دراسة علمية تسلط الضوء على الأهمية التاريخية والسياحية لمدينة العريش

شيدت على نظام القلاع الفرعونية.. واختيرت ثاني أفضل مدينة ساحلية في العالم

تعاني المحافظة من ضعف في وسائل تطوير المنتج السياحي في منطقة العريش وعنصر المنافسة في هذه المنطقة وانخفاض مستوى الوعي السياحي
TT

على الرغم من موقعها الفريد على شاطئ المتوسط في أقصى الشمال بشبه جزيرة سيناء، وتناثر العديد من التراث الحضاري بها، فإن دراسة علمية بعنوان «التنمية السياحية لشمال سيناء دراسة تطبيقية على مدينة العريش» أعدها الباحث رمضان مصطفى محمد خضر، كشفت عن أن «المحافظة تعاني من ضعف في وسائل تطوير المنتج السياحي في منطقة العريش، في ضوء تحليل الطلب السياحي وعنصر المنافسة في هذه المنطقة وانخفاض مستوى الوعي السياحي لدى أفراد المجتمع المحلي بصورة تؤثر على جودة المنتج السياحي في هذه المنطقة وانخفاض مستوى المرافق الأساسية (التحتية والفوقية) وكذلك الخدمات العامة والسياحية بشكل كبير».

وأوضحت الدراسة «عدم وجود خطط واقعية ومرنة للتنمية السياحية في سيناء، بحيث يمكن تطبيقها بشكل كامل لتحقيق الفائدة المرجوة لأفراد المجتمع المحلي، بالإضافة إلى عدم وجود برامج لصيانة وحماية القلاع والحصون والمناطق الأثرية يمكن تطبيقها بشكل دوري، وأن معظم السائحين الذين يفدون إلى منطقة العريش يأتون للمرة الأولى بنسبة 78.3 في المائة، وهذا يعني ضعف خطط التسويق والترويج السياحي لمنطقة العريش».

وذكرت الدراسة أن «انخفاض مستوى إقامة السائحين في مدينة العريش يتراوح بين يومين و4 أيام، وهو ما يعتبر متوسطا إذا ما قورن بمتوسط إقامة السائحين في جنوب سيناء، مما يؤثر على حجم الإيرادات السياحية». كما أكدت الدارسة أن «تعدد الجهات المالكة لمعظم الأراضي في منطقة العريش (المحافظة)، والجيش والبدو، يؤثر بشكل كبير على نجاح التنمية السياحية في المنطقة، وأنه لا توجد استراتيجية واضحة لتطوير عناصر الجذب السياحي في المنطقة أو تنويع المنتج السياحي فيها، مما يؤثر بالسلب على الحركة السياحية الوافدة لمنطقة الدراسة، وكذلك هناك عدم توازن بين المشروعات السياحية المقترح إنشاؤها من حيث توزيعها وتوقيت تنفيذها، وانخفاض في مستوى الوعي السياحي لدى أفراد المجتمع المحلي وكذلك الفئات التي تتعامل مع السائحين بشكل مباشر».

وأكدت الدارسة «عدم وجود تنسيق فعال بين الجهات الحكومية لبناء السدود لتخزين مياه السيول والأمطار، للاستفادة بها في عمليات التنمية الزراعية أو إعادة معالجتها للاستخدام في أغراض الشرب، وعدم قيام وزارة البيئة بأي جهود رقابية فعالة على مناطق المحميات الطبيعية الموجودة في منطقة الدراسة، وضعف البرامج اللازمة لتنمية وتكاثر الحيوانات البرية المعرضة للانقراض أو التي انقرضت من شمال سيناء وأعيد توطينها مرة أخرى، وعدم وجود أي دليل علمي من الحيوانات البرية في سيناء أو أي إحصائيات يعتمد عليها في متابعة ومراقبة مناطق وجود هذه الكائنات، وعدم وجود برامج للمراقبة الصحية للحيوانات البرية في سيناء لمقاومة وعلاج أي أمراض معدية تصاب بها هذه الحيوانات».

كما أكدت الدراسة «عدم وجود نظام رشيد يساعد المواطنين والمزارعين على ترشيد استخدام المياه في قطاع الشرب والزراعة، وربط الاستهلاك بتسديد القيمة المالية في قطاع الشرب والزراعة، وربط الاستهلاك بتسديد القيمة المالية وذلك بهدف ترشيد استهلاك المياه، وضعف دور الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال البيئة في المحافظة على المشاركة بفاعلية في حماية التنوع البيولوجي في شمال سيناء خصوصا العريش، وعدم اتخاذ الإجراءات الحازمة بشأن وقف الصرف الصحي والكيمائي من الدول المجاورة إلى البحر المتوسط واحترام المعاهدات الدولية، وأهمها معاهدة برشلونة لحماية البيئة البحرية للبحر المتوسط 1975، والتي وقعت عليها جميع دول الحوض ومن بينها مصر، ولا توجد اعتمادات مالية مخصصة لصيانة الآبار المائية في منطقة العريش، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر بالإيجاب على طول عمر هذه الآبار وزيادة كفاءتها».

