3 من كل 4 نساء يخضعن لعلاج سرطان الثدي من دون الحاجة إليه

الفحص الدوري يؤدي إلى علاج بعض الأورام التي لا تؤثر على صحة المرأة أثناء حياتها

مظلات باللون الوردي تغطي أحد شوارع مدينة صوفيا في بلغاريا احتفالا باليوم العالمي لمكافحة سرطان الثدي (رويترز)
TT

يخضع نحو 4 آلاف امرأة في بريطانيا للعلاج من سرطان الثدي.. لا يكنّ بحاجة إليه وفقا لأحدث دراسة تحليلية طبية! إلا أن الدراسة أشارت إلى أن العلاج يسهم أيضا في إنقاذ أكثر من 1300 امرأة سنويا.

وقد توجه فريق مستقل من الأطباء بطلب إلى الهيئات الصحية بضرورة إعادة تقييم برامج الفحص الدوري التي تجرى بين فترة وأخرى على النساء من مختلف الأعمار، وذلك بعد عثوره على حوادث يتم فيها تشخيص بعض الأورام لدى عدد من النساء، لا تشكل أي مخاطر صحية عليهن أثناء فترة حياتهن. وفي العادة يلجأ الأطباء لتحويل هذا العدد من النساء إلى العلاج.

ويحتدم الجل بين الأطباء في العالم حول أهمية إجراء الفحص الدوري على النساء لرصد بدايات سرطان الثدي، إذ حذرت دراسة أوروبية كان قد أجريت حديثا من أن الفحص الدوري لسرطان الثدي على النساء يؤدي إلى أضرار أكثر من الفوائد. ولذا توجه الباحثون في الدراسة الجيدة إلى إجراء تحليل لنتائج 11 دراسة شملت آلاف النساء، بهدف التوصل إلى نتيجة حاسمة في هذا الشأن وأظهرت الدراسة التي نشرت في مجلة «لانسيت» الطبية أنه مقابل كل حالة سرطان عولجت بنجاح أو تم درؤها، رصدت ثلاث حالات لنساء تم تهويل تشخيص الأورام لديهن ولذا خضعن لعلاج إما جراحي أو بالأدوية الكيميائية أو بالإشعاع.

وعقبت مؤسسة «كانسير ريسيرتش يو كاي» المتخصصة بأبحاث السرطان في بريطانيا التي شارك باحثوها في الدراسة، بقولها إنه وعلى الرغم من هذه النتائج فإن من الضروري «توصية النساء بإجراء فحص دوري على سرطان الثدي». وأضاف الناطق باسمها أن «الفحص الدوري يظل واحدا من أفضل الوسائل لرصد العلامات الأولى لسرطان الثدي، وفي المرحلة التي يكون فيها العلاج ناجحا على الأغلب».

من جهته عقب البروفسور السير مايك ريتشاردز رئيس هيئة السرطان الوطنية في بريطانيا بأنه «سيتم إعادة صياغة المنشورات الصحية الخاصة بسرطان الثدي على ضوء المعلومات الجديدة.. وسيكون بمقدور النساء اتخاذ قراراتهن الشخصية». وأضاف: «لقد أكدنا دوما أنه توجد بعض المخاوف من سرطانات يمكن رصدها لا تتسبب في أي مشكلات خلال فترة حياة المرأة».

إلا أن بعض الاختصاصيين البريطانيين حذروا من أن هذا المسعى قد يضلل بعض النساء ويؤدي إلى تخليهن عن إجراء الفحوص الدورية.

وكانت جامعة هارفاد الأميركية قد نشرت حديثا وضمن منشوراتها الصحية، مراجعة للأبحاث في هذا المجال (انظر «صحتك»/ «الشرق الأوسط» في 20 يوليو /تموز 2012) أشارت فيه إلى أنه وعلى الرغم من توصل بعض الأبحاث إلى أن تصوير الثدي الشعاعي يخفض من مخاطر الوفاة نتيجة الإصابة بمرض سرطان الثدي على المدى الطويل، فإن هذه الاختبارات التصويرية يمكن أن تكون لها نتائج إيجابية كاذبة مما يمكن أن يؤدي إلى اختبارات أو علاجات لا داعي لها.

لكن الدكتورة باربرا سميث، مديرة برنامج الصدر بالمستشفى العام في ماساشوستس وأستاذة الجراحة المساعد في كلية هارفارد للطب، كانت قد حذرت من التماهل في إجراء الفحص، إذ إن تصوير الثدي الشعاعي أمر مرغوب للنساء اللاتي تتجاوز أعمارهن 50 عاما، وقالت إن «السيدات اللاتي يتوفين نتيجة سرطان الثدي هن النساء اللاتي لم يجرين فحص الثدي الشعاعي، وإذا انتظرن حتى يصبح الورم كبيرا بما يكفي للإحساس به عن طريق اللمس، فإن احتمالات الوفاة تكون أكبر».

وعلى الرغم من قدرة تصوير الثدي الشعاعي على اكتشاف سرطانات الثدي، فإنه لا توجد ضمانات لإنقاذ حياة المرأة، إذ يمكن للفحص أن يخطئ في تشخيص 20 في المائة من الأورام، خصوصا إذا كانت المرأة تعاني من كبر حجم الصدر. وعند عدم اكتشاف الفحص للسرطان؛ فقد يتم تحويل المرأة إلى الكشف بالموجات فوق الصوتية، أو فحص نسيج الجسم في الوقت الذي لا تكون بحاجة إليه. وأخيرا فإن تصوير الثدي يعرض المرأة إلى كميات ضئيلة من الإشعاع على الرغم من أن خطر الإصابة بالسرطان عند تصوير الثدي لا يكاد يذكر.

ويقدم الأطباء الأميركيون بعض التوصيات المتفاوتة، إذ يوصي معهد السرطان الوطني كل النساء في عمر 40 عاما فما فوق بالقيام بتصوير الثدي الشعاعي كل عام أو عامين. بينما توصي جمعية الطب الأميركية بإجراء فحص الثدي سنويا، بدءا من سن الأربعين والاستمرار في ذلك.

وتوصي «قوة عمل خدمات الوقاية الأميركية» بإجراء فحص الثدي كل عامين للنساء بين سن الخمسين والرابعة والسبعين، لكن لا توجد أدلة كافية للقيام بفحص الثدي بانتظام لدى النساء في سن الخامسة والسبعين فما فوق ذلك. ونظرا لاختلاف توصيات المؤسسات بشأن عدد مرات إجراء الفحص أو النطاق العمري، قد يكون من الصعب معرفة أي التوصيات التي يمكن اتباعها.