«المجلس الثقافي البريطاني» يطلق مشروعا يجمع مدارس العالم

33 ألف مدرسة من 184 دولة على موقع إلكتروني تربوي واحد

الحضور أثناء إطلاق المشروع في بيروت يوم الجمعة الماضي
TT

خلال سنة واحدة فقط، تمكن «المجلس الثقافي البريطاني» من أن يجمع 33 ألف مدرسة حول العالم على موقع إلكتروني واحد يحمل اسم British Council Schools Online. صحيح أن الموقع لم يبدأ من نقطة الصفر، وأنه انطلق مرتكزا على مشاريع أخرى كان يرعاها المجلس، إلا أن العدد بحد ذاته مغرٍ ويثير الفضول، خاصة إذا عرفنا أن هذه المدارس تنتمي إلى 184 بلدا حول العالم. الموقع يهدف لأن يجعل هذه المدارس على تواصل فيما بينها، ويتيح لكل منها أن تقيم شراكة تربوية مع مدرسة أخرى أو أكثر حول العالم. فمدرسة في لبنان مثلا، قد تتفق مع مدرسة في الصين على مشروع واحد وتقومان بتنفيذه عبر الأقنية التي يتيحها هذا الموقع.

ومدرسة أخرى في القاهرة قد تنسق مع مدرسة في البرازيل من أجل تنفيذ مشروع من نوع آخر.

من البديهي أن يكون «المجلس الثقافي البريطاني» كما يدل عليه اسمه، معني بشكل أساسي بنشر اللغة الإنجليزية وتعزيز مكانتها، كما الترويج للثقافة الأنجلوسكسونية، لكن هذا يتم بشكل غير مباشر عبر هذا الموقع، وهو ما تنتهجه عادة المراكز الثقافية الذكية. الموقع ليس متخصصا بتعليم اللغة الإنجليزية وإن كانت جزءا من نشاطه، كما أنه لا يروج لأي قضية بالمعنى الفج للكلمة، وإنما يقدم موارد تعليمية، وبرامج للمدرسين لتطوير عملهم المهني.

كما أنه يتيح منتديات للنقاش حول مواضيع مختلفة ومتنوعة للغاية يمكن لكل الأعضاء المشاركة فيها، كما يتيح لهم متابعة ندوات متخصصـــــــة، ويقترح الموقع على أعضـــــــائه المسجلين روابط تربوية مفيدة، تغني عملهم.

على الموقع أيضا «كورسات» في مواد مختلفة، ويتيح للمعلمين فرصــــــة الدراســـــــة والحصول على شهادة معترف بها. وهو معني بمختلف المواد التعليمية مثل الرياضيات أو الجغرافيا، أو الفيزياء وغيرها. وبالتالي فإن مدرسي مختلف المواد سيجدون إفادة بوجودهم على الموقع.

هكذا يفلح المجلس في جذب الأساتذة دون التمييز بين اختصاصاتهم. وهؤلاء بمقدورهم أن يتواصلوا باللغة التي يختارونها، لكن بطبيعة الحال، تبقى اللغة الإنجليزية هي السائدة والأكثر استخداما بين المتواصلين.

هذا ما تشرحه لنا ميساء ضاوي هاشم، مديرة المشروع في لبنان، وتحدد بأن «الموقع متاح للأساتذة فقط وليس للتلاميذ، كما أن الاستفادة من خدماته لا تتم إلا بالانتساب والحصول على كلمة السر، التي تخول الأستاذ التجوال في أروقة الموقع». عدم دخول التلاميذ لا يعني أنهم سيكونون بعيدين عما يحدث فمجمل نشاط الموقع الهدف منه تطوير الأساليب التعليمية، والمستفيد الأول منها هم الطلاب. فالمعلم يشرك تلاميذه بالنتائج التي توصل إليها، كما أنه يعرض في نهاية المطاف نتيجة عمله معهم على الموقع.

