«بريتش ميديكال جورنال»: مؤامرة نسائية وراء مقتل رمسيس الثالث

حواس لـ«الشرق الأوسط»: بردية «مؤامرة الحريم» تكشف مساعي الملكة «تي» لتنصيب ابنها بدلا من الوريث الشرعي

رسم مقطعي لرمسيس الثالث
TT

أعلن الفريق المصري لدراسة المومياوات الملكية رسميا، أمس، عن كشف أثري مهم حول حقيقة مومياء الملك رمسيس الثالث وظروف وفاته.

ووفقا لنتائج الدراسة، التي نشرت نتائجها في دورية «بريتش ميديكال جورنال»، المجلة الإنجليزية الشهيرة رسميا، تورط في مؤامرة الاغتيال أحد أبنائه، وهو الأمير بينتاويرى، الذي تعرف الباحثون على هويته لأول مرة عن طريق الفحوص الجينية.

وأطيح برمسيس الثالث، الذي يعتبر آخر أكبر ملوك الدولة الحديثة في تاريخ مصر الفرعوني، من على العرش منذ نحو 1155 عاما قبل الميلاد.

وقد نشرت «بريتش ميديكال جورنال» نتائج البحث الذي استغرق عامين من دراسة النتائج التي توصل إليها الفريق المصري برئاسة الدكتور زاهي حواس وزير الدولة الأسبق للآثار.

وقد تم دراسة مومياء رمسيس الثالث عن طريق جهاز الأشعة المقطعية من خلال الدكتور أشرف سليم والدكتورة سحر سليم الأستاذين في الأشعة بجامعة القاهرة. وتم الكشف والتأكد من أن الملك رمسيس الثالث قتل بسكين حاد النصل تسبب في قطع ذبحي في الرقبة أحدثه القاتل الذي فاجأه من الخلف. وقد تم تسجيل الجرح الذي وصل إلى عظام الرقبة. وأكد الفحص الدقيق بالأشعة المقطعية وجود تميمة عين حورس بالصدر، وكذلك عدد أربعة تمائم يمثلون أبناء حورس الأربعة. ويؤكد علماء الأشعة، أن وجود الجرح الذبحي كان سابقا لعمليات التحنيط. وفسر الدكتور زاهي حواس الترتيبات الخاصة التي اتخذت عند تحنيط المومياء ووضع التمائم وأماكنها وهي الخاصة بالحماية والحفظ وتأمين حياة الملك في العالم الآخر بأن «المحنطين كانوا يتعاملون مع مومياء ملك قتل غدرا». ويضيف الدكتور حواس في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» أمس أن هذا الكشف يغير في تاريخ هذه الفترة وخاصة لأن هناك بردية شهيرة باسم مؤامرة الحريم تشير إلى قيام الملكة «تيا» الزوجة الثانوية للملك رمسيس الثالث بتزعم مؤامرة ضد الملك لتنصيب ابنها بنتاؤر ملكا على مصر بدلا من الملك رمسيس الرابع الذي كان هو الوريث لأبيه.. وقد اشترك في هذه المؤامرة بعض من حريم القصر الفرعوني لرمسيس الثالث، وتشير البردية إلى اكتشاف المؤامرة ومحاكمة المتآمرين وقد حكم على شخص بالقتل وترك 10 أشخاص لقتل أنفسهم ومنهم الأمير بنتاؤر، الذي قام بشنق نفسه وهناك أيضا 21 شخصا تم شنقهم.

وتشير البردية إلى أن الملك رمسيس الثالث لم يمت خلال المؤامرة، ويقول الدكتور حواس إنه لم يحدث في التاريخ المصري القديم أن أشير صراحة إلى مقتل الملك، ولكن كان يقال إن روحه صعدت إلى السماء كما كان يشار إلى موت الملك بحالة الحزن التي تنتاب رجال القصر.

ويضيف حواس أن التمائم التي وضعت في جسد رمسيس الثالث كان الغرض منها تضميد جراح المؤامرة، وضمان حياة أخرى أفضل في العالم الآخر. وقد قام الفريق المصري بدراسة الحمض النووي لمومياء الرجل المجهول بالمتحف المصري بإشراف الدكتور يحيى جاد والدكتورة سمية إسماعيل، وكان قد عثر عليها داخل خبيئة المومياوات، حيث تأكد من خلال الدراسة ارتباط المومياء بصلة الابن للأب أو العكس بمومياء الملك رمسيس الثالث، ولأن الملك رمسيس الثالث بلغ من العمر عند مقتله 60 عاما بينما المومياء المجهولة هي لرجل شاب مات في عمر الخامسة والعشرين لذلك فإن مومياء الرجل المجهولة هي في الواقع مومياء ابن الملك رمسيس الثالث بنتاؤر الذي كان مشتركا في المؤامرة على حياة أبيه.

والمفاجأة أن المومياء في الواقع لم تحنط وإنما تم لف الجسد في جلد الماعز وليس الكتان المعتاد ولم يكن جلد الماعز طاهرا في العقيدة المصرية القديمة حيث اعتبر الماعز من الحيوانات التي تعادي معبود الشمس «رع».

والمعروف أيضا أن فم المومياء المجهولة وجد مفتوحا، وتنطق ملامح الوجه بكل مظاهر الخوف والهلع من المصير الأليم، وقد وجد فريق الأشعة علامات مؤكدة لآثار حبال الشنق على منطقة الحنجرة، الأمر الذي يؤكد وفاة الشاب مشنوقا.

ويعتبر رمسيس الثالث أشهر حاكم في الأسرة العشرين حكم مصر للفترة 1183 ق. م. – 1152 ق. م. ويقول المؤرخون إنه يعتبر آخر الملوك العظام في الدولة الحديثة. وقد قام بنفس السياسة التي اتبعها رمسيس الثاني ومن أهم أعماله، هزيمة الليبيين في غرب الدلتا، وفي العام الثامن من حكمه، احتلت شعوب البحر شمال البلاد. فأعد رمسيس الثالث حملة ونجح في هزيمتهم في معركة بحرية، سجلت على حوائط معبده المسمى بمدينة «هابو» في طيبة، وهذا يدل على إنجازه في إنشاء قوة حربية بحرية، فقد قام ببناء السفن الحربية واضعا إياها على مداخل نهر النيل وأصبحت هذه المعركة أول معركة بحرية كبرى في تاريخ المعارك البحرية.