معرض مفتوح حول قاعات سينما تونسية أغلقت أبوابها

«الجمعية التونسية للحركة من أجل السينما» عرضت أسماءها بمناسبة «أيام قرطاج السينمائية»

TT

لم يمر الاحتفال بالفن السابع من خلال الدورة الـ24 لـ«أيام قرطاج السينمائية» دون التذكير المتكرر بعدد قاعات السينما التي أغلقت أبوابها خلال السنوات الماضية بسبب قلة الجمهور وضعف مداخيل تلك القاعات. هذا الوضع يقول السينمائيون التونسيون عنه إنه «خطير» على مستقبل السينما، وإن الدولة عليها أن تحمي بقية القاعات التي تحتل مواقع ممتازة في معظم المدن التونسية، خاصة العاصمة تونس، وقد تكون مواقعها قد فتحت شراهة التجار لتحويل صبغتها الثقافية إلى فضاءات لتعاطي التجارة العادية.

خلال «أيام قرطاج السينمائية» التي ختمت أعمالها أمس، استغلت «الجمعية التونسية للحركة من أجل السينما» حضور السينمائيين العرب والأفارقة وغيرهم من بلدان العالم لتعرض أسماء قاعات السينما التونسية التي أغلقت أبوابها وذلك بالتذكير بأسمائها والمشرفين الأولين على تسييرها ومحاولة إنقاذ بقية القاعات المهددة بدورها بالإغلاق إن لم تسهر الهياكل الحكومية على دعمها وإخراجها من الأزمات المالية التي تتخبط فيها منذ سنوات.

وعرضت الجمعية لهذا الغرض لافتات إشهارية امتدت على طول شارع الحبيب بورقيبة؛ الشارع الرئيسي للعاصمة وحملت أسماء عشرات قاعات السينما التي لم يبق غير أسمائها.

للتعرف على أهمية هذا المعرض المفتوح ومدى تأثيره على السلطة العمومية التونسية لإنقاذ دور السينما، قالت نادية التويجري رئيسة الجمعية التونسية للحركة من أجل السينما لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدد قاعات السينما في بداية عقد الثمانينات من القرن الماضي كان في حدود المائة قاعة سينما وكان قبل ذلك وفي منتصف عقد السبعينات مقدرا بـ150 قاعة، أما الآن فإن العدد ضئيل للغاية، وهو مهدد بالتراجع المخيف، فالعدد لا يزيد الآن على 12 قاعة سينما في كامل البلاد، من بينها 10 قاعات في العاصمة التونسية».

وأضافت أن الجمعية تحاول إنقاذ هذه الفضاءات ذات الأهمية الثقافية والإبداعية، وهي تحاول إقناع كل الأطراف بالتدخل السريع من أجل أن لا تلتهمها المشاريع التجارية التي زحفت على البعض منها وحولتها إلى مطاعم ومقاه وغيرها من الأنشطة التجارية البعيدة عن عالم الثقافة. واعتبرت أن المرور بقاعات سينما من الأنشطة الثقافية إلى أنشطة تجارية قد يكون من بين أسوأ الأخبار بالنسبة لمخرجي السينما. ودعت الدولة إلى الامتناع عن تغيير الصبغة الثقافية لدور السينما والمحافظة الصارمة على بقية القاعات التي تبقى في مرمى التجار المفترضين؛ على حد تعبيرها.

ويؤكد جيلاني القوبنطيني الذي كان يدير أكبر مجمع للاستغلال والتوزيع السينمائي، أن «قاعات السينما في تونس كانت منتشرة في العديد من المدن التونسية حتى الصغيرة منها، ومن بينها نحو 40 قاعة في تونس الكبرى أي في العاصمة، وأريانة وباردو والمرسى والكرم وحلق الوادي وحمام الأنف». ويضيف أن «معظمها قد أغلق أبوابه بعد أن أعيته الحيلة وفقد توازنه المالي لأن قاعة السينما ليست مشروعا تجاريا صرفا، ولكنها تبحث بدورها عن تحقيق القليل من الربح لتواصل النشاط».

وكانت قاعتا «المونديال»، و«الكابيتول» وقاعات «النجمة» في سوسة و«باريس» في بنزرت و«الأطلسي» في صفاقس قد أغلقت أبوابها، وتوقف نشاطها في السنوات الأخيرة، وهو ما دعا الكثير من محبي الفن السابع إلى التساؤل حول مصير بقية القاعات.

وكان الوضع السياسي والأمني المضطرب خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي قد اضطر العديد من أصحاب القاعات إلى غلقها بسبب تدني الإيرادات أو المداخيل المالية لتراجع عدد المتفرجين. وعرفت التسعينات أكبر موجة من عمليات غلق القاعات نتيجة الديون التي كانت تراكمت على أصحاب قاعات السينما بسبب قلة العائدات المالية خاصة بعد انتشار الفضائيات وإمكانية الحصول على الأفلام بطرق متعددة.

يذكر أن أول قاعة سينما في تونس تعود إلى بداية القرن الماضي، وكانت تحمل اسم «سينما باتي»، وأن «أيام قرطاج السينمائية» قد انطلقت أولى دوراتها في شهر يناير (كانون الثاني) من سنة 1965.