«فن أبوظبي».. حلم تخطى الحدود الإقليمية ودخل المشهد الإبداعي الدولي

المديرة التنفيذية للقسم الثقافي في «هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة»: نحاول جذب المهتمين من كل العالم لنخرج من الدائرة المحلية الضيقة

ريتا عون عبدو المديرة التنفيذية في «هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة» (الصور من آرت كوديك أستوديو وإريك وبيترا بيسميرغ)
TT

اختتم سوق الفنون «أبوظبي آرت» فعالياته يوم الأحد الماضي بعد أن استضاف مشاركين من جميع أنحاء العالم استقطب اهتمامهم عبر الغاليرهات التي عرضت أعمالا لفنانين من جميع أنحاء العالم، وأيضا عبر جلسات حوارية جذبت أعدادا كبيرة من المهتمين، وربما كانت الجلسة التي شارك فيها ثلاثة من أشهر المعماريين في العالم وهم: جان نوفيل وفرانك جيري ونورمان فوستر في أول لقاء يجمعهم معا تحت عنوان «عمالقة الفن المعماري»، الأكثر استقطابا للجمهور؛ حيث اكتظت القاعة بنحو ألف شخص حرصوا على حضور الجلسة مباشرة ووقف عدد ضخم من الجمهور في الخارج محاولين الحصول على مكان لهم بالداخل. الإقبال الذي لقيه المعرض وفعالياته المختلفة ومدى تأثير منصة «فن أبوظبي» على المشهد الفني المحلي والإقليمي كان جانبا من حوار أجرته «الشرق الأوسط» مع ريتا عون عبدو، المديرة التنفيذية للقسم الثقافي في «هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة»، الجهة المنظمة لـ«فن أبوظبي». البداية كانت حول ما يميز «فن أبوظبي» عن الفعاليات المشابهة في المنطقة وفي العالم.. تؤكد ريتا عون عبدو في إجابتها على الصيغة التي تجمع بين المحلية والعالمية: «نحاول أن نقدم منصة متعددة الأبعاد، صحيح أن الهدف هو المعرض الفني، من خلال منصة (فن أبوظبي)، لكن كانت الفكرة الأساسية خلف الحدث هو أن يصبح منصة إبداعية تجسد أفكارا تجريبية وفي الوقت نفسه تقرب بين الأبعاد العالمية والمحلية. لا يجب أن تكون محلية فقط أو عالمية فقط؛ بل يجب أن تجمع بين البعدين وأن تشجع حوارات تفاعلية»، تستطرد عون عبدو قائلة: «نحاول أن نتجاوز الحدود الإقليمية وأن نكون قادرين على تقديم منصة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا، وبهذا الشكل تتسع رؤية خلف إقامة (فن أبوظبي) ليشمل هدف دمج العاصمة الإماراتية بالمشهد الإبداعي الدولي، وأن يأخذ «فن أبوظبي» مكانه بوصفه أحد المراكز الفنية المهمة في المنطقة، ولهذا نحاول أن نجذب المهتمين من كل العالم من أوروبا وآسيا والعالم العربي، لنخرج من الدائرة المحلية الضيقة».

الدائرة الواسعة التي يقام من خلالها «فن أبوظبي» تطرح سؤالا حول مكان الفنان الإماراتي في تلك الفعالية ومدى اقتناع الفنانين المحليين بما يقدم لهم من خلال المعرض الفني وفعاليته في تقديمها للمتلقي العربي والعالمي. تقول عون عبدو: «ما زلنا في أول الطريق، ما زلنا نحاول اكتشاف الأبعاد الجمالية المرتبطة بالهوية الإماراتية، وكانت الطريقة أن نحاول تضمين كل دورة قسما خاصا بالجمالية الإماراتية، فالفن هو جزء من خصوصية وهوية أي مدينة، ونحن في الإمارات اليوم وأكثر من أي وقت سابق نحاول أن نكتشف تلك الخصوصية الفردية للمدينة الموجودة بالذاكرة والتاريخ والوجدان.. اليوم نريد أن نراها في سياق العولمة، وإلا فإننا لن نستطيع مساعدة الفنانين الإماراتيين كي يكونوا على الساحة العالمية».