ولأي أستاذ حول العالم إمكانية تعبئة طلب على الموقع مرفقا بشهادة موقعة من مدير مؤسسته يثبت بها صفته التعليمية، ليتم قبول انتسابه ويصبح شريكا في المشروع. وهو ما يوفر له الاستفادة من مختلف الخدمات والتجوال في كل الأروقة.

وقد احتفل «المجلس الثقافي البريطاني» يوم الجمعة الماضي في بيروت، بإطلاق الموقع لبنانيا بالتعاون مع وزارة الثقافة والمركز التربوي للبحوث والإنماء، في ثانوية الرئيس رينيه معوض، بوجود مجموعة من رؤساء المراكز التربوية اللبنانية إضافة إلى 150 مدير مدرسة من مختلف المناطق اللبنانية.

وألقى خلال هذا الحفل غاي تشابمان، ممثل مديرة المجلس الثقافي البريطاني كلمة قال فيها «إنّ مدارس المجلس الثقافي البريطاني على الإنترنت British Council Schools Online هي بوّابة مركزية تقدّم عددًا من المراجع الأساسية للمدارس وتسمح لعدد كبير من المدارس بأن تستفيد من شراكات دولية مهمّة مع مدارس حول العالم.

وفي لبنان، تشارك 51 مدرسة حاليا في المشروع من خلال هذه البوّابة؛ وتستفيد من أدوات تكنولوجيا المعلومــــات والاتصالات للعثور على مدارس أخرى شريكة والعمل معها في المملكة المتحدة كما في بلدان أخرى».

وبالفعل فإن 51 مدرسة لبنانية انخرطت عمليا منذ مـــــــدة في المشروع. وإحدى الثمار الصغيـــــرة كانت كتابا قصصيا من ثلاثة أبواب شــــــاركت في كتابته مدرستان لبنانيتـــــان ومدرسة بريطانية.

وبعد أن تم تحديد شخصيات القصة والخطوط العامة لأدوارها، ساهم طلاب كل مدرسة بكتابة جزء، لتولد في النهاية القصة المكتوبة جماعيا، دون أن يلتقي كتابها فعليا على الأرض.

هذا مجرد نموذج صغير لما يمكن لشركاء على هذا الموقع التربوي، كل منهم في بلد أن ينجزوه معا.

فريق من المجلس الثقافي البريطاني يدير هذا المشروع، وهو يراقب حركة الموقع والأنشطة الدائرة بين المدارس، وبمقدوره الحكم على مدى نجاح المشروع ومعرفة أي الدول هي الأكثر نشاطا، ومن هي الدول الأكثر تعاونا فيما بينها.

ويبــدو أن حركة الهند على الموقع قد لفتت القيمين على المشروع كما باكستان أيضا.

صحيح أن المبادرة للالتحاق بالموقع قد تكون فردية ومن أستاذ في مدرسة، لكن المجلس لا يترك الأمور للمصادفة أو لرغبة معلم من هنا وأستاذ من هناك، بل ينشط للتواصل مع وزارات الثقافة، كما حصل في لبنان، بهدف إلحاق أكبر عدد ممكن من المدارس الرسمية والخاصة بالمشروع. كما تتم عمليات تدريب مديرين ومعلمين لتكون مدارسهم أكثر فاعلية. وهو ما يفسر أن يصل عدد المدارس المشاركة إلى أكثر من 30 ألفا. فالجهد يتم على مستوى عالٍ، ولا يوفر التنسيق مع الوزارات المعنية بالتعليم.

«المشروع مفتوح لكل من يرغب من الأساتذة في أي مكان في العالم، سواء كان المعلم يدرس في مدرسة رسمية أو خاصة»، كما تشرح لنا ميساء ضاوي هاشم، «فالهدف هو إلحاق أكبر عدد ممكن من المعلمين بالموقع، وتشجيعهم على التفاعل، مما يعود بالفائدة على الجميع».

رابط الموقع هو: http://schoolsonline.britishcouncil.org/