«ألف ليلة وليلة» ثلاث عشرة مرة على مسرح لندني

تتناول السياسات الحالية في أنحاء الشرق الأوسط في ست حكايات

كتب مجموعة المسرحيات القصيرة التي تأتي كرد فعل للثورات العربية الحالية مؤلفون من دول مختلفة من المنطقة وأخرج المسرحية البريطاني بوبي بيرتون مورغان (تصوير: ريتشارد ديفينبورت)
TT

في الأسبوع الماضي، عرضت مسرحية تحمل أحد أكثر الأسماء شهرة في تاريخ الأدب وهو «ألف ليلة وليلة» ثلاث عشرة مرة على مسرح «سوهو» وسط لندن. وتتناول المسرحية، التي تعد تناولا معاصرا للكتاب الكلاسيكي «ألف ليلة وليلة»، السياسات الحالية عبر أنحاء الشرق الأوسط في ست حكايات مسرحية. فيما حظيت بعض المسرحيات القصيرة بإعجاب كبير من الجمهور، إلا أن بعضها الآخر خيب آمالهم، بل أصابهم بالحيرة.

كتب مجموعة المسرحيات القصيرة التي تأتي كرد فعل على الثورات العربية الحالية مؤلفون من دول مختلفة من المنطقة: الكاتب الفلسطيني حائز جائزة أورويل، رجا شحادة؛ والكاتب المسرحي العراقي البريطاني حسن عبد الرزاق، والفنانة اللبنانية تانيا الخوري وراوية القصص المصرية شيرين الأنصاري والصحافية السورية غالية قباني. ومن إيران، الكاتب الذي فضل عدم الكشف عن هويته. تعاون الكتاب في عملية إنتاج الرواية من خلال الحوار عبر الدول باستخدام برنامج «سكايب» وغيره من أشكال التواصل الأخرى.

صنعت موضوعات التواصل والقصص الرمزية التي تدور حول السيطرة والسلطة وإبراز الرموز المتكررة الملحوظة على الصعيد السياسي في الشرق الأوسط والتأملات الشعرية للمناظر الطبيعية القديمة. يقول مخرج المسرحية بوبي بيرتون مورغان: «أهلا بك في عالمنا من الجان وعروض الرومانسية والثورات».

في كل ليلة، يتعين على شهرزاد، التي تؤدي دورها الفنانة البريطانية العراقية دينا الموسوي، أن تتجنب القتل على يد زوجها الجديد، الملك شهريار، باستغلال قدرتها على قص الحكايات. وبعد كل حكاية، يقرر الجمهور، الذي يبرر بشكل جماعي للملك شهريار، ما إذا كانت تستحق العيش لليلة أخرى أم لا.

تتمثل أكثر الحكايات الجذابة في «حكاية زوجة الديكتاتور» لتانيا الخوري. وهي عبارة عن إشارة مباشرة لأسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري الحالي، بشار الأسد، التي أصيب العالم بصدمة عندما أذيعت أخبار عن قيامها بالتسوق الإلكتروني لشراء أحذية، أثناء القمع الدموي للمتظاهرين على مرأى ومسمع من زوجها. وبأسلوب شديد السخرية، نرى هوس «السيدة الأولى» المفرط بالأحذية وحبها الجنوني لها، وهي ترقد على ظهرها وتستخدم قدمها في النقر على شاشة بحجم الحائط، مالئة عربة تسوقها الافتراضية. ولكن عندما لا تجد المزيد من الأحذية لشرائها، يجن جنونها.

تعتبر هذه الحكاية هي أكثر الحكايات إمتاعا، بالنظر إلى الحذاء ودلالاته المتعددة. من فزع السيدة الأولى المهووسة باقتناء حذاء جديد، يتم أخذ الجمهور في رحلة عبر الصور المعروضة على الجزء الخلفي من الشاشة: منتصر الزايدي و«قبلة الوداع» التاريخية التي منحها للرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش بقذفه بحذاء في عام 2008؛ وحشود الجماهير الغاضبة التي تقذف أحذية اقتداء بالزايدي، وأخيرا، الرسالة المسجلة مسبقا للصحافية البحرينية نزيهة سعيد التي تصف فيها التجربة التي مرت بها، حينما أجبرت على أكل حذاء أثناء احتجازها بالسجن هناك. تقول: «لم تكن مسرحية، كان حذاء حقيقيا له مذاق حذاء حقيقي».

كانت حكاية الجنديان والجدار لرجا شحادة الأكثر إثارة للمشاعر بين جميع الحكايات، حيث دفعت الجماهير إلى البكاء من خلال روايتها لمحادثة رجل مع ضابطين إسرائيليين عند نقطة تفتيش. وهذه القصة، بينما تنبع من أفكار مسافر عند الجدار الفاصل الإسرائيلي، تتناول على نطاق أوسع الجدران التي تفصل بين الشعوب والثقافات في الشرق الأوسط بأكمله. وتتحدث عن النحو الذي قد تجاوزت من خلاله السيطرة الإطار المادي وأصبحت سيطرة عقلية داخلية بالمثل. هنا، تحولت اللغة من الحقيقة الحالية لمحاولة تبرير فكرة نقاط التفتيش والقيود المفروضة على حركة الناس من خلال تصوير الجنديين على طراز الحكايات الخيالية في صورة جنيين يرغب في أن يسمع منهما كلمة «شبيك لبيك» وأن يحققا له أمانيه، لكن «أبواب سمسم» هذه لن تفتح.

يستمر الرجل في محاولة الحديث بشكل منطقي عن مخاوف الاحتجاز وحلم السفر بحرية إلى دمشق وبيروت.

لسوء الحظ، خيبت «حكاية السندباد والماعز العجوز» لحسن عبد الرزاق آمال الجمهور. تروي الحكاية الرمزية قصة سندباد الذي يترك زوجته المحبة «ياس» للإبحار إلى إيطاليا. وفي الطريق، تجذبه ماعز عجوز ذات لحية يتحتم عليه الفرار منها. كانت تلك الحكاية الرمزية درامية بشكل مبالغ فيه في بعض المواضع، وشديدة السخافة في مواضع أخرى. لم تنجح القصة في تحقيق هدفها، حيث كان من المفترض أن تشير إلى ثورة خسرها الشباب وسرقها الإسلاميون وهي الفكرة مفرطة البساطة. فقد جعل السياق غير المترابط منطقيا مشاهدة هذه المسرحية أشبه بالتعامل مع طفل.

بشكل عام، أدت قدرة الخيال على الذهاب إلى مناطق بعيدة إلى إضفاء طابع مفعم بالحيوية على المسرحية. وعلى الرغم من الإشارات شرقية الطابع، في صورة الأداء التمثيلي لقصص شهرزاد، فضلا عن صور الجان والسندباد، قدمت المسرحية رؤية قوية. أتى تدوين عظيم لأفكار متظاهر ميت من الكاتب الإيراني مجهول الهوية وجزء أدائي عن ثلاث سيدات مختلفات تماما على متن رحلة الطيران نفسها من قبل شيرين الأنصاري. سوف يسافر فريق عمل المسرحية إلى مدينة بريطانية أخرى وهي ستراتفورد أبون أفون ومانشستر وإكستر.