من أهم المحاور التي حرص القائمون على «فن أبوظبي» على تضمينها برنامج دورة هذا العام، هي الورشات الفنية التي تتوجه إلى الجمهور والأطفال، وأيضا الجلسات الحوارية، ولكن تلك الفعاليات تبقى في نطاق الحدث السنوي، ويكون السؤال هنا حول ضمان تأثيرها على مدار العام. تعلق عون عبدو قائلة إن الورشات التي استضافها المعرض هي جانب واحد فقط من النشاط الذي تقوم به «هيئة أبوظبي».. «في الشهر الواحد لدينا أكثر من 30 برنامجا عاما واسعا ومتنوعا. عموما نهتم بالجانب التثقيفي والتعليمي الذي يمثل منصة وجسرا بين المهتمين من الفنانين والمقتنين والدارسين والمعمارين. الفكرة الرئيسية عندنا هي التشجيع على التحاور وتبادل وجهات النظر، وعندما يكون هذا الحوار المستمر حول الفن الحديث والمعاصر واختلاف الأذواق، فإننا نتيح الفرصة للجميع للتعرف على أنماط جمالية مختلفة»، وتستطرد قائلة: «بالنسبة لما يتبقى من هذه الأنشطة، نحن الآن في طور تكوين متاحف وإقامة معارض بشكل أكبر، وأن تكتمل المتاحف وتكون المعارض متاحة بمعنى الكلمة للجميع، سنجد أن هناك حاجة ماسة لأن ترصد هذه الحوارات تحولات الفن التقليدي والفن المعاصر». الورشات التي تقام للأطفال تعد وسيلة لتشجيع التفاعل بين المجتمع المحلي والفنون بحيث يسفر هذا عن صقل للقدرات الإبداعية، و«بالنسبة للأطفال، نحاول صقل تلك القدرات الإبداعية وننمي المواهب، وبعد ذلك نتوقع أن تترجم تلك الرعاية في الطفل ليصبح متذوقا أو ناقدا أو مبدعا».

الحديث حول فعاليات «فن أبوظبي» يستدعي الإشارة إلى الوقع الهائل الذي أحدثته ندوة «عمالقة الفن المعماري» التي حضرها المعماريون وراء التصاميم المعمارية الفريدة لـ«متحف زايد الوطني» و«اللوفر أبوظبي» و«جوجنهايم أبوظبي»، و«جان نوفيل» و«فرانك جيري» و«نورمان فوستر». تشير عون عبدو إلى أن التحضير للندوة التي شهدت إقبالا كثيفا من الجمهور لم يكن أمرا سهلا، وتضيف: «استغرق ذلك وقتا كبيرا، ليس سهلا أن تجمعي مثل هذه الشخصيات معا»، ولكن تلك الندوة هي نموذج للفعاليات التي يمكن إقامتها تحت مظلة المعرض، تقول: «هذه المرة استطعنا أن نتحدث عن المعمار، وعموما في كل الفعاليات التي نستضيفها وننظمها نحاول إلقاء الضوء على مواضيع مختلفة مثل المتاحف المقبلة أو المشهد الفني في المدينة؛ فعلى سبيل المثال تناولت إحدى الندوات المقتنيات الفنية التي سيضمها متحف (جوجنهايم)، وفي الندوة سلطنا الضوء على قصة المتحف والمجموعة».

تشير عون عبدو إلى أن وجود متاحف «اللوفر أبوظبي» و«جوجنهايم» في جزيرة السعديات يجب أن لا يتسبب في عزل السعديات عن إطارها ضمن الإمارات.. «لا نريد أن نعزل السعديات، فهي في نهاية الأمر جزء من المدينة وجزء من الإمارات والعالم العربي. فالمتاحف التي ستقام هنا ليست فقط لأبوظبي أو للإمارات فقط، فهي منصة مهمة للعالم العربي، حتى يكون هناك صوت عربي يتواصل بطريقة تثقيفية تعليمية تتحاور مع المنصات العالمية في أي مكان».