معرض «صور الحج».. جسر ثقافي بين السعودية وفرنسا

مجموعة نادرة لطبيب هندي مسلم

جانب من معرض «صور الحج» الذي أقامته السفارة الفرنسية بالتعاون مع المتحف الوطني السعودي في الرياض (أ.ف.ب)
TT

افتتح السفير الفرنسي لدى السعودية برتران بيزانسونو ونائب وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد الله الجاسر أمس، معرض الحجاج إلى مكة في عام 1908م، الذي أقامته السفارة الفرنسية في الرياض بالتعاون مع المتحف الوطني، والهيئة العامة للسياحة والآثار، ومؤسسة التراث، ومعهد الدراسات الشرقية.

ويضم معرض «الحجاج إلى مكة 1908» مجموعة فريدة من الصور، منها 53 صورة التقطها عام 1908 محمد الحسيني، مساعد القنصل البريطاني في جدة آنذاك، تعطي فكرة واضحة عن موسم الحج ومعالمه في ذلك الحين. وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فقد كان الحسيني، وهو هندي الأصل، يعمل طبيبا، وعمل من خلال منصبه في السفارة على تنظيم بعثة بلاده الكبيرة لأداء هذه الفريضة.

وتعطي الصور فكرة واضحة عن موسم الحج ومعالمه في ذلك الحين، كما تظهر الفارق الشاسع بين سهولة الوصول إلى المشاعر المقدسة حاليا والصعوبات أو المشقة التي كان يواجهها حجاج تلك الأيام.

وتظهر في الصور أماكن سكن الحجاج في مشعر منى، وطرق وصولهم من العراق أو الشام، وخصوصا المحمل المصري الذي كان يجلب كسوة الكعبة كل عام.

وقد عثر على الصور في أرشيف الراهب الدومينيكاني أنتونين جوسين، عالم الآثار في الشرق الأوسط الذي أقام فترة ثلاثة أعوام (1907 - 1910) في مدائن صالح أو الحجر الواقعة شمال المدينة المنورة التي تعد من أهم مراكز حضارة الأنباط التي ازدهرت بين القرنين السادس قبل الميلاد والثالث بعده.

وانتقل جوسين بعد ذلك إلى القاهرة لتأسيس المعهد الدومينيكاني للحضارات الشرقية عام 1928. وهذا المعهد أصبح عام 1953 معهد الدومينيكان للدراسات الشرقية. وقال كتيب المعرض الذي أورد هذه التفاصيل إن تأسيس المعهد «يعكس رغبة حاضرة الفاتيكان في تحقيق تقارب بين المسيحية والإسلام».

وحسب كتيب المعرض، تهدف فرنسا والمعهد من تنظيم معرض الصور هذا إلى «التشجيع على دراسة مشتركة للتراث العربي المسلم، لكي يتمكن الإسلام والغرب من التفاعل على أعلى المستويات».

ويشدد منظمو المعرض في الكتيب على أن التعاون بين «مؤسسة التراث» والمتحف الوطني ومعهد الدومينيكان يأتي «انعكاسا للحوار بين الأديان الذي يدعو إليه ويرعاه» العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز.

ومن الأهداف أيضا «الحوار بين الحضارات الذي يتسع لجميعها وليس لواحدة فقط»، حسب ما ورد في الكتيب نفسه. وكان معرض لهذه المجموعة أقيم بجدة في متحف باب البونط العام الماضي.

وأشاد مدير عام المتحف الوطني، عبد الله السعود، بـ«الأهمية الكبرى لهذه الأنشطة في الحراك الثقافي على مستوى الوطن ككل وما تقدمه من علوم ومعرفة وفوائد تصب في خانة الحوار الحضاري والثقافي بين الشعوب». بدوره، اعتبر مدير عام «مؤسسة التراث»، أسامة جواهرجي، المعرض «جسرا ثقافيا» بين السعودية و«العالم العربي والإسلامي من جهة والعالم الغربي من جهة أخرى».

وأكد رغبة المؤسسة في «التعاون الثقافي مع شعوب وحضارات أخرى والتطلع إلى نشر ثقافة التراث السعودي خارج المملكة».

وقال جواهرجي أيضا إن «الصور التاريخية والنادرة تتيح الفرصة أمام الباحثين والمهتمين لإلقاء مزيد من الضوء على موسم الحج آنذاك».

والرهبنة الدومينيكية الكاثوليكية أسسها الراهب دومينيك دو غوزمان عام 1215. وبعد وفاته بمدة قصيرة، تأسس دير دومينيكاني في القدس، حيث عمل الرهبان على اكتشاف هذه الأماكن المسيحية المقدسة. وخلال القرن الثالث عشر، انطلق الآباء الدومينيكان من القدس إلى لبنان والعراق وبلاد فارس والإسكندرية، لكن الرهبنة الدومينيكانية لم يصبح لها وجود مستمر في مصر إلا في القرن العشرين.

وفتح المعرض أبوابه أمام الجمهور أمس الأربعاء ويستمر حتى 14 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.