شاب سعودي يصمم مجسما يحاكي «الجدار العازل بفلسطين»

6 أشهر من العمل الفني الدقيق تدفع المتحف الإيطالي لاقتنائه

مجسم يحاكي «الجدار العازل بفلسطين» («الشرق الأوسط»)
TT

ستة أشهر من العمل المتواصل هي الفترة التي فصلت الفنان التشكيلي السعودي إبراهيم أبو مسمار عن تحقيق حلمه لإيصال عمله «كاتينج إيدج» «cutting edge» إلى أحد أكثر المتاحف الأوروبية شهرة. وبعد إعادة العمل لأكثر من ثلاث مرات، يأخذ المجسم مكانه بمتحف ريفولي دي كاستيلو في إيطاليا بشكله النهائي؛ والذي يجسد الجدار العازل بفلسطين.

دقة العمل ومحاكاته للجدار الحقيقي دفع القائمين على المتحف الإيطالي في مدينة تورينو الإيطالية، إلى طلب اقتناء هذا العمل الذي يعتبر أول عمل بتوقيع عربي يقتنيه المتحف.

وفي حديث أبو مسمار لـ«الشرق الأوسط» بين أن المجسم قد لقي استحسان كثير من زوار المعرض، الأمر الذي تبعه تلقيه عروضا من شخصيات عامة لاقتنائه؛ إلا أنه فضل احتفاظ متحف بعراقة ريفولي دي كاستيلو، ليضمن وصول فكرة المجسم لأكبر شريحة من الناس، كي تتعرف على تأثير الجدار العازل على حياة الفلسطينيين.

التفاصيل الدقيقة التي حرص أبو مسمار أن تكون واضحة في المجسم، عكست لحد كبير الصورة الحقيقية للجدار القائم بفلسطين اليوم. العمل القائم على قاعدة رخامية بارتفاع 3 سم وعرض 150 سم، فيما جاء استخدام 67 مشرطا، ترمز إلى عدد القرى والمدن التي فصلها الجدار العازل، موزعة على لوح خشبي ارتفاع كل منها 9 سم وكانت المساحة الكلية للعمل 130 سم وارتفاعه كاملا 12 سم. كما تم طلاء المشارط بنفس لون الجدار العازل الحقيقي، وراعى أبو مسمار أن يكون عدد الشرائح والدوائر الموجودة فيه مطابقا للموجودة في الجدار الحقيقي.

وقال أبو مسمار «قمت بمحاكاة الجدران الإسمنتية الصلبة التي تبدو على شكل شفرات المشرط، وتتشارك معه في نفس الوظيفة، ففي حين يقطع المشرط الورق وما إلى ذلك، فإن الجدران تقطع أوصال المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية وتحولها إلى كانتونات معزولة عن محيطها الخارجي». ولم يغفل أبو مسمار الرسومات التي كانت أشبه بتواقيع مناهضة للفصل، من قبل تشكيليين عالميين، الأمر الذي جعله يحاكي واحدة من تلك الرسومات، على مجسمه وهي لوحة للفنان البريطاني بانسكي تحكي قصة فتاة تحمل بالونات تطيرها عاليا، في محاولة منها لعبور حدود الجدار العازل، وحول سبب اختياره لهذه الرسمة دون غيرها أوضح أنها الأكثر مناسبة لإيصال فكرة عمله.

الفنان الجنوبي الثلاثيني الذي درس الفن التشكيلي بجامعة القاهرة، وشارك بثلاثة أعمال في المعرض الإيطالي، عبارة عن المبخرة وبيوت العصافير والجدار العازل الذي استوحى فكرته من أحاديث كانت تدور بينه وبين أصدقائه الفلسطينيين، تتناول الاحتلال الصهيوني والجدار العازل بشكل خاص، كونه الأكثر تأثيرا في حياة الفلسطينيين، إذ أنه تمكن من فصل ما يقارب 67 قرية ومدينة في الضفة الغربية، الأمر الذي منع الكثير من الأطفال من الذهاب لمدارسهم.

كما كان للجدار دور في تقطيع أواصر الصلة بين أفراد المجتمع الفلسطيني، ناهيك عن حجم التلف الذي طال 280 شجرة زيتون، إضافة إلى تعطيل سير الحياة بشكل عام، هذا ما بينه أبو مسمار وقال: «حاولت قدر الإمكان أن أجعل العمل يتحدث عن تلك المعلومات وينقل الصورة كاملة»، إذا أنه يرى أن عمله يشبه الجدار الحقيقي بنسبة قد تصل إلى 100%.

رحلة أبو مسمار بمجسمه العازل، إلى ريفولي دي كاستيلو، لم تكن مفروشة بالورود، وهو ما بدا واضحا في تنقلاته بين مدينتي أبها وجدة لعرض عمله على الدور التي تشرف على الأعمال الفنية لتقييم العمل ومدى جودته؛ الأمر الذي كشف له غياب الدعم من قبل هذه الجهات وأحيانا عدم وجودها خاصة في المدن غير الرئيسية، لتقديم التسهيلات للفنانين ورعايتهم وتطوير مهاراتهم، مبديا أسفه على عدم وصول الكثير من الشباب السعودي للعالمية: «ليس افتقارا للموهبة والأفكار المتميزة؛ بل لغياب الدعم».