خالد مزنر يفوز بالأسطوانة الذهبية المزدوجة بفضل مبيعات فيلم «هلأ لوين»

سلمها سليم بسال مدير «رايت تراك» في حفل بـ«فيرجين ميغا ستور» في بيروت

خالد مزنر أثناء تسلم جائزته من سليم بسال مدير الشركة («الشرق الأوسط»)
TT

في حدث يعتبر الأول من نوعه في لبنان، حاز الموسيقي خالد مزنر على الأسطوانة الذهبية المزدوجة (Double golden disk) من قبل شركة «رايت تراك» لنسبة المبيعات العالية التي حققتها موسيقاه لفيلم «هلأ لوين» في لبنان والعالم العربي، وقد سلمه إياها سليم بسال مدير الشركة الفنية المذكورة في حفلة تكريمية أقيمت له في المركز التجاري «فيرجين ميغا ستور» وسط بيروت. وكان الفيلم الذي أخرجته وشاركت في تمثيله زوجته نادين لبكي قد تضمن مقطوعات موسيقية تختلف ما بين الصامتة والمغناة رافقت أحداثه منذ بدايته حتى لحظة كتابة عبارة النهاية له، وجاءت أحيانا مؤثرة لامست شعور المشاهد فأبكته وأحيانا أخرى فرحة وحالمة خاطبت أحاسيسه فتمايل معها لاشعوريا فخرج بعد العرض وهو يردد أغاني «حشيشة قلبي» و«يمكن لو» و«كيفو هالحلو» أو يدندن مقطوعة لموسيقى صامتة رافقت مشهدا رئيسيا في الفيلم بعنوان «رقصة الجنازة» أو «المسيرة الكبرى».

وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، عبر مزنر عن سعادته بهذا التكريم الذي لم يأتِ عن لجنة تحكيم بل عن الجمهور مباشرة، مما يعطيه رونقا ونكهة خاصين، مشيرا إلى أنه سيتوجه في الأسبوع المقبل إلى فرنسا للمشاركة في حفلة «جائزة الساسيم»، التي يشارك فيها 10 موسيقيين مرشحين لنيل الجائزة، وقد لحنوا لأفلام سينمائية معروفة مثل «The artist»، بحيث سيكون اللبناني العربي الوحيد المشارك فيها عن موسيقى فيلم «هلأ لوين».

وعن رأيه بأوضاع ملحني الموسيقى الصامتة اليوم، وصفها بأنها، لسوء الحظ، باتت لا تجد من يتبنى إنتاجها، وأن الأفلام السينمائية وحدها هي التي تؤمّن الفرص لإطلاقها.

وأضاف أنه في الماضي كان هذا النوع من الموسيقى يؤلفه «موتزار» مثلا ليعزفه أمام أحد الملوك، بينما «باخ» كان يقدمها في مراسم خاصة للكنيسة، ولكننا اليوم نعاني من قلة إنتاج للموسيقى الصامتة التي نادرا ما تعيش بعد نهاية عرض الفيلم السينمائي الذي يتضمنها.

وعما إذا كان يشعر بأن هذا التكريم جاء متأخرا، خصوصا أنه سبق أن نال جائزة «سيزار» عن موسيقى فيلم بعنوان «أفتر شايف»، واختير ليكون ملحن المؤتمر الفرانكوفوني في لبنان، الذي شاهده 60 مليون متفرّج عبر محطات التلفزة، رد مزنر: «لا أعتقد ذلك بتاتا فكل شيء يأتي في وقته، وبرأيي أنه لو حصل ذلك سابقا لشكّل خطرا على كيفية تلقيّ له»، وأضاف ممازحا: «يعني كان يمكن أن تكبر الخسة برأسي مثلا» (أي أن يصاب بالغرور). ووصف خالد مزنر أوقات تأليفه الموسيقى بـ«التنسك»، إذ يبتعد تماما عما يحيط به ليتفرغ لكتابة الموسيقى، وإذا كان في المدينة فهو يعمل ليلا، وإذا كان خارجها فيوصل ليله بنهاره، إذ يكون بأمس الحاجة إلى الصمت والهدوء ليبحث عميقا عما في داخله بعيدا عن أي تأثيرات خارجية.

أما أكثر أنوع الموسيقى التي تأثر بها منذ صغره فهي النابعة من أميركا الجنوبية، وبالتحديد من المكسيك، لأن والدته التي كانت موسيقية أيضا عاشت هناك، فنقلت إليه هذا الحب بصورة غير مباشرة.

