علا وخالد عثمان يترجمان «طوق الحمام» للسعودية رجاء عالم إلى الفرنسية

نجيب محفوظ كان البوابة إلى دور النشر.. ثم توالت الروايات

الزوجان المترجمان خالد عثمان وعلا مهنا
TT

ليسا أول زوجين يعملان سويا، لكن المصريين خالد عثمان وعلا مهنا نجحا، خلال السنوات الخمس الماضية، في تعريف قراء الفرنسية بعدد من أهم الروايات التي تعكس ما يحدث في العالم العربي، اليوم، وقدما أسماء جديدة مثل الكاتبة السعودية رجاء عالم، من خلال ترجمة روايتها «طوق الحمام» التي فازت بالجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر».

من قرأ رجاء عالم يعرف أن ترجمة أعمالها ليست بالأمر الهين. وفي حديث مع المترجمين، قال خالد عثمان إن ترجمة «طوق الحمام» كانت، بالنسبة لهما، نوع من التحدي، نظرا لضخامة العمل ( صفحة) ثم لاستخدام الكاتبة لغة عربية كلاسيكية ولكنها، في الوقت نفسه، بالغة الصعوبة. وأخيرا لتوغل السرد في بيئة من النادر تناولها، وهي أحياء مكة الشعبية. وفوق ذلك، كان هناك الضغط الزمني، أو العد التنازلي المرتبط باختيار الناشر الفرنسي «ستوك» لرواية رجاء عالم الرواية كي تفتتح (إلى جانب رواية أخرى أميركية) سلسلة جديدة مكرسة للروايات البوليسية من كل أنحاء العالم. ويضيف: «على الرغم من تلك الصعوبات فقد تمتعنا، فعلا، بترجمة هذا النص الذي ينقلنا، من خلال سرد مركَّب، إلى عالم غريب مليء بالخيال وبالشخصيات المثيرة».

كيف بدأ هذان الزوجان يشتغلان، بعشرة أصابع تنقر على أحرف الحاسوب، ترجمة الروايات العربية؟ يأتي الرد من علا مهنا التي توضح أن زوجها خالد أقدم منها في المهنة التي تولع بها منذ زمن. أما هي، فكانت تهوى المطالعة لكنها لم تفكر في دخول مجال الترجمة سوى في السنوات الخمس الأخيرة. لقد كانا في عشاء مع ناشرة فرنسية، التفتت، فجأة، نحو علا وسألتها: «وأنت، لماذا لا تترجمين؟». لقد كانت الناشرة تبحث عن مترجم لرواية «ربيع حار» للفلسطينية سحر خليفة، في وقت كان فيه خالد مشغولا بأعمال أخرى. وترددت علا، في البداية، لكن خالد شجعها واتفقا على أن ينجزا الترجمة سويا. وبعد ذلك توالت الروايات وتعاونا في ترجمة 4 كتب أخرى.

يرى خالد أن التعاون بينهما كان مثمرا لأن علا أكثر اطلاعا منه على لهجات وعادات البلاد العربية الأخرى، خارج مصر، وقد ساعده هذا في اختراق مجالات أدبية جديدة. لقد أصبحت الترجمة، التي هي عمل انفرادي يعزل المنكب عليه عن محيطه وعن أسرته، هواية مشتركة يتحدث الزوجان فيها، وأحيانا يشتبكان حولها. والغريب أن علا مهنا درست الهندسة، وعلى الرغم من ميولها العلمية كانت عاشقة للقراءة، في كل المجالات. وهي من جيل لم يكن يعرف، بعد، «الإنترنت». وكان هو مصدر كل المعلومات والمعارف. أما خالد، الذي يعمل في المجال المصرفي، فقد ولد في القاهرة لكنه نشأ في فرنسا بحكم عمل والده في منظمة اليونيسكو. وبالتالي، فإنه تلقى تعليمه باللغة الفرنسية وكان مهتما، منذ الصغر، باللغات وبالمطالعة. ولعل حكاية ترجمته لنجيب محفوظ، حتى من قبل فوز الأديب المصري الكبير بجائزة «نوبل»، تستحق أن تروى.

يقول: «كانت الروايات العربية المترجمة إلى الفرنسية نادرة في ثمانينات القرن الماضي. وقد اكتشفت، مثلا، أنه لا يوجد لنجيب محفوظ سوى كتاب واحد مترجم هو (زقاق المدق). وكنت أُحب (اللص والكلاب)، فقمت بترجمة فصلين منها وأرسلتهما إلى دار (سندباد) الباريسية التي كانت متخصصة في ترجمة الأدب العربي. ولم أكن أعلق آمالا كبيرة على تلك المحاولة، نظرا لأنني لم أكن أعرف أحدا في أوساط النشر.

لكنني فوجئت، بعد أسابيع، بخطاب من الدار يخبرني أن الترجمة نالت إعجابهم وأنهم يودّون التعاقد معي لترجمة الرواية الكاملة. ثم تلت ذلك ترجمتي لرواية (حكايات حارتنا). وكانت النسخة الفرنسية تحت الطبع عندما جاءتنا المفاجأة السعيدة الثانية، وهي إعلان فوز أديبنا نجيب محفوظ بالجائزة الأدبية الأرفع في العالم».

آخر ترجماتهما المشتركة رواية (صمت وصخب) للسوري نهاد سيريس، التي صدرت مع الاهتمام الذي تبديه فرنسا بتطورات «الربيع العربي» والرغبة في معرفة المزيد عن أوضاع الشعوب المنتفضة على أنظمتها. لذلك أبدت الصحافة الثقافية الفرنسية اهتماما بكتاب نهاد سريس. والطريف أن هذا الكتاب صدر عام 2004، أي قبل الربيع العربي بسنوات عدة، وقد ترجم إلى الألمانية، غير أنه، ولظروف خاصة، تم تأجيل صدور الترجمة الفرنسية التي رأت النور، أخيرا، مع الأحداث الجارية في سوريا. فما إن صدر حتى تلقفه النقاد الذين وجدوا في شخصية «الزعيم» الواردة في الرواية، والتي تعمد الكاتب ألا يحددها بالاسم، رمزا لكل رئيس مستبد.