خطاط مصري يزين «بيض النعام» بآيات القرآن الكريم وبزخارف فنية

يهدف إلى التعريف بالخط العربي بصفته فنا راقيا يرسم على أي وسيط مهما كان حجمه

علاء القاضي خطاط مصري يهدف إلى تطوير جماليات الخط العربي («الشرق الأوسط»)
TT

ماذا لو هدتك قدماك إلى معرض لفنون وجماليات الخط العربي، تكون كافة أعماله مرسومة على البيض بكافة أنواعه؟، لا تندهش، فهذا ما ينوي فعله الخطاط المصري علاء القاضي، الذي يحول البيض - خاصة بيض النعام - إلى لوحات فنية، تضم كتابات وزخارف، ومما يزيد الأمر جمالا أنه يعمد إلى كتابة آيات القرآن الكريم على قشرة البيض.

يعيش القاضي حاليا بمحافظة الأقصر جنوب مصر، حاملا على عاتقه منذ سنوات أن يثبت للجميع أن الخط العربي ليس مجرد حروف تخط على الأوراق أو ترص فوق اللوحات فقط، بل هو فن راقٍ يمكن أن يزين أي مكان، ويرسم على أي شيء مهما كان حجمه أو صعوبته.

عن فكرة الرسم على البيض يقول القاضي: «أثناء مشاهدتي لبرنامج تلفزيوني منذ سنوات طويلة، رأيت أحد اليابانيين يصفي البيضة ويقسمها نصفين دون أن تنكسر، فجاءتني فكرة استخدام البيض في الرسم بعد تفريغه من محتوياته عن طريق عمل ثقب صغير في جانب البيضة، ثم رسم أشكال فنية وزخرفيه عليها، ومن وقتها قررت أن تقتصر رسوماتي على البيض وأن تكون كتاباتي لآيات القرآن الكريم فقط من خلال رسمها داخل أطر زخرفية إسلامية، لأني أرى أن أي عمل دون القرآن ليس له قيمة».

كانت موهبة الخط لدى القاضي قد ظهرت منذ أن كان طالبا بالمرحلة الابتدائية، ليقوم معلموه بتنميتها والاهتمام بها، ومع وجوده بالمملكة العربية السعودية التي قضى بها 13 عاما للعمل وجد رعاية وتكريما من جهات عدة، مما شجعه على زيادة تطوير موهبته، وبعد عودته إلى مصر كان التحاقه بمدرسة الخط العربي عام 2006 ليحصل على مركز متقدم في دبلوم الخط العربي على مستوى مصر. ومؤخرا وخلال العام الحالي 2012 كان حصوله على المركز الرابع على مستوى الجمهورية في التخصص والتذهيب.

يشير القاضي إلى أن بدايته مع الرسم على البيض كانت مع بيض الأوز الذي يتميز بكبر الحجم نسبيا عن بيض الدجاج، كما أن شكله متناسق وجزيئات القشرة واضحة مع قوة تحمل، وأثناء وجوده بالسعودية، أشار عليه أحد أصدقائه باستخدام بيض النعام لقوة تحمله وسمك قشرته وكبر حجمه الذي يوسع من مساحة العمل ويقلل من احتمالات الخطأ، ومن وقتها قرر أن يستعين ببيض النعام في معظم أعماله، ويشير إلى أن صغر حجم بيض الدجاج والحمام لم يمنعنه من الكتابة عليها أيضا، بل إنه أصر على الكتابة عليها وتمكن من كتابة لوحات فنية مزينة بآيات القرآن الكريم.

وعن الفترة التي يستغرقها في كتابة البيضة، يقول: «أقوم بكتابة البيضة في مدة لا تقل أحيانا عن 15 يوما، وقد تصل إلى شهر في بعض الأحيان، وأستخدم دائما خطي الثلث أو الفارسي، لأنهما من أصعب وأجمل الخطوط». ويتابع: «لم أكتفِ بالكتابة والرسم فقط على البيض، فقمت أيضا بالحفر والنحت البارز والغائر على كل أنواعه، وذلك يتم عبر إحداث ثقوب في قشرة البيضة تكون محسوبة بدقة، فكل بيضة مهما كان حجمها تحتوي على 209 ثقوب بعد تجزئتها طوليا إلى 16 جزء أو 32 جزء، كما قمت باستنباط أساليب جديدة للخط لتنمية موهبتي في هذا المجال، كما أنني حاولت أن أغير في الخط الفارسي».

لـ«خطاط البيض» طقوس من أجل أن يكتمل الإبداع، فيقول: «حتى يخرج البيض في شكله الفني الذي أرغبه، أحاول البحث دائما عن العزلة أثناء العمل بعيدا عن الضوضاء، حتى أتمكن من تطويع أدواتي، فالكتابة على البيض تحتاج إلى تركيز شديد لا يتوافر إلا في أماكن بعيدة عن تطفل الآخرين، لأن أي خطأ يضطرني لإعادة العمل مرة أخرى، كما أن أي خطأ قد يتسبب في كسر البيضة بعد الانتهاء منها، مما يعني ضياع مجهود أيام متواصلة في الكتابة والنحت عليها».

لا يسعى القاضي إلى بيع أعماله، لكنه فقط يعرضها على المهتمين بالخط العربي لكي يروا جماليات الخط العربي وإمكانية تطويع الخط، حيث تلاقي أعماله استحسان من يراها، ويشير إلى أنه باع قطعة واحدة فقط من أعماله لأحد المتاحف بألمانيا عن طريق أحد الوسطاء، وقطعة أخرى تم إهداؤها لأحد الشخصيات العامة بالسعودية. ويكشف أنه يسعى حاليا إلى تجهيز معرض فني يضم كافة أعماله التي قام خلالها بالرسم على البيض واللوحات الفنية التي خطها على مدار سنوات عمره.

ومن خلال «الشرق الأوسط» يدعو القاضي حكومة بلاده إلى ضرورة الاهتمام بجماليات الخط العربي، وتنمية أرباب هذه الموهبة، وتبني المبدعين والفنانين في هذا المجال، كونهم يتواجدون في دولة إسلامية لا بد لها من الاهتمام بالخط العربي. ويقترح القاضي إلغاء إشراف وزارة التربية والتعليم في مصر على مدارس الخط العربي، وإلحاقها بكليات الفنون الجميلة المتخصصة، ليكون تعلم فنون الخط على أيدي المتخصصين والفنانين.