ويقول: «هذا النوع من الموسيقى ولد في اللاوعي عندي وأعتقد أنه يتجانس مع موسيقانا الشرقية فالعازف الأرجنتيني استور بيازوللا مثلا، ابتكر موسيقى التانغو من لحن فولكلوري شعبي قديم، فطوّره ليصبح التانغو الذي نعرفه اليوم، وأنا بدوري وفي معزوفة (يمي) من فيلم (هلأ لوين) استخدمت إيقاع الموال المعروف في لبنان، وأدخلت عليه الموسيقى الكلاسيكية، فالموسيقى هي لغة روحانية نستطيع أن نحاكي فيها أي شخص من أي بلد كان؛ فعندما يتلقاها المستمع تشكل تواصلا روحانيا بينه وبين مؤلفها، فتكون أقوى من علاقة الدم برأيي».

وعما إذا كان ينوي تقديم حفلة موسيقية خاصة تتضمن مقطوعات من تأليفه قال: «أستعد لذلك في المستقبل القريب، إذ كنت أنتظر أن يصبح لدي مجموعة من المقطوعات التي يعرفها الناس وفيلما (كاراميل) و(هلأ لوين) ساهما في تسريع هذه الخطوة، وقد أصبح جاهزا لهذا العرض بعد نحو ستة أشهر».

ولكن هل خالد مزنر يدين بشهرته لزوجته نادين لبكي؟ يرد مبتسما وبعفوية: «أنا محظوظ كون نادين لبكي هي زوجتي، وهي التي ساهمت في انتشار ألحاني الموسيقية من خلال أفلامها السينمائية، وكوننا نعيش سويا فقد رافقتها في تفاصيل سيناريو تلك الأفلام، مما جعل مهمة تأليفي للموسيقى دقيقة وممتعة، لأنني أحب أن أعمل انطلاقا من السيناريو؛ فالكلمة تغذي الخيال فتأتي الموسيقى حينها منصهرة مع الموضوع، لا يمكن فصلها عن بعضها البعض، عندها يمكن أن تشكّل نموذجا يستمر ويبقى حتى بعد انتهاء عرض الفيلم، وهو أمر نادر أن نلاحظه في إطار موسيقى الأفلام؛ فأنا مثلا لا يمكني أن أنسى موسيقى فيلم (العراب)، وأعتقد أن هناك كثيرين مثلي لم ينسوها، وهذا ما أعنيه بموضوع الاستمرارية والبقاء في ذاكرة المشاهد عن طريق السماع».

ويضيف: «الموسيقى أحيانا تخاطب مستمعها لاشعوريا فتتحول الآلة إلى صوت له لغته فيتكلم بانسياب، ولا تستطيع أن تفلت من تأثيره عليك».

وخالد مزنر الذي درس الموسيقى على يد أحد روادها في لبنان الراحل بوغوص جلاليان تخصص في المحاماة، إلا أنه اختار الموسيقى مهنة له ويقول في هذا الصدد: «أردت أن أدرس الحقوق، علني أجد حلا دستوريا للمشكلة اللبنانية، ففي عمر الـ17 كنت مهووسا بفكرة إيجاد حل للحرب اللبنانية كي لا نعيشها مرّة جديدة، وأسئلة كثيرة كانت تراودني ولا أجد حلا لها، مثلا: لماذا وصلنا إلى هنا؟ أو ماذا اقترفنا من أغلاط لتصبح الحرب رفيقتنا الدائمة؟ وكنت أقول لنفسي إن باقي الدول التي سبق وخاضت الحروب وجدت شعوبها طريقا نهائيا لتعيش السلم، فلماذا لا نجده بدورنا؟ ولكنني اتجهت في النهاية نحو الفن، فأنا ابن بيت فني وترعرعت على عزف أمي للبيانو، وكنت أعتقد أن كل الناس تجيد العزف وتعرف بالموسيقى مثلي وكانت مفاجأتي كبيرة عندما علمت العكس، وبرأيي أننا أيضا من خلال الفن يمكننا أن نعبر عن أفكارنا وعن الحلول المعقولة لمشكلاتنا، وفيلم (هلأ لوين) كان بمثابة رسالة واضحة في هذا الإطار، وسنستمر نادين وأنا في البحث عن هذه الحلول وعلى طريقتنا».

والمعروف أن خالد مزنر هو ابن عائلة مشهورة في عالم المجوهرات، وعندما سألته «الشرق الأوسط» إذا كان يعتبر مقطوعاته الموسيقية قطع مجوهرات من نوع آخر، ضحك وأجاب: «لقد تأثرت بعبارة كتبها أحد الشعراء لوالدي قال له فيها (إلى الذي يتعاطى صناعة المجوهرات دون أن ينسى الجوهر)، وما زالت تحفر في ذاكرتي حتى اليوم، فليس من المستبعد أن أكون (جواهرجي) من نوع آخر».