العاصمة المغربية تحتفي بمرور قرن على اختيارها عاصمة للبلاد

الرباط تعرض تاريخا زاخرا على قارعة الطريق.. يضم صورا مدهشة

جانب من معرض الصور الذي يستعيد ذاكرة الرباط في ذكرى مرور قرن على اختيارها عاصمة للمغرب (تصوير: منير أمحميدات)
TT

تعرض الرباط هذه الأيام تاريخها على المارة في أحد أهم شوارعها. المعرض جزء من فعاليات متنوعة تنظم في ذكرى مرور قرن على اختيارها عاصمة للمغرب.

في «شارع محمد الخامس» وقبالة البرلمان، وضعت لوحات كبيرة الحجم تشتمل على صور فوتوغرافية لأحياء مدينة الرباط، قديمها وحديثها، وبعض بنايات تعود إلى فترة «الدولة الموحدية»، وبعضها الآخر إلى القرن الثاني عشر عندما شيدت أسوار الرباط وأبراجها العتيقة. ومع الماضي والحاضر، هناك أيضا صور من المستقبل. حيث توجد تصاميم بنايات تخطط سلطات المدينة لإقامتها في المستقبل.

توزعت الصور المعروضة على خمس مجموعات، هي «المآثر التاريخية للمدينة»، و«الرباط قديما»، و«الرباط اليوم»، و«الرباط غدا»، و«الرباط والبيئة».

احتفالات العاصمة المغربية بمرور قرن على اختيارها عاصمة للبلاد، يتزامن مع إدراج المدينة ضمن التراث العالمي الإنساني من طرف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، حيث اختيرت الرباط في 29 من يونيو (حزيران) الماضي، لتصبح «موروثا ثقافيا»، وهو ما يعني أن يدخل اسم المدينة سجل التراث العالمي لليونيسكو في صنف الممتلكات الثقافية، التي يجب الحفاظ عليها.

تقول سلمى العايدي، إحدى زائرات معرض الصور: «أنا من سكان الرباط، لكن هناك أشياء تاريخية أعرفها لأول مرة عن مدينتي، لذلك حرصت على الاطلاع على جميع صور المعرض وتفحصتها صورة تلو أخرى، وبصراحة جعلني هذا المعرض أتعرف على تاريخ مدينتنا قديما وحاضرا».

كثيرون من المارة تستوقفهم صور المعالم الأثرية والأزقة والأحياء، وضفاف نهر «أبو رقراق»، وحدائق الرباط، و«دار الفنون القديمة والحديثة»، والتغيرات التي واكبت دخول خدمة الترام منذ أشهر، و«المكتبة الوطنية» وما تضطلع به من دور في حفظ التراث الوثائقي المغربي، وصور عن «جامعة محمد الخامس» التي تخرج فيها معظم المسؤولين والكوادر المغربية في شتى المجالات. ويقدم الزوار بعضهم لبعض شروحات، خاصة لأولئك الذين لم يتعرفوا على صور بعض الأمكنة، خاصة إذا كانت الصور من تاريخ قديم.

وضعت لوحات الصور بشكل يوحي للمشاهد بأنه يتجول في ذاكرة الرباط، وبين أزقتها وشوارعها القديمة، بحيث نجد في المدينة القديمة ثلاثة شوارع رئيسية، الشارع الأول مواز لحائط الأندلس، وشارع «السويقة» الذي أصبح يعرف باسم «سوق السباط» (سوق الأحذية) وفي طرفيها طريقان متقاطعان «زنقة سيدي فاتح» (زنقة تعني شارع صغير) في اتجاه «شارع لعلو»، ثم «شارع القناصل» الذي يقود نحو حي «قصبة الأوداية».

في «زنقة سيدي فاتح» كانت توجد منازل الأسر النبيلة، واقتبس اسم «شارع القناصل» من طبيعة سكانها، حيث كان مقر إقامة الدبلوماسيين الأجانب في القرن السابع عشر، وشكل الحي اليهودي القديم امتدادا لها، ثم «حي الصباغين» الذي يؤدي إلى أحد أقدم أبواب المدينة وهو «باب البحر» الذي كان يطل على ميناء الرباط القديم. حيث اعتمدت الرباط على هذا الميناء منذ القرن 14 وحتى القرن 18. وكان الميناء الوحيد الذي يزود المدينة بالمواد التموينية. وفي المعرض صور متنوعة لواحد من أهم وأكبر شوارع الرباط، أي «شارع محمد الخامس» الذي كان يعرف باسم «دار المخزن» (مخزن تعني السلطة الحاكمة) ثم سمي بعد ذلك باسم «الجنرال ليوتي»، وهو أول حاكم فرنسي للمغرب في عهد الحماية الفرنسية، وبعد استقلال البلاد حمل الشارع اسم الملك محمد الخامس.

ويشكل الشارع واحدا من محورين رئيسيين للمدينة الجديدة، فهو يربط بين مختلف الأحياء التي أنشئت في عهد الحماية الفرنسية وكان يقيم فيها أجانب، ويبدأ من «مسجد السنة» وينتهي عند «شارع لعلو»، وفيه توجد مباني البرلمان ومقهى «باليما» أحد أشهر مقاهي الرباط. وفي المعرض صور «قصبة الأوداية» التي كانت في الأصل حصنا عسكريا أنشأه «المرابطون» للتصدي للقبائل اليرغواتية. وكذلك صور قلعة «شالا» الأثرية التي كانت مدينة رومانية، و«صومعة حسان»، وهو مسجد ضخم لم يكتمل، وعلى مقربة منه «قنطرة حسان» فوق نهر «أبو رقراق».

وإلى جانب معرض الصور المفتوح، نظم في المكتبة الوطنية معرض بعنوان «مدينة الرباط في التراث المخطوط». وعرضت فيه مخطوطات حول تاريخ مدينة الرباط وبعض الجوانب الاجتماعية والثقافية وإعلام المدينة، والمؤلفات التي ألفها أبناؤها ومن أقام بها من العلماء والفقهاء والأدباء والمؤرخين. ويستعرض معرض المخطوطات تطور مدينة الرباط على امتداد العصور.