استوديو «رؤية» يستضيف معرض الفنان العراقي سنان حسين

شخصياته تسبح في عالم أسطوري

TT

استقبل استوديو «رؤية» للفنون التشكيلية بمدينة جدة معرضا فرديا للفنان العراقي سنان حسين الذي يهتم بتصوير ملامح الإنسان في الحياة وفي حالاته المتخيلة التي تقع عليها حساسيته البصرية التي تمرست حول اشتغاله على معالجة الموروث المتصل بالأشكال التعبيرية الأقرب إلى الأسطورة والمسكونة بالصخب والحركة. وتبدو أعماله أقرب للمتلقي ووفق أنساق جمالية متماهية مع الفولكلور الشعبي، خصوصا عندما يرسم شخصيات مسرحية تتسم بالمرح والحس المرهف أو عندما يجسد حركاتها الإيقاعية بتعبيرات بصرية تميزه عن غيره ممن يتبعون هذا المنهج، وقد تذهب بلاغة معطياته في تجسيد شخصياته بمقاربات جمالية تجريدية بعيدة عن المحاكاة في الواقع.

يطلق سنان لبلاغة حساسيته الجمالية فرصة الغوص في متاهاتها مما يضفي عليها طابعا غرائبيا أقرب إلى العفوية، حتى إن المتلقي قد يدرك رهافة بنية الصور وألوانها التي ينزع إليها لتصبح الأجواء متعالقة بعالم وجداني بحت ولا يكتفي بهذه الإشارات، بل يعزز من مكتسباته وخبراته التقنية، فيوشم ملابس النساء بالوحدات والزخارف وضربات الفرشاة المتراشحة من خصوبتها التي تعيد إلى الذاكرة مناخ وحساسية الفنان غوستاف كليمت (1862 - 1918) الزخرفية اللونية معا.

يقول محسن الذهبي، ناقد فني، عن أعمال سنان حسين إنها تنتمي إلى تجارب الفنانين الذين يرسمون بخلفيات عفوية ساذجة دون سخرية وبحساسية انفعالية تظهر في ابتعاده عن الألوان الحادة ونصاعتها لكنها تتنامى شيئا فشيئا نحو شفافية أكثر بهجة في منظومة تشع بالتناغم. إنه يعتمد على خبراته وفراسته في مزج الألوان ودرجة انسجامها في خلق التكوين التشكيلي والموضوعي حتى إن اختياره للألوان منحت موضوعاته انسجاما تكامليا مع المساحات والفراغات التي تسكنها، وأضاف أن اللوحة عنده تحمل سمة الفعل الطفولي ليغني روح البعد الخيالي في عالم يضج بالقلق متتبعا أسلوبا فنيا يقترب من الفن الساذج بعفويته، خصوصا أنه مبدع قادر ومتمكن في توظيف الواقع الذي يصوره ليوائم بينه وبين المتخيل الجمالي ولتعطيه بعدا أقرب ما يكون للأساطير وروح الحكاية، وهو دائما ما يطور أشكاله وشخوصه دون الاهتمام بالتشريح التجسيدي. وفضلا عن ذلك فهو يدمغها بقياسات أكبر من حجمها الطبيعي لتعزز من قيمتها الجمالية والتعبيرية ولتصبح تيمة بصرية تشبه الحلم الذي صنعه، وهو بذلك يعطي أشكاله بعدا جوهريا ثابتا من شأنه أن يساهم في خلق صور وإيحاءات ذات بعد إنساني مباشر في ذهن المتلقي.

دينا العظمة، مديرة استوديو «رؤية» للفنون قالت عن تجربة سنان إنها تمثل صورا لمتخيلات مسرحية تتجسد في ملامحها الفرح والألم والمرح كما لو كانت دمى متحركة تثير المتأمل إليها. وقالت إن طريقة ألوانها مثيرة للعين وتتمتع ببساطة في تقنياتها المدهشة. وأضافت: «إننا نسعى من خلال هذا المعرض إلى التركيز على التجارب المختلفة التي تزيد من عملية التنوع في العروض التشكيلية في السعودية، خصوصا عندما تكون تجارب عربية متميزة».

ويذكر أن سنان حسين فنان عراقي استقر في الكويت 2004، شارك في معارض مشتركة وفردية في الكويت والسعودية وقطر والإمارات وتركيا وبوسطن بالولايات المتحدة الأميركية، وحصل على جائزة بينالي الخرافي الدولي الثالث للفن العربي المعاصر 2008.