المراهقة في البيت الأبيض.. حقل ألغام سياسي للرؤساء

جاء دور ماليا وساشا ابنتي أوباما بعد باربرا وجينا بوش وتشيلسي كلينتون

حتى الخروج لتناول الآيس كريم ليس أمرا يسيرا بالنسبة لماليا وساشا أوباما (أ.ب)
TT

أزمة الديون والبطالة والصراع في الشرق الأوسط تعد جميعها تحديات كثيرة تواجه الرئيس الأميركي باراك أوباما في فترة ولايته الثانية. ومع ذلك فإن وراء تلك القضايا المهمة مشاكل يحتمل أن يواجهها أوباما في منزله، لأن ابنتيه في طريقهما لسن البلوغ. فحتى الخروج لتناول الآيس كريم ليس أمرا يسيرا لأسرة أوباما. فعندما تذهب ابنتا الرئيس ماليا (14 عاما) وساشا (11 عاما) إلى مقهى «توماس سويت» في واشنطن، يبقى حراسهما الشخصيون على أهبة الاستعداد.

ومضات الكاميرات والصحافيون التلفزيونيون الذين يعملون من فناء البيت الأبيض والمتفرجون الفضوليون يمثلون جزءا من حياة الفتاتين اليومية كساكنتين للبيت الأبيض، وهو ما يسبب الكثير من الانزعاج لوالديهما اللذين يفضلان طفولة طبيعية لهما.

ومن الواضح أن مسألة الطفولة الطبيعية تعد أمرا غير وارد في عائلة تقف في دائرة الضوء وعلى رأس القمة لقوة عالمية. فقد قضت ماليا وساشا بالفعل جزءا مهما من طفولتهما في البيت الأبيض الذي يحتوي على 132 غرفة. وبعد إعادة انتخاب والديهما في نوفمبر (تشرين الثاني)، حصلا هما أيضا على أربع سنوات أخرى في مقر حكم الولايات المتحدة وذلك وسط 100 موظف وجيش من رجال الأمن العاملين في الخدمة السرية.

ومن المرجح أن يكون سن البلوغ، وهو وقت صعب بالنسبة لمعظم الآباء والأمهات وعلى الأرجح سيكون كذلك النسبة لباراك أوباما وزوجته ميشيل، مختلفا بالنسبة لابنتي أوباما مقارنة بدخول مثيلاتهما إلى مرحلة البلوغ. ومن المتوقع لهما بشكل كبير أن تقمعا السلوكيات النمطية لفترة المراهقة. وفي الوقت الذي يكون فيه حضور الحفلات والاستقلالية والاختبارات القوية الأمر السائد، فإن أي زلات من جانبهما قد تمثل إحراجا لوالديهما، تداعياته قد تكون حقل ألغام سياسيا لأقوى رجل في العالم.

وقد يكون لدى ابنتي الرئيس الأميركي السابق جورج بوش التوأمتين باربرا وجينا شيء أو اثنان لتقولاه عن ذلك. ففي عام 2001، وهما في سن الـ19، تم القبض عليهما وهما واقعتان تحت تأثير الكحول، فكان أن احتل الخبر عناوين الصحف على مستوى العالم. فاحتساء الخمر في الولايات المتحدة غير قانوني حتى سن الـ21.

ومع ذلك، كان البيت الأبيض يروق لابنتي بوش، اللتين وصفتاه بـ«المكان السحري» في رسالة إلى ماليا وساشا. ونصحت ابنتا بوش من ستخلفهما بالاستمتاع بوقتهما هناك لأن هناك العديد من الأشياء الجيدة المتعلقة بكون المرء ابنا أو بنتا للرئيس.

من ذا الذي يمكنه أن يشاهد حفلا موسيقيا خاصا في المنزل يحييه جوناس معشوق المراهقين أو تتاح له الفرصة ليلهو مع نجم هوليوود جوني ديب؟ ماليا وساشا تمكنتا من فعل ذلك، هذا إلى جانب أشياء أخرى كثيرة: تلتقي الفتاتان باستمرار مع ضيوف مشاهير.

لكن هناك أيضا خطرا دائما. فعندما يأتي أصدقاء للزيارة، لا بد من أن يفتشهم رجال الأمن. فقبل ثلاث سنوات، عندما ذهبت ماليا وساشا إلى واشنطن في عيد الهالوين بصحبة عمتهما تم التعرف عليهما على الرغم من ارتدائهما ملابس تنكرية. وكان من رأي جهاز الخدمة السرية إلغاء ذلك الحدث على أساس أنه يمثل خطورة شديدة.

وفي حادث مختلف، تلقت المدرسة الخاصة التي تذهب إليها الفتاتان - وهي المدرسة نفسها التي أرسل إليها الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون ابنته تشيلسي - اتصالا مشبوها في أواخر أكتوبر (تشرين الأول). وقام جهاز الخدمة السرية بإخلاء المبنى وقلبه رأسا على عقب قبل أن يقرر أن هذا كان إنذارا كاذبا ويصرح بأن الخطر قد زال وأن الأمور على ما يرام.

وقد تعرضت الصحف للحياة الخاصة لتشيلسي كلينتون، إلا أن معظم وسائل الإعلام لم تكتب قصصا عن حياتها بسبب سنها الصغيرة. ومع ذلك، عندما أصبحت تشيلسي في الـ13 من عمرها بعد فترة وجيزة من انتقالها إلى البيت الأبيض أي في عام 1993 كان مظهرها الغريب موضوعا لبعض القصص. وفي مقابلة عام 1992 مع مجلة «بيبول»، قال بيل كلينتون «يكون الأمر صعبا عندما تكون مراهقا.. لكن أعتقد أنها ستكون على ما يرام».

وتقول السيدة الأولى ميشيل أوباما، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية، إنها تحاول ضمان حياة جيدة التنظيم لفتاتيها، حياة متكاملة من حيث الانسجام والواجبات. يذكر أن ماليا وساشا يجب عليهما أن يرتبا فراشيهما بنفسيهما، كما أن الوقت الذي تقضيانه أمام التلفاز أو جهاز الكومبيوتر يخضع لقيود صارمة. أما الـ«فيس بوك»، على سبيل المثال، فهو غير مسموح به.

ولدى أوباما بالفعل شعور بأن السنوات القادمة لن تكون سهلة في ما يتعلق بدوره كأب. فخلال حملة إعادة انتخابه، أطلق مزحة عن ذلك قائلا إن ابنتيه لا تزالان تقولان إنهما تحبانه ولا تزالان صغيرتين لطيفتين لا تقسمان كثيرا جدا. وقال أوباما في خطاب الفوز «ساشا وماليا، إنكما تكبران أمام أعيننا لتصبحا شابتين ذكيتين قويتين وجميلتين، تماما مثل أمكما. وأنا فخور جدا بكما».

وفي الوقت الذي تجتاز فيه الفتاتان فترة البلوغ، من غير المحتمل استمرار هذا الهدوء، ويعلم أقوى رجل في العالم أنه ستكون هناك مشاكل في منزله إلى جانب التحديات السياسية الصعبة التي بانتظاره.