هل رغبت يوما في أن تحمل معك حبك للفنون؟

فرصة لارتداء تشكيلة فنية داخل معرض الفنانة الهندية ألكا راجوفانشي

TT

هل رغبت يوما في أن تحمل معك حبك للفنون وأن تظهر به أينما ذهبت؟ إن الفنانة والكاتبة والمشرفة الفنية ألكا راجوفانشي التي تعيش في دلهي تقدم لمحبي الفنون فرصة لارتداء تشكيلة فنية على الأكمام داخل معرضها الفريد المتخصص في مجال «فنون الملبوسات» (wearable art)، الذي يتم فيه صناعة قطع الساري والأوشحة وحقائب اليد وربطات العنق و«الدوباتا» (duppata) وهي أغطية هندية طويلة للرأس عن طريق اقتباس رسومات لكثير من الفنانين المعروفين في البلاد. وقد ظلت فنون المعابد لقرون طويلة هي العلامة المسجلة للملابس والحلي الهندية التقليدية، إلا أن مغامرة راجوفانشي بدخول مجال فنون الملبوسات من خلال تحويل أعمال 5 رسامين إلى ملابس منحت المصممين الهنود أشكالا مجازية جديدة كي يقوموا بتأويلها وهم يزيدون من درجة التعاون مع الفنانين.

وقد اختارت راجوفانشي التي قامت بتأليف وتحرير ما يزيد على 20 كتابا وشاركت في معارض فنية كبرى ليس في الهند وحدها بل في مختلف البلدان أيضا مثل تركيا وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة 50 عملا من الأعمال الفنية الموجودة بالفعل لـ5 فنانين، من بينهم هي نفسها، وبعد عملية مضنية من الانتقاء والغربلة وإعادة تصميم كثير من الرسومات رقميا، قامت بإنتاج إصدار محدود يتكون من 20 ساريا. وغالبا ما تكون الفنون المستخدمة تجريدية وأحيانا مجازية، لكنها مصممة بصورة خيالية بحيث لا تبدو وكأنها جهد ركيك متكلف لوضع هذه الرسومات عنوة على الساري. وقد كان القماش مكونا حيويا لأن الأعمال الفنية ينبغي إعادة إنتاجها بصورة جيدة، وبعد تجربة مجموعة متنوعة من المواد مثل القطن، استقرت راجوفانشي على قماش الكريب والشيفون و«الحرير البجالبوري» (Bhagalpuri silk) إلى جانب الحرير الخام، وتم اختيار هذه الأقمشة بعد بحث مضن من أجل ضمان المظهر المتميز للرسومات. ثم تمت زخرفة قطع الساري بالقماش المقصب وأقمشة التطريز والقماش المقصب المصنوع من قنب كلكتا والأطراف الفضية كي تصبح قطع «ساري» أصلية الصنع حقا. ومن أجل جذب الاهتمام، تم عرض قطع الساري هذه على منصة العرض من خلال الاستعانة بـ31 راقصة ومغنية وفنانة كلاسيكية شهيرة في دلهي، ويتراوح سعرها ما بين 25 ألف روبية و35 ألف روبية، في حين يبلغ سعر حقائب اليد 40 ألف روبية فأكثر، ويبلغ ثمن الأوشحة 8 آلاف روبية، ويتراوح سعر ربطات العنق الرجالية من 5 آلاف روبية إلى 7 آلاف روبية، وأخيرا يصل ثمن «الدوباتا» إلى 10 آلاف روبية.

وتقول راجوفانشي: «أشعر بأنه لا يمكنك أن تعزل شكلا فنيا عن الآخر. هناك بعض الارتباط بين الفن والأزياء. لقد أثبت من خلال مجموعتي الجديدة أنه تماما كما أن الرسومات هي شكل من أشكال الفن البصري، فإن الأزياء هي شكل من أشكال التعبير الجمالي. على الرغم من أن الساري زي تقليدي، فإن الرسومات التجريدية المطرزة عليه تعطيه مظهرا معاصرا من أجل المرأة الهندية الحديثة. من أجل إعطاء بعد جديد تماما إلى قطع الساري هذه، تم اختيار العارضات بعناية ممن أبقين راية الساري عالية خفاقة وظللن يرتدين الساري في كل المواقف فعليا. لا أريد بعض الأجساد غير الحقيقية التي لا ترتدي الساري بعيدا عن عرضه فوق منصة العرض».

