بريطانيا: نظام جديد لتغليف المواد الغذائية

بهدف تغيير الأنماط الخاطئة

TT

محتويات الأغلفة الغذائية ودرجة وضوحها ودلالاتها وأهمية قراءتها جيدا، تعد من القضايا الصحية العالمية بالغة الأهمية، حيث تحتل مكانة وأهمية قصوى حرصا على صحة المستهلك وصفات وجودة الأغذية المعبأة، وتمثل هذه الأغلفة هوية المنتج الغذائي، إذ تكشف للمستهلك عن مواصفاته مثل تاريخ صلاحيته ومكوناته من أملاح وسكريات ودهون وسعرات حرارية ومواد حافظة ومضافات غذائية ووزن، إلى غير ذلك من الكثير من الرموز والأرقام ذات الدلالات الصحية والغذائية والأهمية للمستهلك.

وفي إطار حملات التشجيع على تناول غذاء صحي، وتغيير الأنماط الغذائية الخاطئة التي تؤدي إلى الكثير من الأمراض مثل السمنة والسكري والحساسية، أعلنت الحكومة البريطانية مؤخرا عن نظام جديد لأغلفة الأغذية، سوف يتم تطبيقه من العام المقبل (2013). ويسهل هذا النظام من تصنيف تغليف الأغذية المعبأة ومعرفة المكونات على جميع المنتجات الغذائية، وذلك بطريقة إشارات المرور، حيث سيوحد النظام مجموعة التصاميم المحيرة والمربكة لكثير من المستهلكين.

وبموجب هذا النظام، سوف توضح الألوان الموجودة على الأغلفة المستويات العالية والمتوسطة والمنخفضة للدهون والدهون المشبعة والأملاح والسكريات، وكذلك النسب المئوية للعناصر الغذائية اليومية الموصى بها والموجودة في كل منتج.

والنظام الجديد لتسهيل تصنيف الغذاء الصحي، هو حل وسط فعال وهجين بين نظام «إشارات المرور الملونة» الذي طورته وكالة المعايير الغذائية البريطانية وتبنته معظم محلات «السوبر ماركت»، وفيه تظهر ألوان الأحمر والأصفر والأخضر على التوالي، المستويات العالية والمتوسطة والمنخفضة للمواد المغذية، ونظام دليل الكميات اليومية المفضل لدى بعض تجار التجزئة والمصنعين.

وأثناء الإعلان عن هذا النظام الجديد، قالت أنا سوبري وزيرة الصحة العامة البريطانية إن «المملكة المتحدة لديها بالفعل أكبر عدد من المنتجات المغلفة في أوروبا. إلا أن الأبحاث أظهرت أن المستهلكين يشعرون بالارتباك من هذه المجموعة الواسعة من الأغلفة المستخدمة». وأضافت أنه «من خلال وجود نظام ثابت سوف نكون قادرين جميعا وبنظرة واحدة للأغلفة على معرفة ما هو موجود في المواد الغذائية، وسيساعدنا جميعا في اختيار الخيارات الصحية ومراقبة استهلاكنا من كمية السعرات الحرارية».

في دراسة بعنوان «تأثير أغلفة الأغذية على السمنة»، نشرت بدورية «الاقتصاد الزراعي»، في عدد مايو (أيار) الماضي، توصل باحثون من جامعة سانتياغو دي كومبوستيلا الإسبانية، وجامعتي تينيسي وأركنساو الأميركيتين، من خلال إحصاء 25,640 ملاحظة على صعيد عادات الأكل، والصحة، والتسوق، إلى أن النساء اللواتي يقرأن المعلومات على أغلفة الأغذية، أنحف بأربعة كيلوغرامات من نظيراتهن اللواتي لا يفعلن ذلك.

وقالت ماريا لوريرو، من الجامعة الإسبانية، والمؤلفة الرئيسية للدراسة: «حللنا المظهر العام لأولئك الذين يقرأون أغلفة الأغذية عند شراء المنتجات الغذائية، ودراسة علاقة ذلك مع أوزانهم». وأضافت أنها «استنتجت أن النساء أكثر قراءة للمعلومات على أغلفة الأغذية من الرجال، كما أن أولئك الذين يقرأون أغلفة الأغذية هم من الذين يعيشون في المناطق الحضرية ولديهم تعليم ثانوي وتعليم عالٍ».

