القاهرة على خطى التجربة التركية

وقعت مع بلدية إسطنبول بروتوكولا لحل مشاكل المرور وتحسين الخدمات

كلمة رئيس بلدية إسطنبول قادر طوباش أثناء المؤتمر الصحافي
TT

في تجربة تشبه لعبة الكراسي الموسيقية لتبادل الخبرات الحضارية، يجلس الأتراك اليوم في المكان الذي احتله من قبل أمهر الحرفيين المصريين في القرن الرابع عشر الميلادي، عندما أمر السلطان سليم الأول بتهجير الحرفيين المصريين من مصر لبناء الأستانة.. فقبل يومين وقع رئيس بلدية إسطنبول قادر طوباش، مع محافظ العاصمة المصرية «القاهرة» الدكتور أسامة كمال، بروتوكول تآخ بين القاهرة وإسطنبول، لنقل خبرات الأخيرة في تحسين أوضاع المرافق بمصر وحل مشاكل المدينة من أزمات المرور الخانقة والمواصلات والمخلفات الصلبة.

وفي مؤتمر صحافي في القاهرة تم التوقيع على الانتقال ببروتوكول التآخي بين القاهرة وإسطنبول، الذي تم تجديده العام الماضي من الجزء الورقي المعنوي إلى الجزء العملي، وذلك للاستفادة من التجربة التركية في إدارة المحليات بشكل خاص في المشاكل التي تواجهها المدن الكبرى كالمرور والمواصلات والعشوائيات وتدوير المخلفات الصلبة.

وقد استطاع الأتراك في وقت وجيز تحسين أوضاع المرور والمواصلات والتخلص من القمامة وتحسين المرافق العامة والبنية التحتية بشكل كبير، وإن لم يكن ذلك النموذج يحاكي بشكل كبير بعد الدول الأوروبية المتقدمة، إلا أنه يعد أحد النماذج الناجحة في الانتقال من الفوضى إلى النظام.

وتواجه القاهرة بشكل خاص ومصر بشكل عام مشاكل كبيرة في حل أزمات المرور والمواصلات والمرافق العامة والنظافة.. وعليه، تسعى مصر للاستفادة من التجربة التركية في تحسين أوضاعها في فترة وجيزة خاصة أن أوضاع القاهرة في الوقت الحالي تتشابه إلى حد كبير مع الأوضاع في إسطنبول منذ نحو عشر سنوات، حيث استطاع رئيس الوزراء التركي رجب الطيب أردوغان إحداث تطوير في البنية التحتية للمدينة وإنشاء السدود ومعامل تحلية المياه لتوفير مياه شرب صحية لأبناء المدينة، وكذلك قام بتطوير أنظمة المواصلات بالمدينة من خلال أنشطة شبكة مواصلات قومية، وقام بتنظيف الخليج الذهبي (مكب نفايات سابقا) وأصبح معلما سياحيا كبيرا، وبهذه الطريقة استطاع أردوغان تحويل مدينة اسطنبول إلى معلم سياحي كبير.

وأتى رئيس بلدية اسطنبول على رأس وفد يضم عددا كبيرا من المتخصصين الأتراك لمناقشة ملفات المرور والمواصلات والعشوائيات ومشاريع المياه والصرف الصحي. وأشار إلى أن تركيا استطاعت في السابق أن تنقل خبرتها في إدارة المحليات والنفايات والمواصلات إلى مدينة لاهور بباكستان في فترة وجيزة. وأضاف أن الكثير من المواضيع الاقتصادية ستتم مناقشاتها باستفاضة خلال زيارة أردوغان إلى القاهرة يوم 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وقال حسين عوني بوطسالي، سفير تركيا في القاهرة «تم في العام الماضي التباحث بين محافظ القاهرة السابق ورئيس الوزراء التركي رجب الطيب أردوغان في عدد من المواضيع التي تؤثر على الحياة اليومية لكل المواطنين بالقاهرة، والتي تخص مشاكل المرور والنقل البري والنهري وإعادة تدوير المخلفات الصلبة ومواقف السيارات والباعة الجائلين والأسواق الخاصة بهم، ونتيجة لهذا الحوار جاء رئيس بلدية اسطنبول ومعه وفد من المسؤولين عن الشركات التي تعمل تحت إدارة بلدية إسطنبول لبحث سبل التعاون المشترك في هذه المجالات».

ولتركيا نموذج فريد في حل مشاكل الباعة الجائلين، فالملاحظ في تركيا أن لكل سلعة عربة معينة لها شكل ولون واحد تتبع بلدية إسطنبول، مثل عربات السميط بلونها الأحمر، وعربات الذرة بلونها الأصفر، وجميعها تقف على شريطي البوسفور والأماكن السياحية المزدحمة مثل ساحة مسجد السلطان أحمد وحي السلطان أيوب الأنصاري وغيرهما بشكل حضاري وليس بطريقة عشوائية. وأشار كمال إلى أن الجانب التركي سيبدأ في التعاون مع الجانب المصري بتقديم دعم في التدريب والاستشارات في هيكلة وإدارة نظم الإدارة المحلية والملفات التي سبق ذكرها والتي كان طرحها رئيس الجمهورية المصري الدكتور محمد مرسي في خمس نقاط هي «العيش والمرور والوقود والنظافة والأمن» كبداية لتطوير الوضع الحالي في القاهرة ومصر بشكل عام.

وقال الدكتور علي عبد الرحمن، محافظ الجيزة، إن مجال التعاون المشترك سيضم أيضا سبل رفع كفاءة الإدارات، مثل إدارة شركات النظافة والإدارة العامة للمحليات. وأشار إلى أن «تركيا لديها تجربة ناجحة ونريد أن ننقل منها الدروس المستفادة التي تصب في مصلحتنا، وكذلك طرح التعاون في مجال السياحة والذي يمثل عنصرا رئيسيا من مصادر الدخل في محافظة الجيزة من خلال إقامة شراكة تسويق بين الشركات السياحية في إسطنبول والجيزة للترويج السياحي».