وأشارت الدراسة إلى «سوء وسائل النقل والمواصلات، خصوصا سيارات الأجرة التي تستغل السائحين وتعطي صورة سياحية سيئة عن هذه المنطقة، كما لا توجد رقابة فعالة عليها من الجهات المعنية بذلك، وعدم وجود لوحات إرشادية على المواصلات أو حتى الشوارع الرئيسية باللغات الأجنبية المختلفة لإرشاد السائحين وتسهيل عملية التنقل لهم، وعدم وجود وسائل للمواصلات للمناطق الأثرية والأماكن السياحية في منطقة العريش، وعدم وجود سيارات نظيفة وجيدة على المستوى السياحي للأجرة، تعمل على نقل السائحين من المطار إلى أماكن الإقامة المختلفة، واستغلال سائقي سيارات الأجرة للسائحين، مما يؤثر على رضا السائحين عن رحلتهم السياحية، ويؤثر في مدة إقامتهم وإنفاقهم، وبالتالي عدم التفكير في تكرار الزيارة مرة أخرى، وفشل الإجراءات في منافذ الوصول وعدم فاعلية أسلوب تفتيش الحقائب والأمتعة».

كما أوضحت «سوء مستوى الخدمة السياحية في كثير من الفنادق والمطاعم والأماكن السياحية في منطقة العريش وعدم كفاية الطاقة الفندقية في بعض الأوقات من العام للزائرين للمنطقة، مما يساعد أصحاب الشقق المفروشة وأماكن الإقامة البديلة على استغلال السائحين، بالإضافة إلى عدم وجود رقابة كافية، خصوصا من وزارة السياحة على أماكن تقديم الخدمات السياحية، وضعف الوجود الأمني في أماكن تقديم الخدمات السياحية بما فيها الفنادق، مما يسمح لبعض المتسولين بمضايقة السائحين، وضعف الجهود التسويقية المبذولة التي تهدف إلى تنشيط الحركة السياحية الوافدة، وعدم وجود استراتيجية سياحية للتعامل مع المجموعات والأفواج السياحية القادمة إلى المنطقة، تقوم على أساس تخفيض أسعار الخدمات السياحية المقدمة لهم».

يشار إلى أن مدينة العريش تأسست على أنقاض القلاع، وأعيد تأسيسها في عهد السلطان سليمان القانوني في عام 1568. وكانت العريش ميناء مهما منذ أقدم العصور، حيث كانت الميناء الوحيد بشمال سيناء على البحر المتوسط، كما كان لها موقعها الاستراتيجي على الطريق الحربي الكبير (طريق حورس) وكانت تمر بها الجيوش دائما. وفي العصور الوسطي احتلت أهمية خاصة خلال فتح العرب لمصر، وهي أول مدينة مصرية دخلها الإسلام بعد الفتح الإسلامي لها بقيادة عمرو بن العاص.

وقد نمت العريش نموا شديدا في العصر المملوكي، واهتم السلطان المملوكي قنصوه الغوري بإنشاء القلاع فيها نظرا للأخطار التي كانت تحدق بدولته من ناحية الشرق خاصة الخطر العثماني.

وفى الوقت الحاضر تعتبر مدينة العريش مركز النشاط الثقافي والاجتماعي في شمال سيناء، كما أنها أكبر مدينة صحراوية في مصر على الإطلاق، وأشهر ما يميزها هو شاطئها الجميل على البحر المتوسط والذي تنتشر عليه القرى السياحية، ويعرف بصفوف النخيل الكثيفة والتي تميزه عن أي شاطئ رملي آخر على ساحل البحر المتوسط. وعندما تعرضت العريش لهجوم الصليبيين في عام 1181م، قطع الصليبيون أشجار النخيل بها وحملوا جذوعها إلى بلادهم لاستخدامها في صناعة السفن المعروفة بـ«الجلاب» التي تصنع من جذوع النخيل.

وتعتبر قلعة العريش هي الأثر الوحيد المتبقي بمدينة العريش، وكانت بداخلها بئر وحديقة ومساكن الجند، وشهدت أحداثا تاريخية مهمة كمعاهدة العريش 1800م بين الأتراك والحملة الفرنسية. والقلعة بحاجة لاستكمال أعمال الحفر والصيانة والترميم.

وقد صنفت مدينة العريش منذ عشرات السنين ومن خلال مؤتمر عقد بالعاصمة الكينية نيروبي كأفضل ثاني مدينة ساحلية في العالم من حيث النقاء والجو والطبيعة الساحرة.