ومن الممكن أن يكون تحويل لوحة فنية إلى قطعة ساري تجربة مبهجة ومؤلمة أيضا، إذ ليس من المستغرب أن يستغرق الأمر عاما كاملا كي يصل المشروع إلى نهاية سعيدة. فهل كان ينبغي ثني الزخارف التي تخطف الأنظار على منطقة الصدر بحيث تجعل صاحبة الساري تشبه الحائط؟ وهل الطيات تخفي التفاصيل؟ وهل التأثير غريب أم جمالي؟ وعلى الرغم من أن الساري هو عبارة عن قطعة قماش تنسدل في حرية، فإن له قواعده الخاصة التي يسير عليها ويضمن أن يأخذ ما يغطيه وما يكشفه وكيف يكشفه الكثير من التخطيط والترتيب. وأثناء عملية إعداد الساري، أحيانا ما كانت راجوفانشي تدمج عدة رسومات لنفس الفنان من نفس السلسلة في «ساري» واحد.

ولم تكن الفكرة هي منح قطع الساري مظهرا أصليا، بل نقل الأعمال الفنية إلى قطاع أكبر من الجمهور، لذا لم يكن هناك خط مشترك للرسوم ولا جدول أعمال يحدد ما ينبغي أخذه أو تركه، بل كانت الخطوط التوجيهية (إن وجدت) هي استخدام الفنون التي تصلح لتحويلها ووضعها على قطع الساري، وذلك بحسب ما ذكرته راجوفانشي، التي قامت بالانتقاء من بين 50 عملا فنيا، وتضم هذه المجموعة نخبة مختارة من الرسومات التجريدية والمجازية للفنانين ألكا راجوفانشي ونيرين سين غوبتا وسانجوي باتاشاريا وشريدار ليير ومانشيا غاوادي. وتقول راجوفانشي: «هذه هي ثاني محاولة لي من أجل ترجمة الفنون إلى أزياء يمكن ارتداؤها»، حيث سبق أن حاولت تحويل واحد من عروضها الفردية إلى تشكيلة بمساعدة المصممة نيدي جاين. وعلى سبيل المثال، فهناك 5 رسومات للفنان شريدار ليير من سلسلة لوحاته المعروفة باسم «جاترا» تم دمجها في ساري واحد. وبالإضافة إلى قطع الساري، فإن هذه الأعمال يتم استخدامها أيضا في صناعة ربطات العنق والأوشحة والحقائب. وتقول غوادي، التي تم استخدام أعمالها في الكثير من المنتجات، إن نشر عمل فني عبر قطعة «ساري» كبيرة أسهل بكثير من ضغطه في رابطة عنق.

والألوان المستخدمة تكون أخّاذة إلى حد بعيد، حيث زودت قطع الساري بظلال تنبض بالحيوية من ألوان الأصفر والأحمر والأخضر والأبيض مع إطارات تجريدية ومجازية داكنة. وهناك لوحة لشخصيات عارية تتسم بالألوان التعبيرية المميزة لسلفادور دالي رسمها الفنان سانجوي باتاشاريا على حرير أسود اللون تلفت انتباه المشاهد بتفاصيلها الساحرة. وفي الماضي، خرجت المصممة نيدي جاين التي تعيش في دلهي بمجموعة من قطع الساري التقليدية المزينة بصور رسومات بطريقة جمالية، حيث قامت المصممة في البداية بالتقاط صور للوحات رسمتها الفنانة ألكا راجوفانشي ثم تركيبها رقميا على قطع الساري، وهذه العملية برمتها لم تستغرق منها سوى 3 أشهر حتى اكتملت.

وقد بدأ الفن الهندي الحديث في إضفاء ابتكاره وإبداعه على ذلك الرداء التقليدي الذي يبلغ طوله 6 ياردات منذ بداية القرن العشرين في إقليم البنغال، ففي مسقط رأس الشاعر الهندي الحائز على جائزة نوبل رابيندراناث طاغور في بلدة سانتينيكيتان، يقوم الفنانون برسم المناظر الطبيعية والناس في ريف البنغال مباشرة على القطع القماشية الطويلة والقمصان الرجالية التقليدية - المعروفة باسم «الكورتا» (Kurta) - بالألوان الطبيعية والصناعية والأكريليك. وقد قامت مجموعة من الفنانين مثل مانجيت باوا وإم إف حسين وجيه سواميناثان بابتكار مزيج جديد، عندما قاموا برسم مطبوعات معاصرة على الملابس في معرض يتم تنظيمه لمرة واحدة.