6 ملايين دولار قد تنقذ ستروس ـ كان من ورطة نفيساتو ديالو

هل تدفع الزوجة المنفصلة عن مدير صندوق النقد السابق نصيبها من الفضيحة؟

دومينيك ستروس - كان
TT

لم يتفاجأ الفرنسيون بتوصل دومينيك ستروس - كان إلى اتفاق، بالتراضي، بينه وبين نفيساتو ديالو، عاملة الغرف في فندق «سوفيتيل» في نيويورك، لكنهم تساءلوا «من أين سيدفع عشرات الملايين من الدولارات إلى الخادمة التي ادعت عليه، أمام محكمة مدنية، تهمة الاعتداء الجنسي؟». وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية هي أول من كشف خبر الاتفاق الذي لم تتضح كل تفاصيله بعد.

ستروس، كما يناديه أصدقاؤه، الوزير الفرنسي والاقتصادي اللامع السابق، الذي وصل إلى منصب مدير صندوق النقد الدولي قبل أن يفقد وظيفته بسبب هذه القضية، انفصل منذ 3 أشهر عن زوجته الصحافية الشهيرة والثرية آن سنكلير، وخسر المظلة الآمنة التي كانت توفرها له، بعلاقاتها الواسعة، من جهة، وبأموالها من جهة أخرى. وهي بعد أن دعمته طوال فترة «الفضيحة» وتحملت النفقات الباهظة لفترة وجودهما في نيويورك، رهن التحقيق، شعرت بأنها تضخ الأموال في بئر لا قرار لها، خصوصا أن الزوج الذي عرف بالخفة في علاقاته النسائية ملاحق في قضية ثانية، في فرنسا، بتهمة تسهيل الدعارة، وقد تراجعت صورته في أعين مواطنيه إلى الدرك الأسفل. لقد كان الحزب الاشتراكي يراهن عليه لمواجهة ساركوزي في الانتخابات الرئاسية، وكان الملايين مستعدين لمنحه أصواتهم، قبل أن تندلع قضية تحرشه الجنسي بخادمة في نيويورك وتتبعها سلسلة من الفضائح في فرنسا.

بعد انفصالهما، لم يضع ستروس وقته ونشرت له الصحف صورا مع صديقة جديدة في عمر بناته، مغربية النشأة مثله، تعمل في حقل العلاقات والإعلام. كما شوهدت آن سنكلير مع صديق آخر، أصغر منها سنا، ترتاد معه المتاحف والمناسبات الثقافية. ورغم الانفصال فإن هناك من يؤكد أن الصحافية التي أحبت ستروس واحتملت مغامراته لعشرين عاما ما زالت مستعدة لتحمل نصف مبلغ التعويض الذي يطالب به محامو نفيساتو ديالو، بعد أن عرض عليهم محامي المدعى عليه التوصل إلى ترضية ودية. كم تريد العاملة الأفريقية التي عبث معها ستروس لمدة 8 دقائق في جناح الفندق رقم 2806، ظهر 14 مايو (أيار) من العام الماضي؟

الصحافة، بالاستناد إلى مصادر مقربة من فريق المحامين الأميركيين، أشارت إلى مبلغ بسبعة أصفار، لكن محامي ستروس الفرنسي قلل من الرقم، وقال إنه ليس بتلك الضخامة، وأوضح أن الاتفاق النهائي لم يتم بعد. وقد كتبت الصحف الفرنسية أن المبلغ يتراوح بين 4 و9 ملايين يورو، لكن الخبراء يرون أن المبلغ لن يزيد على 6 ملايين دولار. أما كيفية تدبيره فقد أكد مقربون من المتهم أنه سيطلب قرضا من البنك بنصف المبلغ، ويستدين النصف الباقي من زوجته المنفصلة عنه. هل تقبل أن تتحمل نصيبها من «الورطة» التي لا يد لها فيها؟

