«معرض بيروت للكتاب» يفتتح اليوم والناشرون «متشائلون»

في سنته الـ«56» قد تغيب عنه دول خليجية كانت ركنا فيه

جانب من معرض بيروت للكتاب
TT

تساؤلات عديدة ترافق افتتاح «معرض بيروت العربي والدولي للكتاب» مساء اليوم في بيال وسط بيروت.. فالافتتاح يأتي في ظل أوضاع خاصة للغاية، حيث طلبت، منذ مطلع الصيف، عدة دول خليجية من مواطنيها عدم السفر إلى بيروت لأسباب أمنية. الناشرون اللبنانيون كانوا يتساءلون وهم يركبون أجنحتهم ويجهزونها وينقلون كتبهم إلى المعرض، ظهر أمس، عما سيكون عليه معرض الكتاب هذه السنة، وما مستوى التمثيل الخليجي، ومن سيحضر من الخليجيين ومن سيغيب. وإذ تضاربت المعلومات، حول وصول البعض وغياب البعض الآخر، يبدو أن الإمارات قررت عدم المشاركة منذ البدء، ولم يكن الوفد الكويتي والسعودي قد وصلا حتى ظهر أمس، في ما قيل إن المرجح عدم مشاركتهما.

وإذ يقول أحد الناشرين لنا، إن العام الماضي عقدت المناسبة بينما كانت الثورة السورية مشتعلة، ومصر ليست على ما يرام، لكن تأثير الثورات كان ضعيفا على الوضع اللبناني الداخلي. ويؤكد الناشرون الذين تحدثت «الشرق الأوسط» معهم، أن النتاج هذه السنة ليس بقليل، وعدد الكتب الجديدة التي ستعرض كبير ومهم. وهو ما يرى بوضوح من خلال عدد حفلات التوقيع التي ستمتد على مدار الأيام الـ13 للمعرض، إلا أن نسبة المبيع ستتوقف على عدد الزوار اللبنانيين ومدى تعطشهم للكتاب، وعلى أصحاب المكتبات والتجار العرب الذين يحطون عادة في بيروت مواكبة للمناسبة وللاستفادة منها. وهؤلاء لن يعرف عددهم إلا خلال أيام المعرض. كل شيء كان لا يزال ضبابيا أمس، والانتظار سيد الموقف. الناشرون يرفضون التشاؤم، كما أنهم يخشون من تفاؤل لا يكون واقعيا.

يميل اللبنانيون عادة والناشرون بشكل خاص، إلى العمل وكأن شيئا لن يعوقهم. هذا ما فعلوه العام الماضي، حين تابعوا طباعة جديدهم، دون الأخذ في الاعتبار الأوضاع المستجدة في بلادهم وحولهم، وهذا ما فعلوه هذه السنة أيضا. «لكن النتائج ستظهر العام المقبل».. يقول أحدهم، رغم أن المبيع في المعارض الخليجية كان جيدا للغاية بالنسبة للبعض، والأمر يتوقف الآن على معرض بيروت. «الناشرون يستثمرون في الكتاب وعجلة المطابع تدور طالما أن الأموال متوفرة، لكن لحظة تشح الجيوب ستنخفض المنشورات بدورها. وبالتالي فإن نتائج معرض بيروت ستكون مؤثرة حتما، وخاصة أن السوق الليبية لم تستعد عافيتها بعد، والسوق المصرية مشلولة، والسوق السورية التي توصف بالكبيرة باتت مغلقة بالكامل في وجه الكتاب».. هذا ما يشرحه لـ«الشرق الأوسط» أحد الناشرين الكبار، معتذرا عن عدم ذكر اسمه، معتبرا أن الوضع الآن حساس ويتوجب عدم إطلاق الأحكام.

ست وخمسون سنة ومعرض الكتاب في بيروت مستمر. هو أبو المعارض العربية وعميدها. لم ينحن المعرض أمام حرب أهلية أو اجتياح إسرائيلي، بقي صامدا ومصرا على أن يكون الموعد السنوي البيروتي الذي لا ينكسر أو ينهزم. البعض يعتبر أن «النادي الثقافي العربي»، وهو الجهة المنظمة، يكفيه فخرا أنه حقق هذه الإنجازات، لكن آخرين يعتبرون أن النادي اكتفى بما حقق في الماضي ليتقاعس عن التجدد، وخاصة أن المعارض العربية باتت من النشاط والحيوية بحيث يحتاج الأمر إلى فهم قوة المنافسة وضرورة التحرك للبقاء في مستوى الآخرين.

برنامج النشاطات وحتى قبل أن يبدأ المعرض، أخذت توجه له سهام النقد. ما يقارب أربعين نشاطا لكنها تفتقر إلى الجدة. محاضرات حول إصدارات وعناوين لا تبدو شائقة بما يكفي لاستجلاب جمهور ما عادت تهمه كثيرا المواضيع الكلاسيكية. أمسيتان غنائيتان تراثيتان، إحداهما لسحر طه وأخرى لنبيل جعفر.

«دار الانتشار العربي» بالتعاون مع «نادي مسقط الثقافي» يقيمان أمسية مشتركة مساء السبت المقبل، بحضور وفد عماني، والدار سعيدة باستضافة تضفي مسحة عربية على الأنشطة وتلونها بجديد كانت تحتاج إليه.

جريدة «السفير» أيضا تنظم يوما تحت عنوان «صوت الذين لا صوت لهم» تكرم خلاله ثلاثة مبدعين غابوا، وكانت لهم مساهمات مهمة على صفحاتها، وهم رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، والمسرحي السوري سعد الله ونوس، والروائي السعودي عبد الرحمن منيف.

النشاطات التي تتنوع بين شعرية وروائية مع غلبة للطابع السياسي والفكري، لا تزال تعتمد بشكل أساسي على الكتاب اللبنانيين، وغابت استضافة أسماء عربية كانت بيروت مركزها، ليس فقط بسبب الأوضاع الأمنية ولكن أيضا لأن نزار قباني ومحمود درويش وهما كانا من نجوم المعرض الدائمين قد غابوا دون أن يسطع نجوم عرب آخرون تكون العاصمة اللبنانية قبلتهم. أما أدونيس فهو الآخر لم يعد مركزه بيروت ومعرضها كما كانت الحال يوما.

معرض الكتاب في بيروت يفتتح اليوم ويستمر حتى 16 من الشهر الحالي، وهي دورة استثنائية في ظروفها.. لذلك فإن الترقب هو سيد الموقف لدى الناشرين، لكن بعضهم يقولون من باب الدعابة: «ومتى لم تكن ظروف بيروت استثنائية وصعبة؟!».