سيلفيو تابت: حنيني إلى لبنان أعادني إليه وأحضر لفيلم عاطفي تدور وقائعه في بيروت

أنتج أفلاما سينمائية في هوليوود وتأثر بشخصية المخرج العالمي كوبولا

صورة فوتوغرافية من معرضه للصور في بيروت تظهر آلة الروبوت
TT

رغم إقامته ولفترة طويلة خارج لبنان فإن المخرج والمنتج الأميركي اللبناني الأصل سيلفيو تابت عاد إلى وطنه الأم الذي لم تستطع الغربة أن تمحوه من ذاكرته. ولعل المعرض الفوتوغرافي الذي يقيمه حاليا في غاليري «كتانة» في مبنى الـ(جيفينور) تحت عنوان «الحقيقة المعلّقة» هي خير دليل على تعلّقه بجذوره لا سيما أنه حسب قوله هناك ملايين المغتربين اللبنانيين الذين يتوقون للعودة إلى لبنان وهو واحد منهم.

ويصف الصور التي يلتقطها بعالمه الخاص والتي هي كناية عن مزيج ما بين التصوير والرسم بأنها تترجم أفكاره وأحلامه من خلال استعمال تقنية الـ(ديجيتال) الحديثة وهي تدور حول موضوعين أساسيين: الدراجات النارية والـ(mannequin) الذي نشاهده خلف الواجهات الزجاجية. لماذا اختار هذين الموضوعين يقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر أن الدراجات النارية حلّت مكان أحصنة رجل (الكاوبوي) فأصبحت تمثل الرجولة فيما المانيكان هي برأيي تدخل ضمن ظاهرة (الروبوت) المنتشرة بشكل ملحوظ في الولايات الأميركية فرغم جمودها تأخذنا إلى عالم الأزياء الجميل وهي شبيهة أيضا بالنساء المنفوخات بحقن الـ(بوتوكس) واللاتي نصادفهن يوميا في حياتنا وبمعنى آخر أصبحت الآلة تأخذ الكثير من وقتنا ولذلك قدمتها في صوري وكأنها نموذج عن عالمنا في المستقبل».

فسيلفيو الذي أخرج نحو 400 فيلم إعلاني تعاون في بعضها مع الموسيقي إلياس الرحباني شارك أيضا في إنتاج وإخراج أفلام هوليوودية وأخرى فرنسية أمثال (Cotton club) و(Bilitis) و(Toubib) وغيرها كما عاش متنقلا ما بين لوس أنجليس وباريس وغيرهما من البلدان الأوروبية. لكنه ما زال يحن إلى لبنان الذي عاد إليه لأول مرة عام 1997 بعد غياب عنه دام لنحو الـ25 عاما كما يحن إلى بساطة العيش فيه ويقول في هذا الصدد: «لو كان اللبنانيون يعلمون تماما أهمية بلادهم ومدى حلاوة العيش فيه لكانوا تنبهوا إلى ضرورة الحفاظ عليه لا التفريط به من خلال العمل من أجل مصالحهم الشخصية فقط» ويتابع سيلفيو تابت الذي ما زال يتكلم العربية بطلاقة: «إن لبنان ورغم كل ما شهد من حالات لا استقرار سياسية وأمنية ما زال بالنسبة لي بمثابة عائلتي التي لا يمكن أن أستغني عنها». ورغم أنه غادره شابا يافعا إذ التحق في إحدى الجامعات الفرنسية للتخصص بفن الإخراج فإنه ما زال يحتفظ في ذاكرته بمشهد لطالما تستعيده مخيلته من وقت لآخر لذلك الشرطي الذي كان يقف على مفترق طريق بيته (في منطقة بشارة الخوري) في الماضي محاولا تسهيل السير وهو يرتدي القفازات القطنية البيضاء التي كانت تلفته وتشعره بأهمية هذا الرجل. أما أكثر الأشخاص الذين تأثر بهم في عالم هوليوود فهو المخرج الإيطالي الأصل فرانسيس كوبولا والذي يصفه ببيكاسو السينما العالمية فيقول عنه: «إنه يملك شخصية تبهرك وأذكر عندما كنت أعمل معه في فيلم (Cotton club) مع الممثل ريتشار غير حاولت التدخل في عمله فنظر إلي وقال لي (دع المنقّب عن البترول يقوم بعمله وأنت قم بعملك) هذه العبارة انحفرت بذاكرتي حتى اليوم».

أما أكثر الممثلين الذين أعجب بأدائهم هو الفرنسي آلان دولون الذي يصفه بصاحب الأداء العالي والمحترف. وبحسب فلسفته في الحياة يؤكد سيلفيو تابت أن الإنسان وبفضل تركيزه على ما يحلم به يمكنه أن يتوصل إلى تحقيقه دون مفر من ذلك ويضيف: «برأيي أن الحب وبمختلف وجوهه هو أساس كل شيء ومن دونه لا تستطيع الوصول إلى أي مكان». أما المال فيصفه بالوسيلة التي تسهل حياتنا فقط ولكنها لا تزودنا بالسلام. وتتلخص فلسفته الحياتية بقول إنجليزي مأثور ألا وهو (لماذا الملائكة تستطيع التحليق؟ لأنها ببساطة تستخف بنفسها) مما يعني أنه علينا التواضع والتخلي عن شعورنا بالفخر.

ومن مشاريع سيلفيو تابت المستقبلية فيلم سينمائي جديد يحكي قصة عاطفية تدور قصتها في بيروت ويقول عنه: «أنا صاحب الفكرة ولكن السيناريست أميركي ولم يستطع أن يجسد ما أردته في محتوى السيناريو لأن الفيلم الجيد يحتاج دائما لسيناريو جيد ولذلك تجري إعادة كتابته من جديد». وعما إذا كان هناك من إمكانية مشاركة نجوم تمثيل من لبنان في الفيلم المنتظر أجاب: «أعتقد ذلك ولكنني لن أختارهم قبل النهاية من كتابته لأن السيناريو هو الذي يبلور هذا الموضوع ويدفعنا إلى انتقاء الفنان المناسب في المكان المناسب».

وأثنى سيلفيو تابت على الأعمال السينمائية اللبنانية التي تعود لنادين لبكي مثل (كاراميل وهلأ لوين) فوصفها بالجيدة نسبة إلى الميزانية البسيطة التي رصدت لها أن من الناحية التقنية أو من ناحية السيناريو الذي يعكس مشاكل حياتية لبنانية صرفة. ويقول في هذا الموضوع: «لقد تابعت أيضا أفلاما مثل (البوسطة) و(ويست بيروت) ولكن الأعمال الأخرى لم تلفتني».

أما أفضل أوقات فراغه في بيروت فيحب أن يمضيها في أزقتها القديمة التي من خلالها يستعيد ذكريات الطفولة التي كان يمضيها مع والديه فيصف والده بالمغامر الذي لطالما أحب الحياة ووالدته بالإنسانة الجميلة قلبا وقالبا. أما أحفاده الستة فغالبا ما يمضي معهم فترات قصيرة بسبب تنقلاته الكثيرة بين لبنان وأميركا وفيما يخص هواياته الأخرى كتأليف الكتب (يوم نحو السلام والتكرار) والهندسة الداخلية وتجارة العقارات فهو ما زال يمارسها ولكن بنسبة أقل.

وينهي بالقول: «وحدها فيروز تتنقل معي من بلد لآخر ودائما أشتري إنتاجاتها الجديدة فهي بالنسبة لي كما لغالبية اللبنانيين أيقونة من لبنان لا يمكن أن أتذكره من دونها».