تأتي هذه المعلومات حول التراضي بين الطرفين، والقاضي بأن تسحب نفيساتو دعواها مقابل مبلغ مالي، بمثابة اعتراف من ستروس بالفعل المنسوب إليه من المدعية. فهو كان قد أقسم، في السابق، بأنه لن يدفع فرنكا واحدا للمشتكية لأنه بريء وهي لا تقول الحقيقة. ولعل مما ساعد في الترويج لهذه الفكرة ما أشاعه أنصار المتهم من أن وراء الفضيحة مؤامرة دبرها له خصمه ساركوزي للقضاء على سمعته السياسية. كما جاء قرار المدعي العام الفيدرالي بإخلاء سبيل ستروس لتناقض في أقوال المدعية، وكأنه تمهيد للبراءة الكاملة. لكن نفيساتو ديالو نقلت دعواها إلى المحكمة المدنية، في صيف العام الماضي. وفي الأول من مايو من العام الحالي رفض دوغلاس ماكوين، القاضي المدني لمحكمة حي «برونكس» في نيويورك، طلبا كان قد تقدم به محامي ستروس لحفظ القضية بحجة «الحصانة الدبلوماسية» التي كان يتمتع بها المتهم كمدير لصندوق النقد الدولي. ولم يستغرق الأمر سوى 7 أشهر للإعلان عن التوصل إلى اتفاق بالتراضي، وهو زمن قياسي في مثل هذا النوع من القضايا أمام المحاكم الأميركية والذي لا يحسم، عادة، قبل مرور 3 سنوات، وتتخلله معركة كسر عظم بين المتقاضين لرفع «المزاد» قبل الانتهاء بالقبول باتفاق مالي. ويصف الخبراء القضائيون هذا النوع من المحاكمات بأنه «لعبة بوكر» يستخدم فيها الطرفان كل أنواع الهجوم والضربات. لقد أراد كينيث طومسون، محامي المدعية، أن يحصل من المتهم على اعتراف بالضرر الجسدي، وكذلك المعنوي، اللذين تسبب بهما لموكلته.

وقبل شهر تقريبا، أعلن المحامي طومسون عن رغبته في استجواب ستروس في أقرب فرصة، ليسمع منه روايته الخاصة للحادثة. ولم يكن الإعلان سوى محاولة للضغط على المتهم. فمن المعلوم، أيضا، في مثل هذا النوع من النزاعات، أن الستار لن يكشف عن المبلغ الحقيقي للترضية. وعادة ما يتضمن الاتفاق بندا يلزم الطرفين بالحفاظ على سريته. ويمكن دفع مبلغ التعويض على شكل أقساط دورية حسب ما يتوصل إليه المحامون، ذلك أن ستروس لا يملك، حاليا، تسديده بالكامل ومرة واحدة. لذلك فإنه مضطر للاقتراض. وهناك جلسة تمهيدية مقررة في السابع من الشهر الحالي، يتفاوض فيها المحامون برعاية القاضي. لكن ليس من الضروري أن يتفقوا، بل قد يحدث ما يعرقل التراضي.

هل تخرج نفيساتو رابحة من هذه الدعوى، وهل يكون ستروس الخاسر الوحيد؟ الخبراء القانونيون يؤكدون أن المدعية ستخسر فرصة إثبات كونها الضحية، لكنها ستكسب مبلغا يريحها لسنواتها المقبلة. أما المتهم الفرنسي فإنه سيوفر على نفسه مهانة حضور محاكمة علنية واحتمال صدور حكم ضده. لهذا فقد صرح ويليام تايلور، المحامي الأميركي للمتهم، لوكالة الصحافة الفرنسية، مساء الجمعة الماضي، بأنه يأمل في توقيع الاتفاق «خلال أيام». وأضاف «ليس هناك ما هو مؤكد قبل التوقيع». أما فريق المحامين الفرنسيين الثلاثة الذي سيتولى الدفاع عن المتهم، فقد أصدر بيانا نفي فيه ما نشرته الصحف حول مبلغ التعويض، واعتبره معلومات «خاطئة وخيالية».