عالم أزياء جان بول غولتير.. من الرصيف إلى منصة العرض

مدريد تستضيف معرضا استعاديا لأعمال المصمم الفرنسي الشهير

TT

ليس جان بول غولتير مصمم عادي. فأصوله أبعد ما تكون عما يعده المجتمع الباريسي حياة مترفة، حيث ولد في ضاحية بباريس لأسرة متواضعة الحال. مع ذلك تمكن هذا العبقري من تقديم أفضل أسلوب ارتداء للملابس بالنسبة للنساء والرجال مثل أي شخص في فرنسا، ونشر نموذجا لأسلوب ملابس ليتبعه آخرون في كثير من الدول. نظرًا لنشأته في ضاحية لا يوجد بها أي أثر لأي حياة مترفة، أصبح التلفاز الموجود عند جدته هو النافذة التي يطل منها على عالم من الصور ساعدت على تنمية حواسه، وترجمة هذه الرسوم إلى تصميمات أصبحت شاهدًا على تميزه وتفرده.

ربما لهذا السبب تستضيف مؤسسة «مافري فاونديشين» في مدريد أول معرض دولي عن عالم هذا المصمم البارز يستمر حتى السادس من يناير (كانون الثاني). إنه يمثل محاولة لفهم مولد عملاق الأزياء جان بول غولتير وكيفية تكوينه لهذا الأسلوب المتفرد الذي ينمّ عن موهبة متميزة يسعى وراءها الأثرياء والمشاهير.

يحمل المعرض عنوان «عالم الأزياء.. عالم أزياء جان بول غولتير: من الرصيف إلى منصة العرض». ويهدف إلى استعراض وجهة نظر المصمم الفرنسي عن الشيء الذي يمكن أن يكون رائجًا وما لا يكون. وقال غولتير: «عندما كنت طفلا كان انتباهي منصبا على السيدات اللاتي لا يبدون مثل الآخريات». هذا هو الفارق بين غولتير ومصممي الأزياء الآخرين. تتولى منصب أمين المعرض ناتالي بونديل من متحف مونتريال للفنون الجميلة بالتعاون مع «دار جان بول غولتير»، ويهدف إلى عرض أفضل تصميماته التي مثلت علامة بارزة في حياته المهنية. وتبدو كل خطوة تخطوها خلال زيارتك للمعرض خطوة داخل خيال فنان يُعرف بأنه «ابن عالم الأزياء». مع ذلك ليست غاية هذا المعرض الدولي في القماش والملابس فحسب، فالزيارة تتضمن مشاهدة صور لتصميمات مهمة ومقاطع مصورة ومقتطفات من مقابلات تتيح للزائر فرصة إدراك مدى تأثير هذا العبقري الفرنسي على فنانين آخرين مثل ماريو تيستينو وسيندي شيرمان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المعرض قبل ذلك في مدينتي دالاس وسان فرانسيسكو الأميركيتين، لكنها المرة الأولى له في أوروبا. وأراد القائمون على المعرض الحفاظ على حس وأناقة غولتير من خلال طريقة عرض الفساتين.

كان العالم الذي تم تقديمه من خلال المعرض يليق بفنان عالمي مثل غولتير. وأول شيء يقابله الزائر هو الردهة الضيقة المظلمة إلا من بعض الأضواء التي رتبت بهذا الشكل بحيث تمنح الزائر إحساس منصة عرض الأزياء. ارتدت بعض العارضات أزياء آلهة وعذارى وملكات مصريات وسيدات جذابات فضلا عن ملابس على طراز عرائس البحر بألوان داكنة أنيقة مثل الأسود أو الذهبي.

لم يغب عن هذا الجزء التصميمات الشهيرة لغولتير، حيث يفتتح المعرض بأزياء حملت طابع البحار باسم «أوديسا جان بول غولتير».

وفي الجهة المقابلة من هذا القطاع يمكن الاستمتاع بصور لسيدات ذوات شعر أحمر يرتدين التيجان ذات الألوان الزاهية تعيد إلى الأذهان الذوق الغريب للمصمم الفرنسي.

ويتضمن المعرض مساحة مهمة مخصصة لمشدات الخصر الشهيرة للمصمم، معروضة وراء زجاج بين جدران مبطنة باللون الأزرق. لاقى هذا الجزء من المعرض - الذي يحمل اسم «غرفة النوم» ويسلط الضوء على شجاعة مقترحه - ترحيبًا كبيرًا من المشاهير مثل مادونا. وميزت هذه العلامة عطوره وأصبحت نجما في الحملات الإعلانية الخاصة بأعمال غولتير.

نجد في جزء آخر من المعرض بعنوان «تحت الجلد» بعض النماذج التي تحاكي الجلد والعروق لترويج هيئة السيدات خلال السبعينات والثمانينات.

الخطوة التالية في عالم غولتير كانت «بانك كانكان» وهي توضح لنا كيف ألهمت حركة البانك مصممنا الفرنسي، لكن مع لمسته الفرنسية التي تظهر في التصميمات المخروطية والتنانير الطويلة والشرائط التي تميز الأطراف. مع ذلك، من أبرز أقسام المعرض قسم «الغابة الحضرية» المخصص لعرض فستان زفاف مع فروة رأس على طريقة سكان غويانا. من الممكن اكتشاف سترة على أكمامها ريش طويل وتصميمات مستوحاة من مصارعي الثيران وهي نموذج لمجموعاته الإسبانية.

تنتهي الزيارة بقسم يوضح أن تعدد مواهب جان بول غولتير يمتد إلى عوالم أخرى سوى الأزياء. وبهذه المناسبة يؤكد المعرض تعاونه مع المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار في أفلامه. ويعد المصمم الفرنسي من عشاق أفلام المخرج الإسباني، ولا يساوره أدنى شك في قبول دعوته إلى عالم السينما.

ليس ألمودوفار هو صانع الأفلام الوحيد الذي سلط الضوء على عمل غولتير، لكن ربما تعد أفلامه أفضل نماذج تناسب العالم ثلاثي الأبعاد الخاص بمصممنا الفرنسي.

وكان فيلماه «كيكا» و«تعليم سيء» ‘Bad Educationفضلا عن فيلمه الأخير «الجلد الذي أسكنه» ‘The skin I live in it’ثمرة شراكة الاثنين. ويقدم المعرض لمحة عن هذا التعاون وطريقة عملهما سويا. كذلك دخل غولتير عالم الموسيقى، حيث ظهرت تصميماته في كثير من الأغاني المصورة لفنانين مثل تينا ترنر، ونرفانا، وبيونسيه، وكايلي مينوغ، وليدي غاغا. ويضم المعرض بعض هذه الفساتين داخل غرفة يطلق عليها اسم «متروبولي» تعد محاولة لاستعراض الرؤية المستقبلية لأسس الأزياء الفرنسية.