الرياض قلب الجزيرة العربية

معرض يحتوي على صورة وكتاب وما لم نره من قبل

TT

احتفل غاليري «لام» بالرياض بتوقيع كتاب «الرياض قلب الجزيرة العربية» للمصور الفوتوغرافي محسن الدعجاني ويحتوي الكتاب على أكثر من صورة عن الرياض عاصمة السعودية وصدر عن دار «الراحلة للنشر» ويصاحب الحفل معرض فوتوغرافي مقتضب، اختيرت أعماله من الكتاب بعناية، وتم طباعة الصور على ورق خاص يتمتع بتقنيات حديثة ومواصفات ومقاييس طباعية وأحبار عالية الجودة.

تكمن بلاغة المعرض والكتاب في اختيار الرياض مدينة تاريخية تقع في قلب الجزيرة العربية وتتمتع بخصائص جمالية من شأنها أن تسلب ذائقة المتلقي. يقول الدعجاني: لـ«الشرق الأوسط» إن الصورة الفوتوغرافية تلعب دورا بارزا في توصيل رسالة المبدع، قد تفوق النص المكتوب فالعالم اليوم يعتمد على ثقافة الصورة أكثر من الكلمة، ولذلك تم التركيز على الجانب التاريخي للرياض وهو الأكثر أهمية ثم التنمية في العمارة وما طرأ على المدينة من تحولات في بنيتها العامة وكذلك المتغيرات في مختلف جوانب الحياة. وأضاف الدعجاني أن التركيز على الجانب التاريخي تمحور حول المناطق التي لم تكتشف بعد مثل وادي ماسل، الذي يبعد عن الرياض نحو كلم ويتمتع بوجود حجارة صخرية ثمودية يرجع تاريخها إلى آلاف عام، والموقع معروف لدي الأكاديميين غير أنه غير معروف لدى العامة كما أن موقع مصيقرة هو الآخر يتمتع بوجود صخور عليها رسومات منحوتة تكشف متخيلاتها وحفرياتها آثار رسوم أدوات صيد وصور لطائر النعام وبعض الحيوانات المفترسة، مما يدل على وجود وانتشار هذا الطائر في هذه المنطقة التي لم تتناولها الدراسات الحفرية والتاريخية بشكل موسع، معتبرا أن دور الصورة يكمن في إعادة شيء من الاعتبار إلى هذه المنطقة وتاريخها، متمنيا أن تصل رسالته إلى المتخصصين في مثل هذه الدراسات لاستعادة حقها الطبيعي في الانتشار.

ولم ينس الدعجاني تصوير التضاريس الجغرافية والصحراوية لمعالم وحدود الرياض قائلا: «واحدة من المفارقات التي تتمتع بها عاصمة السعودية أن هناك ثلاث صحاري تحتضن الرياض وهي الربع الخالي والدهناء والنفوذ»، موضحا أنه اعكف عاما كاملا على تصوير المعالم الجمالية التي تطرأ نتيجة المتغيرات المناخية ورهافة التضاريس الصحراوية التي تظهر على الكثبان الرملية المتحركة والثابتة على مدار فصول السنة ناهيك عن ظهور نباتات بالغة الجمال على سفوح جبال طويق في أوقات من العام مثل زهرة الخزامي والبابونج التي قلما تجد لها مثيلا في العالم وذهب في حديثه عن هذه التجربة بقوله إن استقراء الصورة من هذه الزوايا يعد أمرا هاما للباحثين والمغرمين بثقافة الصحراء وتمنى أن تعمل الجهات المختصة على دعم واستثمار المشاريع التي من شأنها أن تغير مفاهيم صورة الصحراء في ثقافتنا وأذهاننا.

بدأ محسن الدعجاني مشروعه عن الرياض عام م مستعينا بموهبته وعلاقته بالتصوير الفوتوغرافي وحصيلة من المكتسبات والمهارات المهنية عن بلاغة الصورة، التي من شأنها أن تزيد من ذائقة المتلقي معرفيا وزاد عليها أنه وضع النصوص التي رافقت الكتاب بإشراف أكاديمي من قبل البرفيسور عويضة الجهني أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الملك سعود وتمت مراجعتها من قبل إدارة الملك عبد العزيز فيما ساعد على تحرير المادة باللغة الإنجليزية أحد كتاب صحيفة «صن» اليومية المرموقين.

ويستطرد الدعجاني قائلا إن نمط عيشه في أيام الصغر ونشأته في بوادي الصحراء العربية حيث كان ينام تحت السماء الصافية ويغمض عينيه ليلا على مشهد النجوم المتلألئة جعل وعيه يستيقظ نحو جمال الطبيعة ولم تترسخ وتتعمق هذه المعطيات في ذاكرته التخيلية إلا من خلال عشقه للتصوير الذي امتهنه هواية منذ 15 عاما ولعبت ضوضاء المدينة الصاخبة وتسارع حياة المدن الكبيرة، التي يصفها بأنها تشبه العيش في قفص، دورا في إجباره على الهرب منها والذهاب مع كاميراته وأدواته إلى أقصى الأماكن الفطرية أو التي لم تطؤها الأقدام، كما يحب أن يسميها حتى وطد علاقته بها واستلهم من طقوسها أعماله التصويرية ولكي يطور تجربته الفنية ظل وما زال وفيا يتعقب أهم المصورين العالميين بلاغة في منجزاتهم الجمالية وذكر من بينهم المصور جون شو وأنسل آدم وجو كوربس وفرانز لانتق، غير أنه يؤكد أن تجربة أنسل آدم أقرب إلى قلبه.

وعن مشاريعه الجديدة كشف لـ«الشرق الأوسط» أنه يعمل على إعداد كتاب مصور عن مدينة صلالة في سلطنة عمان التي استهوته تضاريسها وطبيعتها الفاتنة والجذابة فيما هناك كتاب آخر يعمل عليه منذ خمس سنوات عن روح مكة مدينة مقدسة، يشاركه في إنجازه المصور الأميركي المسلم الدكتور يوسف إسماعيل يتضمن صورا تكشف تفاصيل وجوه مثيرة ومتأثرة بروحانية المكان التي التقطت فيه. وعن اختياره للعاصمة السعودية موضوعا لتجربته أشار أن ما دفعه لهذا العمل أن الرياض لم تكن معروفة نسبيا، فيما مضى ما عدا في محيطها الإقليمي، أما اليوم فهي عاصمة تقع في قلب العالم، وتربط الشرق بالغرب وأن تاريخها العريق يدفع بها لأن تكون واحدة من أكثر المدن دهشة حول العالم.

استغرق العمل على إعداد الكتاب والمعرض أكثر من ثلاث سنوات متتالية ومثيرة لاستكشاف تاريخ الرياض عبر العصور ليأخذ القارئ والمتلقي في رحلة مصورة وشيقة يشاهد عبرها كل جوانب الحياة ويتعرف على ما لم يره من قبل.

غاليري لام قال في مقدمته إن معرض وكتاب «الرياض قلب الجزيرة العربية» يأتي في سياق الجهد المتواصل الذي يبذله لتسليط الضوء ونشر الوعي بالثقافة البصرية المحلية فضلا عن ما تتمتع به المدن السعودية من مخزون وثراء جمالي بصري وحضاري.