«الهجوم» اللبناني يتوج بالجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش.. وانتقادات لمحاباته إسرائيل

احتفاء جماهيري بالسينما الهندية.. واستياء من هيمنة الفرنسيين على المهرجان

الممثلة الهندية شارميلا تاغور في ساحة الفناء بمراكش
TT

فاز الفيلم اللبناني «الهجوم»، للمخرج زياد دويري، بالنجمة الذهبية (الجائزة الكبرى) للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الذي اختتمت فعاليات دورته الثانية عشرة بحفل كبير. وذهبت جائزة لجنة التحكيم لفيلمي «طابور» للمخرج الإيراني وحيد فاكيليفار و«اختطاف» للمخرج الدنماركي توبياس ليندهولم. بينما نالت جائزة أفضل دور نسائي الممثلة الآستونية إلينا رينولد، عن دورها في فيلم «جمع الفطر» للمخرج توماس هوسار. بينما ذهبت جائزة أفضل دور رجالي إلى الممثل الدنماركي سورين مالينك، عن دوره في فيلم «اختطاف» للمخرج توبياس ليندهولم.

وتتناول أحداث «الهجوم»، الذي شارك في بطولته كل من علي سليمان (أمين جعفري) وريموند المسيليم (سهام) وإيفجينيا دودينا (كيم) ويوري كافرييل (العميد موشي) وكريم صالح (عادل) ودفير يينيديك (رافيد) وريا سلامة (فاتن) ورمزي مقديري (القس)، الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، انطلاقا من رؤية تراهن على تجاوز الخطاب الأخلاقي والكشف عن البعد المأساوي والإنساني لهذا الصراع.

ويحكي الفيلم، الذي يستوحي أحداثه من رواية للكاتبة الجزائرية ياسمينة خضرة، قصة أمين جعفري، الجراح ذي الأصول الفلسطينية، الذي يعيش في تل أبيب، مندمجا في المجتمع الإسرائيلي، قبل أن تنقلب حياته رأسا على عقب، حينما تخبره الشرطة الإسرائيلية بتورط زوجته سهام في هجوم انتحاري أودى بحياة 17 إسرائيليا.

ولم يمر عرض «الهجوم» من دون أن يثير جدلا ويجر على مخرجه انتقادات أغلب السينمائيين والإعلاميين الحاضرين، ممن رأوا أن العمل «يقوم بالدعاية لوجهة نظر إسرائيل»، وأنه «ساوى بين الضحية والجلاد وبين محتل غاشم وشعب أعزل»، وأنه «وظف ممثلين معظمهم من إسرائيل في محاولة تطبيعية مفضوحة». من جهته، دافع المخرج عن اختياراته، مشددا، في تصريحات صحافية، على أن فيلمه «لا يسعى للدفاع أو تبرير الاحتلال وممارساته، بل، على العكس من ذلك، ينشد إنصاف وتعزيز موقف المظلوم من خلال عدم إقصاء منظور الآخر، المتمثل في إسرائيل».

وشارك في مسابقة الفيلم الطويل خمسة عشر فيلما، بينها فيلمان من المغرب، هما «يا خيل الله» لنبيل عيوش و«زير» لنور الدين الخماري، فضلا عن الفيلم التايواني «لمسة الضوء» لتشانك جونك، و«اختطاف» (لدنمارك) لتوبياس ليندهولم، و«الهجوم» (فرنسا، لبنان، قطر، مصر، بلجيكا) لزياد دويري، و«شاحنة» (كندا) لرافاييل أويلي، و«مثل الأسد» (فرنسا) لصامويل كولاردي، و«محتوم» (كوريا الجنوبية) للي دون كو، و«براعم الزهور» (التشيك) لزدينيك جيراسكي، و«هوية» (الهند) لكمال ك.م، و«رحلة صيد» (الأرجنتين) لكارلوس سورين، و«جمع الفطر» (إيستونيا) لتوماس يوسار، و«يا ولد» (ألمانيا) ليان أولي كيرستر، و«طابور» (إيران) لوحيد فاكيليفار، و«ليلة واحدة» (الولايات المتحدة، بريطانيا، كوبا) للوسي ميلوي.

