«ياسمين دمشق» يتألق في ميدان التحرير بالقاهرة

ناشطون سوريون زرعوه في مظاهرة حب لمصر

الياسمين الدمشقي يتألق بعطره الفواح في قلب ميدان التحرير بالقاهرة
TT

شهد ميدان التحرير، أيقونة الثورة المصرية بالعاصمة القاهرة، مظاهرة حب من نوع خاص، تصدرتها زهرة الياسمين بعطرها الفواح ورائحتها الشامية الذكية، حيث زرع عدد من أفراد الجالية السورية بمصر يوم السبت الماضي شتلات من زهرة الياسمين في ميدان التحرير، بمشاركة فعاليات سورية عدة شملت سياسيين وتنسيقيات وفنانين وناشطين حقوقيين، وبعض المقربين من الجيش الحر، والشباب المستقلين، وذلك تحت شعار «من الشعب السوري شكرا مصر».

ويعتبر الياسمين من الأصناف العطرية الجميلة، كما تعد زهرته ملكة العطور، وتنفرد برائحة ذكية وشكل فريد رائع. وعرف العرب الياسمين منذ القدم، وتغنوا به في أشعارهم، واقترن ذكره بالسحر والجمال الأخاذ، كما يرمز الياسمين في الثقافة الفرنسية إلى الرباط المقدس بين الزوجين، ويعتبر رمزا للتفاؤل بدوام الزواج، لذلك نجده حاضرا في حفلات الأعراس بقوة.

وفي ذاكرة السوريين لزهرة الياسمين قيمة معنوية عالية، حيث تحولت إلى رمز دمشقي بعدما ارتبطت بتاريخ الشام وانتشرت في بساتين غوطتها، وعلى شرفات منازلها، وقرب جدران بيوتها القديمة، فرائحتها توفر أجواء الراحة وتضفي على الجلسات جمالية خاصة.

وفتحت مصر ذراعيها بكل الحب والترحاب واحتضنت أفرادا من الشعب السوري بعد أن فروا من الموت وقمع نظام بشار الأسد، وسهلت لهم سبل الإقامة، ومساواة الطلبة السوريين بالطلبة المصريين بقرار جمهوري، ومنحتهم حرية التظاهر السلمي في الميادين العامة والوقفات الاحتجاجية أمام سفارات الدول المؤيدة للنظام السوري، والسماح للمعارضين السوريين المستقلين بإقامة نشاطات وفعاليات فنية وأدبية.

وتحتضن القاهرة الكثير من الشخصيات السياسية الرسمية للمعارضة، كمكتب المجلس الوطني السوري ومجلس الأمناء والتنسيقيات، كما ترعى بعض الجمعيات الخيرية شؤون اللاجئين السوريين في مدينة السادس من أكتوبر (تشرين الأول).

وحين يذكر البيت الدمشقي تتداعى إلى الذاكرة مباشرة صورة نمطية حميمة لحيز مكاني يعبق بأريج الفل والحبق والأضاليا والمستحية والياسمين الدمشقي، تلك الزهرة البيضاء التي ارتبطت بمدينة دمشق ارتباطا وثيقا وأصبحت رمزا طبيعيا من رموزها عبر العصور، فتميزت بها وانتشرت في بيوتها القديمة وحدائقها المنزلية لتصبح عاصمة للياسمين. وظلت هذه الزهرة علامة تميز الهوية السورية، وينبوعا للجمال، وأغنية للشعراء.

ولعل أكثر من تغنى بـياسمين دمشق وبياضه الناصع الشاعر نزار قباني الذي أهدته دمشق «أبجدية الياسمين»، حسب تعبيره، أما الشاعر محمود درويش فيقول في قصيدته «في الشام»: «في الشام، أعرف من أنا وسط الزحام، يدلني قمر تلألأ في يد امرأة علي، يدلني حجر توضأ في دموع الياسمينة ثم نام». وبعد الاحتفال وترديد الشعارات المؤيدة لثورة الشعب السوري، وبمشاركة بعض الشباب المصري الذين حضر معظمهم بمحض الصدفة، تولى جبر الشوفي مدير مكتب المجلس الوطني السوري بالقاهرة، وعبد الكريم قطيفان الممثل السوري الكبير، وغسان سلطانة «الخال»، باعتباره خال جميع السوريين ومنبرهم في مصر، بزرع ثلاثة شجيرات للياسمين بمنتصف ميدان التحرير.

وتقول ميسا الشام، وهي ناشطة بمجال حقوق الإنسان: «إن المصريين، شعبا وحكومة، كغيرهم من دول الجوار السوري والدول العربية، بمواقفها القوية والإنسانية وفتح أبوابها للشعب السوري، من جمارك مطار القاهرة إلى سائقي سيارات الأجرة، كان من الواجب علينا أن نضع علامة من علامات سوريا بميدان التحرير».

أما الفنان عبد الكريم قطيفان فيقول: «من خلال التفاعل الشعبي مع السوريين المقيمين في مصر عامة، والقاهرة خاصة، وما نلاقيه من احتواء عاطفي والترحاب بوجودنا، ونحن نردها بالشكر وجزاء الإحسان بالإحسان، ولهم الشكر».

وأشار بدر منصور من هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير إلى الصورة المتكاملة لتجمع كافة أطياف المعارضة السورية من دون استثناء: «الكل صب هنا في ميدان التحرير، وهذا ما ينم عنه الشعب السوري بأخلاقه العالية من إسقاط الفكر الديكتاتوري داخل القيادة المعارضة، ونزرع شجرة الأمل والشكر في مصر».

ويعلق غسان سلطانة «الخال» قائلا: «ما قدمته مصر للسوريين في محنتهم الصعبة يستحق الشكر، والياسمين رمز سوريا ودمشق، ونريد أن نزرع رمزا من رموز دمشق بقلب العاصمة المصرية القاهرة، ورائحة الياسمين أجمل عطر في العالم، وكل الشعراء تغنوا بها، ونحن نحتفل باحتفالية رمزية مع أطياف المعارضة السورية للدلالة على الإحساس بالجميل».

أما مروى، وهي فتاة مصرية مرت بميدان التحرير قادمة من عملها، فاحتفلت مع السوريين وتضامنت معهم، وتقول: «أحتفل معهم بحكم الإسلام والعروبة والإنسانية التي نتقاسمها مع بعض، وأتمنى أن تتحقق أهداف الثورة السورية كما حدث في مصر».