا كذلك في الملتقيات الاقتصادية المتعلقة بالمرأة، ومنها الحفل السنوي لسيدات الأعمال الذي أقيم في المنطقة الشرقية مطلع هذا الشهر، إذ جاء الشريط في واجهة العرض الرئيسي للحفل، للمرة الأولى، في حين كان لافتا اتخاذ الكثير من سيدات الأعمال الشعار الوردي ليزين حلتهن، وخاصة على الحقائب.

من جهتها، تؤكد الدكتورة فاطمة الملحم، رئيس حملة «الشرقية وردية» للتوعية بالكشف المبكر عن سرطان الثدي، سرورها برؤية انتشار الشريط الوردي بصورة كبيرة هذا العام، مضيفة بالقول: «نحن نحتاج إلى الكثير من التوعية للرعاية الصحية الأولية المتعلقة بالمرأة»، مشيرة إلى أن التوعية بضرورة الكشف المبكر عن سرطان الثدي من المفترض أن يستمر طيلة العام وليس خلال شهر أكتوبر فقط.

وتضيف الملحم خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، لتؤكد أن النظرة المجتمعية لسرطان الثدي تغيرت في السعودية بشكل كبير، بقولها: «سابقا، لم تكن المرأة تتكلم عن سرطان الثدي، بل وحتى التي تصاب به ربما لا يعلم أهلها الموجودون معها في البيت عن ذلك»، وتابعت قائلة: «كل سنة يزيد مستوى الوعي عن السنة التي تسبقها، فسابقا لم تكن تأتينا سوى سيدة واحدة للكشف المبكر، والآن أصبحنا نستقبل 10 سيدات باليوم، لكن هذا ليس طموحنا، فنحن نتمنى أن تصلنا 100 سيدة يوميا».

بينما يظهر الدور الذي يلعبه الشريط الوردي لسرطان الثدي في كونه يمثل تذكيرا وتنبيها للسيدات ومحفزا لهن على التوجه للكشف المبكر، كما تبرر بعض الفتيات اللاتي حادثتهن «الشرق الأوسط»، مؤكدات أن الشريط تحول فعلا إلى موضة، من حيث تسابق الفتيات إلى ارتدائه في مختلف القطع، أو كإكسسوار صغير، يرمز للتوعية ويواكب الموضة، على طريقة «ضرب عصفورين بحجر واحد»، حيث يزداد حضور الشريط في الجامعات، ليجتاح الأقلام والكراسات والأساور والحقائب.

وعودة إلى قصة ولادة الشريط الوردي، ففي خريف عام 1991 قامت مؤسسة «سوزان جي كومن» بتوزيع شريط وردي على المتسابقات الناجيات من سرطان الثدي، في إطار حملة توعية بسرطان الثدي بمدينة نيويورك، وفي عام 1992 اعتمد الشريط الوردي كرمز لشهر التوعية السنوية بخطر سرطان الثدي، حيث تعاون كل من الناجية «إيفلين لودر» ورئيسة تحرير مجلة «صحة النساء الذاتية» وشركة التجميل «استي لودر» من أجل صناعة شرائط وردية اللون وبيعها في متاجر شركة مستحضرات التجميل العملاقة في متاجر نيويورك.. ومن هنا بدأ الشريط الوردي بالظهور إلى العالم.

يأتي ذلك في حين يكشف القائمون بحملة «الشرقية وردية» التوعوية عن أن سرطان الثدي هو القاتل الأول للنساء في السعودية، في حين تأتي المنطقة الشرقية لتكون الأولى في حجم الإصابة بالمرض على مستوى بقية المناطق، بينما تفيد الإحصاءات الحديثة بأن سرطان الثدي يصيب امرأة من أصل ثماني نساء، وبالتالي فهو يعد من أخطر الأمراض الفتاكة بالنساء.

أمام ذلك، تعود الدكتورة الملحم لتؤكد ضرورة الكشف الدوري على الثدي، مؤكدة أن تنظيم الحملات الوطنية التوعوية للكشف المبكر عن سرطان الثدي بات يحقق نتائج إيجابية على مستوى السعودية بعد أن أسهمت في اكتشاف عدد من الإصابات في مراحل مبكرة، وهو الأمر الذي ساعد المصابات في التخلص من هذا المرض القاتل الذي تصل نسبة الشفاء منه إلى 98%، وذلك متى ما تم اكتشافه وعلاجه مبكرا.