«أرشيف فنان».. مشروع يوثق تجارب فنية دولية لشبان مصريين

ينفذ بطريقة غير تقليدية ويؤكد أن الإبداع أكبر من إنتاج لوحة تشكيلية

حوار مفتوح من إحدى الحلقات النقاشية بين الفنان والجمهور
TT

بهدف التعريف بالفنانين والمبدعين الشباب الذين أخذوا خطوات جادة في مشوارهم الفني في مصر وخارجها، والتوثيق لأعمالهم التي لاقت نجاحا وتميزا؛ أطلق في القاهرة مشروع «أرشيف فنان»، الذي يعد ملتقى حواريا يهتم بعرض التجارب الدولية المعبرة عن تجارب فنية ليست تقليدية لشباب من مصر، وعمل أرشيف يوثق لأعمالهم والتعريف بمشروعاتهم غير المعروفة على نطاق واسع.

المشروع أطلقه مؤخرا الفنان التشكيلي الشاب إبراهيم سعد، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك الكثير من الفنانين الشباب الذين سافروا وقاموا بتنفيذ مشروعات فنية كبيرة من الألف إلى الياء بمفردهم، ولاقت إعجابا وثناء وقت عرضها، وعندما يعودون لمصر لا يتم الإشارة إليها، ومن هنا جاءتني فكرة التعريف بهؤلاء الفنانين وتجاربهم وأعمالهم، فأعددت مشروعا بعنوان (أرشيف فنان) يتضمن التعريف بهم بشكل توثيقي، ومع عرض فكرتي على المسؤولين بقطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية أعجبتهم الفكرة بشدة، وقرروا رعايتها».

وعن أهداف المشروع الذي يستضيف فعالياته مركز «سعد زغلول» الثقافي بالقاهرة، يقول: «يمكن تلخيص فكرة (أرشيف فنان) في أنه مبادرة لتقدم الفنانين الشباب الذين نفذوا خطوات إيجابية في مشوارهم الفني القصير، وأثمرت تلك الخطوات عن أعمال فنية متميزة، سواء كانت تلك الخطوات معارض فنية أو دراسات بحثية عن الفن».

ويتابع: «يقدم المشروع الفنانين وتلك التجارب الشبابية بطريقة احترافية للجمهور المتخصص والعام من خلال خطوات مرحلية في تنفيذه، فبداية يكون هناك حوار مباشر مع الفنان في حلقة نقاشية، الهدف منها إيجاد نوع من الحوار المفتوح بين الجمهور مع الفنان، الذي يحدثهم عن بدايته الفنية وتجربته واتخاذه أولى خطواته نحو تحقيق أحلامه الفنية، إلى جانب التطرق إلى اطلاعه على تجارب الفنانين بالخارج، وخبراته التي نبعت من احتكاكه بالحركة الفنية الخارجية التي تشهد تطورا كبيرا، كما يعمل النقاش على فتح أبواب جديدة تمكن الفنانين الشباب من تطوير أعمالهم ومهارتهم».

المرحلة التالية في المشروع، بحسب سعد، تتم عبر تأسيس مكتبة أرشيفية لهؤلاء الفنانين والمبدعين تحتوي على تفاصيل مشاريعهم الأخيرة، التي قد تتضمن أفلاما توثيقية أو أي مشاريع فنية أخرى قاموا بها، بما يمكن الباحثين الآخرين من الاستفادة منها في إعداد رسائل علمية متخصصة، أو يمكن للجمهور العادي الاطلاع عليها، كما تهدف المكتبة أيضا إلى التأكيد على قيمة تداول المعرفة وضرورة انتقالها من جيل لآخر.

التوثيق أيضا للأعمال الفنية للفنانين الشباب يتم في المرحلة اللاحقة للمكتبة الأرشيفية بإطلاق موقع إلكتروني على شبكة الإنترنت، كشكل حديث من أشكال التوثيق يطوع التكنولوجيا لخدمة أهدافه، بحيث يمكن لمستخدمي الإنترنت الاطلاع عليها بسهولة. ثم تأتي المرحلة الأخيرة من مشروع (أرشيف فنان) بإصدار كتاب بما يعد أعلى مراحل التوثيق في المشروع، فعبر صفحاته سيتم تسجيل مشاريع الشباب الفنية ومراحلها وكيفية تنفيذها، وذلك من خلال النقاد والمتخصصين، ومن ثم توزيعه على الكليات والجامعات والمراكز الثقافية. ويبين صاحب المشروع أن الفكرة عبر تنفيذ هذه المراحل الأربع تجعل منه مشروعا ينفذ بطريقة احترافية يوثق لأعمال فنية متميزة.

ويوضح سعد أن الفنانون الذين تم اختيارهم لتوثيق أعمالهم يشترط فيهم ألا تتخطى أعمارهم 35 سنة، وخأضوا أعمال وتجارب خارج مصر قدم نفسه خلالها بطريقة مختلفة، وأن تكون فكرة المشروع مختلفة ومؤثرة وعميقة، وهو ما يجذب الجمهور إليها.

من بين الفنانين الذين قدمهم المشروع حتى الآن، الفنان هيثم نوار، صاحب العمل الفني «شيال مصر» (الرجل الذي يحمل أمتعة المسافرين في محطات القطار) وهو المشروع الذي قام فيه بطباعة صوره على ورق الصحف. وهو فنان يجيد تقنية حفر الليثوغراف وطباعة السلك سكرين وأيضا فن الفيديو آرت، وحصل على ماجستير دراسات متقدمة في الفن والتصميم والتكنولوجيا بزيورخ في سويسرا، ويعمل حاليا للحصول على شهادة الدكتوراه من جامعة بليموث بإنجلترا. أيضا قدم مشروع (أرشيف فنان) الفنانة الشابة رانيا فؤاد، وهي صاحبة عمل «توثيق مباشر بالتطريز» الذي قدمته في برشلونة بإسبانيا، كما أنها طالبة دراسات عليا بمدرسة الفنون والتصميم بجامعة تسوكوبا اليابانية.

يضيف سعد: «نأمل من خلال مشروعنا أن نغير المفاهيم حول الفن التشكيلي المرتبط لدى كثيرين بأنه مجرد لوحة، فقد انتهت نظرية اللوحة المؤطرة أي ذات الإطار، فالفن خرج خارج الإطار، ويظهر في أشكال مختلفة كالأفلام أو عروض في محطات المترو، أو داخل المصانع والورش، فالفن حاليا يركز على الاتصال من الجمهور، وهناك بالفعل فنانون مصريون يقدمون ذلك بطريقة قوية ومجتهدة واحترافية مقارنة بالإمكانات المتاحة لديهم، ومن هنا لزم التعريف بذلك وتوثيقه، وإبراز ما يملكون من مواهب».

وينهي حديثه بالإشارة إلى أن المشروع في مراحل قادمة لن يقتصر على الفنانين المصريين، بل سيمتد إلى الفنانين العرب من جيل الشباب، كما سيتيح الفرصة للفنانين التشكيلين من أجيال الوسط والكبار، بما يعمل على تبادل الخبرات.