لبنانية تحول ما تصادفه في حياتها اليومية إلى إكسسوارات

جمهورها من الشابات وأطلقت على مجموعتها اسم «تشنشل»

فناجين القهوة تحولت إلى خواتم في يد ياسمين صوما وعقد يحمل في إطاره أقراصا من الكبة وبروش عبارة عن نرجيلة صغيرة
TT

هل فكرت يوما ماذا ستكون رد فعل صديقاتك أو أصدقائك فيما لو تحولت طاولة الزهر، أو أحجار الدومينو، أو النرجيلة المصغرة أو آلة الخياطة أو الكراسي، أو صحن الحمص، أو غيرها من الأشياء الكثيرة القريبة منا، والتي نصادفها في حياتنا اليومية إلى عقد أو سوار أو خاتم أو «بروش» تتزينين به أو تستخدمينه إكسسوارا؟

الخيارات أمامك لا تتوقف هنا، إذ تكون الدهشة على الأرجح بانتظارك عند رؤيتك دونجوان الشاشة العربية رشدي أباظة والمطربة فيروز والممثل دريد لحام (غوار) في مسلسل (غوار الطوشة) الشهير، وقد تحولت صورة بعضهم إلى واجهة خاتم في إصبع فتاة أو إلى حلق في أذن أخرى أو إلى عقد في عنق ثالثة.

ابتكارات فنية تدفعك للتفكير جديا إلى رصد انطباعات من تفكرين بمفاجئته كما فعلت تلك المواطنة الأميركية (من نيويورك) عند رؤيتها الممثل الفكاهي شوشو، وقد تحولت صورته إلى إطار في عقد تتزين به إحدى الشابات في المعرض الأول الذي أقامته الشابة ياسمينا صوما لمصنوعاتها في بلدة فقرا (في جبل لبنان) مما زاد من حماستها وتمسكها بهذه الأفكار خاصة أن تلك المواطنة لم تكن تملك أدنى فكرة عمن يكون شوشو.

هذه المعروضات وغيرها شكلت مجموعة «تشنشل» التي أطلقتها الشابة اللبنانية ياسمينا صوْما قبل فترة وجيزة، بعد تخرجها في جامعة «ألبا - البلمند» في اختصاص الهندسة الداخلية، دون أن تباشر العمل به حتى الآن.

وتقول صاحبة الاثنين وعشرين عاما لـ«الشرق الأوسط» التي التقتها في منزلها في أدما (شمال لبنان): «ما أقدمه هو فكرة جريئة تجمع من الأرتيزانا والأشغال اليدوية والأفكار المجنونة، هذا العمل بحاجة إلى فن وذوق رفيعين، وإلى نظرة جديدة تجاه الأشياء أحرص على ترجمتها من خلال أعمالي، خاصة بعد الأصداء الإيجابية جدا التي حصدتها من المعرض».

«أفكارك غريبة ومهضومة»، «أفكارك جديدة ومبتكرة»، «يا للروعة»، «هذا شيء جميل وذكي».. مجموعة من التعليقات التي تعكس الروح اللبنانية المرحة، تلقتها صوما دون أن تنسى رد فعل إحدى زائرات المعرض عند رؤيتها عقد عبارة عن مجموعة من «ملاقط الغسيل» بالقول: « أرجوك أبعديهم عني، لا ينقصني ملاقط، لقد انتهيت من نشر الغسيل للتو»، وما هي إلا دقائق حتى قامت ابنتها التي كانت برفقتها بشراء العقد خلسة لتفاجئها به في المنزل.

وانتقالا إلى صورة الفنانة فيروز التي يعكسها طاقم مؤلف من حلق أذن وعقد، نجد أن صوما تتجنب الانطباع الجدي الذي يمكن أن توحي به شخصيتها أثناء وجودها على المسرح، بعد أن انتقت لها صورا تظهرها شابة وهي تشرب فنجانا من القهوة، في محاولة لتقديمها بصورة مختلفة وقريبة من الناس.

ووصولا إلى رشدي أباظة الذي تصفه بـ«دونجوان» تحبه الفتيات، فقد حرصت على اختيار صورة جميلة له، وقامت بوضعها في إطار مع عقد كي تتمكن كل فتاة تروق لها الفكرة من رصد التعليقات على صورته في رقبتها.

وردا على سؤال تجيب: «هذه الشخصيات تجمع ولا تفرق، جميع الناس تحبها وتمتلك عنها ذكريات جميلة، (رزق الله على أفلام غوار ومسلسلاته، شو كانت حلوة)».

تتوجه صوما في ابتكاراتها إلى قاعدة واسعة من الشباب لا سيما الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و30 عاما، وهي راحت منذ أشهر قليلة تعرضها وباستمرار على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» تحت اسم «تشينشول».

وحول نشأة الفكرة توضح: «ما أنفذه لا يتخطى الهواية التي زاولتها منذ صغري، آنذاك كنت أنفذها لنفسي وقد لاقت استحسان كثير ممن يحيطون بي، واليوم أنفذها للشابات حيث أخصص ساعات عدة يوميا من أجل البحث عن الفكرة، مستندة إلى بعض المواقع المتخصصة على شبكة الإنترنت».

خطوة يستكملها لاحقا كل من زميليها المصور طوني رعد، ومصممة الإعلانات جيسيكا أبو حيدر، واللذين يشكلان معها فريق عمل متجانسا يعمل على التعمق بالفكرة، والتنسيق ما بين ألوانها وشكلها، وأحيانا يتم الاستعانة بأهل الاختصاص، لتكون بعدها مدة ساعة واحدة كافية لإنجاز وترجمة أصعب فكرة.

لكل من المواد المستخدمة في صناعة هذه الإكسسوارات ميزة بنظر صوما، فالمعدن يساعدها كونه متينا، لكن الخشب والبلاستيك فيهما فن أكثر، وتضيف شارحة:« المعدن مادة أساسية لكنها ليست مادة للإبداع، أستخدمه أساسا للخواتم، فيما البلاستيك والفيبركلاس أرسمه وأقصه بمساعدة أشخاص محترفين، أما الخشب فأقطعه وألونه كما يروق لي وكل ذلك حسب مقتضيات القطعة».

إنتاج صوما قارب حاليا الـ150 قطعة مصدرهم 60 فكرة، وهي تتجنب تكرار الفكرة أكثر من ثلاث مرات، وتقوم بتنفيذها «وفق الطلب» بعد أن تطرح مجموعة من الأسئلة حول الشخص المهداة إليه، مما جعل الفكرة تبتعد نوعا ما عن الموضة وتقترب من عالم الأشياء الشخصية التي تدخل البهجة إلى قلبه وتجعله يحتفظ بها لمدة أطول.

أما بالنسبة لعائلة صوما فهي لم تستغرب هذا الفن من ابنتهم لأنهم اعتادوا منذ سنوات على ارتدائها إكسسوارات غريبة، وهم لا يكتفون اليوم بتشجيعها بل تراهم يقترحون أفكارا جديدة عليها. وفي الختام تكشف صوما أنها تبحث عن معرض لعرض ابتكاراتها، مما يجعلها تبصر النور أكثر من وجودها داخل منزلها حيث لا تزال تقوم بتنفيذها، كل ذلك من أجل تعزيز الانطباعات الخفيفة والإيحاءات المهضومة، لأنها ترى أن تميز القطعة يكمن في غرابتها، معتبة أنه لا يمكن افتتاح محترف خاص بها قبل أن تنتشر أعمالها.