وضمت لجنة التحكيم، إلى جانب رئيسها المخرج وكاتب السيناريو والمنتج البريطاني جون بورمان، المخرج وكاتب السيناريو والممثل المغربي الجيلالي فرحاتي، والممثلة البريطانية جيما أرتيرتون، والممثلة الكندية ماري جوزي كروز، والممثل الإيطالي بيير فرانشيسكو فافينو، والمخرج وكاتب السيناريو والمنتج الأميركي جيمس غراي، والمخرج وكاتب السيناريو والمنتج الكوري الجنوبي جيون سو إيل، والممثلة الهندية شارميلا تاغور، والممثل الفرنسي لامبيرت ويلسون.

كما فاز فيلم «حياة أفضل» لطارق اليحمدي، من جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، بجائزة أحسن فيلم قصير. ويحكي الفيلم قصة مجموعة من الشبان المغاربة يقضون يومهم قبالة البحر حالمين بالعبور إلى الضفة الأخرى. وعرفت مسابقة الفيلم القصير، المفتوحة في وجه طلاب المدارس السينمائية، التي ترأس لجنة تحكيمها المخرج الفرنسي بينوا جاكو، مشاركة 11 فيلما. وتهدف هذه المسابقة إلى خلق فضاء للإبداع السينمائي ومنح فرصة الإدماج المهني لفائدة السينمائيين المبتدئين. وتهدف الجائزة، وقيمتها 300 ألف درهم (نحو 38 ألف دولار)، وهي منحة خاصة من الأمير مولاي رشيد، شقيق العاهل المغربي ورئيس مؤسسة المهرجان، إلى الكشف عن مواهب جديدة في مجال الفن السابع من بين طلبة المعاهد ومدارس السينما بالمغرب.

وشكلت فقرة التكريم إحدى أبرز لحظات المهرجان؛ حيث تم تكريم المخرج الأميركي جوناتان ديم، والمنتج السينمائي المغربي كريم أبو عبيد، والممثلة الفرنسية إيزابيل هوبير، والمخرج والممثل الصيني زهانك ييمو، علاوة على تكريم السينما الهندية، التي تتمتع بشعبية لافتة في مدينة مراكش، وهو ما تأكد مع كل تلك الأمواج البشرية التي حرصت على متابعة الأفلام التي تم عرضها بساحة جامع الفنا، في حضور عدد من نجوم السينما الهندية، يتقدمهم شاه روخ خان وأميتاب باتشان وبريانكا شوبرا.

وعرفت الدورة عرض 80 فيلما من 21 دولة، وتضمن برنامجها، إضافة إلى فقرات التكريم وعروض الأفلام المبرمجة في المسابقة الرسمية، وتلك التي عرضت خارج المسابقة أو في إطار «خفقة قلب»، أفلاما برمجت لفائدة المكفوفين وضعاف البصر عبر تقنية الوصف السمعي.

وعلى الرغم من تشديد المنظمين على «المكانة القوية والراسخة التي يحظى بها المهرجان على الصعيد الدولي»؛ لأنه عرف كيف (يغني) علاقات صداقاته، تلك الأسماء الوازنة من عالم الفن السابع التي تعود كل سنة لمراكش لتأكيد الود)، ويقوي مكاسبه، الحرص على حسن اختيار الأفلام وقيمة أعضاء لجن التحكيم ووفاء الجمهور، وأن يتطلع إلى المستقبل، بأعين مفعمة بعشق توأم السينما والمغرب، فإن ذلك لم يمنع تواصل الانتقادات لـ«تحكم الفرنسيين في أغلب فقرات المهرجان»، مع تساؤل البعض عن «عدد الدورات التي يتطلبها مهرجان، وصل هذه السنة محطته الـ12، لكي يصير مغربي التنظيم والروح»، و«يتخلص» من «عقدة» الفرنسيين. وكتبت المخرجة المغربية بشرى إيجورك، منتقدة اختيار الممثلة الفرنسية كاترين دونوف لكي تسلم أميتاب باتشان، رئيس الوفد الهندي، نجمة التكريم «لم أفهم لم تكرم السينما الهندية في الوطن، وتسلم درع التكريم الممثلة الفرنسية كاترين دونوف، والتي صرحت بأن الفرنسيين لا يعرفون الشيء الكثير عن هذه السينما. لست أدري لماذا؟ كان الدفء يعم المكان فخمد بسبب كلمتها الباردة.. كانت عيناها بلا بريق لأنها صعدت منصة بالخطأ».