فعند شراء أي منتجات غذائية، أصبح من المهم قراءة الأغلفة الخاصة بها، للتعرف على محتوياتها والفهم السريع لدلالاتها، والمقارنة والمفاضلة بين المنتجات الغذائية بسهولة، ومن ثم اتخاذ قرار وخيار صحي سليم. فعلى سبيل المثال تفيد قراءة أغلفة المنتجات الغذائية في التعرف على مقدار الصوديوم فيها، فهناك منتجات تحتوي على نسبة عالية منه، ويأتي أغلب الصوديوم في الغذاء من الملح (كلوريد الصوديوم)، وهناك حاليا تقارير ودراسات صحية عالمية تدعو لخفض تناول الفرد من الملح للمستويات التي توصي بها إرشادات هيئات التغذية والصحة العالمية.

فوفقا لما نشر على الموقع الإلكتروني للصندوق العالمي لأبحاث السرطان (www.wcrf - uk.org) أظهرت دراسة أن الحد من تناول الأطعمة المملحة يقلل من خطر الإصابة بمرض سرطان المعدة. وأكدت على أهمية تناول كميات أقل من الملح، حيث أشارت إلى أنه يمكن منع واحد من كل 7 حالات من سرطان المعدة، وذلك إذا قام كل شخص بخفض استهلاكه من الملح إلى الحد الأقصى اليومي الموصى به. وأشارت الدراسة إلى أهمية وضع محتوى المواد الغذائية بشكل أكثر وضوحا على أغلفة المنتجات الغذائية. وطالب الصندوق العالمي لأبحاث السرطان بوضع نظام «إشارة مرور» موحد على واجهة أغلفة المواد الغذائية والمشروبات، لإعطاء توجيهات واضحة للمستهلكين عن نسبة المستويات فيها من الملح والسكر والدهون المشبعة والدهون، كأن تكون العلامة الحمراء للأغذية التي تحتوي على نسبة مرتفعة، واللون الأصفر للنسبة المتوسطة، واللون الأخضر للنسبة المنخفضة.

قراءة وفهم أغلفة المنتجات الغذائية من القضايا المهمة التي تتطلب تضافر جميع أفراد وهيئات ومنظمات المجتمع المعنية، فهذه الأغلفة ليست شكليات من دون مضامين، فهي تعكس بصورة واضحة محتويات ومواصفات المنتج الغذائي. ولضمان السلامة والصحة العامة أصبح من الضروري دعم وتشجيع الأفراد على قراءتها جيدا وفهمها وتفسيرها، ومن المهم أيضا أن تتضمن أغلفة الأغذية معلومات وبيانات وألوانا واضحة ومميزة تسهل على المستهلك قراءتها جيدا ومراقبة الاستهلاك في السعرات الحرارية، وتجنبه الخلط والارتباك في فهم العلامات والرموز المستخدمة عند اختيار الخيارات الغذائية والصحية الصحيحة، وضرورة توعية وتحذير المستهلكين لتجنب شراء أي منتج غذائي مغلف بعشوائية، ولا يحتوي غلافه على قائمة تعريف بمكوناته وتاريخ صلاحيته، ومدى مطابقته للمعايير والمواصفات والتعليمات الغذائية والصحية القياسية العالمية المعتمدة، ووضع حد للمخاطر الصحية الناتجة عن المواد المستخدمة في تعبئة وتغليف المنتجات الغذائية، التي قد تنتقل من العبوة إلى الغذاء المعبأ فيها، مع ضرورة وأهمية إعداد برامج تعليمية وإعلامية متميزة وفعالة، لنشر ثقافة تعريف الأفراد بأهمية قراءة وفهم وتفسير محتويات ورموز ولغة أغلفة المنتجات الغذائية، لتصبح من العادات الغذائية الصحية الصحيحة، لضمان تناول غذاء آمن وصحي ومتوازن، وتجنب الكثير من الأمراض الناتجة عن الأنماط الغذائية الخاطئة.