مخرج مسلسل «حريم السلطان» يعلن إيقاف تصوير الجزء الرابع منه

اللبنانيون يعتبون على أردوغان ويلومون الرئيس المصري لإيقافه

TT

أصيب اللبنانيون بالخيبة إثر إعلان منتج مسلسل «حريم السلطان» تيمور ساوجي عن قراره بإيقاف تصوير الجزء الرابع منه بسبب الانتقادات اللاذعة التي وجهها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان للعمل واتهامه له بتشويه صورة السلطان سليمان الحقيقية. وقال: «لن يكون هناك جزء رابع للمسلسل كما كان مقررا» مشيرا إلى أن حلقات الجزء الثالث التي يتم تصويرها حاليا لن تطول كما الأجزاء الأولى في محاولة منه لتفادي الانتقادات والدخول في متاهات قد تنعكس سلبا على المسلسل.

وكان رئيس الوزراء التركي أردوغان وخلال إلقائه كلمة في مناسبة افتتاح مطار ومشاريع أخرى في ولاية (كوتاهية) أشار فيها إلى تشويه المسلسل لحقائق تاريخية تسيء إلى الأجداد الأتراك قائلا: «نحن لا نعرف السلطان سليمان القانوني بالشخصية التي يظهر فيها في المسلسل»، لافتا إلى أن الأخير قضى 30 عاما من عمره على ظهر الخيول في إطار الحروب والفتوحات التي خاضها.

وأعرب أردوغان عن تنديده بمخرجي هذا النوع من المسلسلات وأصحاب القنوات التلفزيونية التي تعرضها، منوها بأنه ينتظر قرارا قضائيا بهذا الشأن رغم تحذير المعنيين بالمسلسل.

وكشفت الصحف التركية النقاب عن سبب هذا الهجوم، وذلك وفقا لتصريحات مسؤول قريب من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، حيث ذكر المصدر أن الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، عاتب أردوغان أثناء زيارة الأخير إلى القاهرة بسبب هذا المسلسل الذي لم يكن رئيس الوزراء التركي قد شاهد أيا من حلقاته بعد، وأن مرسي قال لأردوغان: «من غير اللائق أن يصوّر السلاطين العثمانيون بهذه الصورة داخل قصور فارهة يتلاعب بهم حريمهم وأبناؤهم خصوصا أن التاريخ العثماني جزء من تاريخ الأمة الإسلامية الذي يعتز به المسلمون جميعا»، فبادر أردوغان فور عودته إلى تركيا بالاستفسار عما يعالجه المسلسل، ثم تداولت الأخبار بعد ذلك سر هذا الهجوم.

إثر إعلان الخبر في وسائل الإعلام في لبنان راح اللبنانيون يستفسرون عن تفاصيله والتحقق من صحته إذ اعتقدوا في البداية أن الأمر مجرّد إشاعة لا يمكن أن يكون حقيقيا لا سيما أنهم مطلعون على أخبار تصوير الجزء الرابع منه والتي تردد أنها ستتضمن اشتراك ممثلين جدد فيه أمثال التركي كيفانج تاتليتوج المعروف بشخصية (مهند) والذي سيجسد فيها دور السلطان سليم الذي يتسلم سدّة السلطنة العثمانية بعد وفاة والده السلطان سليمان.

وعلّقت ندى فرح إحدى المولعات بمتابعة المسلسل على القرار قائلة: «أنا عاتبة على الرئيس أردوغان لانتقاده مسلسل (حريم السلطان) وألوم الرئيس المصري على تدخله في شؤون تركيا الفنية وأعتقد أنه قام بذلك بسبب تراجع نسبة مشاهدة المسلسلات المصرية في العالم العربي في غضون انتشار عرض التركية مكانها على المحطات الفضائية». أما زينة فخري التي تتابع المسلسل في جزئه الثالث عبر مواقع الإنترنت فقد اعتبرت أن هذا القرار مجحف بحق مشاهديه لا سيما أن أحداث الجزء الثالث منه شيّقة وأن الحلقة الأخيرة التي تابعتها عبر الإنترنت وتحمل رقم 14 انتهت بإصابة السلطان سليمان بغيبوبة إثر سقوطه على الأرض مما يعني أن موعد انتهاء الجزء الثالث أصبح وشيكا.

أما بطل المسلسل خالد آرجنش المعروف بالـ«سلطان سليمان» فقد خرج عن صمته أثناء تناوله العشاء في أحد المطاعم التركية مع زوجته وابنه (علي) إذ علّق على القرار في ردّ على سؤال لأحد الصحافيين قائلا: «لا أريد التحدث في الأمر ولكني أستغرب أن يتوقف عمل ناجح كهذا يستفيد منه آلاف العاملين فيه ويشكل مورد رزقهم». أما عثمان الدين عثمان نجل آخر أمير عثماني فقال: إنه غير معجب بالطريقة التي يظهر فيها أجداده في المسلسل إلا أنه لا يأخذ الأمر بجدّية لأنه مجرّد عمل فني وأضاف: «إظهار سليمان العظيم وهو يصنع الجواهر ويقيم العلاقات الغرامية ليس أمرا لائقا». وكان عثمان من جهة أخرى قد أصدر كتابا حول السلالة العثمانية ومن المقرر ترجمته إلى الإنجليزية.

أما المعارضة التركية فكانت قد انتقدت بدورها مواقف أردوغان ووصفتها بالخطرة والسلطوية ورأى القيادي في حزب «الحركة القومية» عصمت بويوكاتمان أن أردوغان يسعى إلى تغيير جدول الأعمال في البلاد وسأل: «هل خطر له الأمر الآن؟ هذا المسلسل يعرض منذ أكثر من سنة»، وأضاف: «يجب مراجعة المسلسل فيما يتعلق بالوقائع التاريخية، لكنني لست مقتنعا بصدقية مقاربة أردوغان».

وكان اللبنانيون قد تأثروا بمسلسل «حريم السلطان» على جميع الأصعدة فوضعوا الموسيقى التصويرية الخاصة به كرنات على هواتفهم المحمولة وصارت النساء تلقّب أزواجها بالـ(سلطان) والـ(باشا). كما لجأت إحدى ماركات المشروبات الغازية المحلية إلى تصوير إنتاجاتها وتسميتها بأسماء أبطال المسلسل فأطلقت على المنتوج الأقدم لديها اسم (السلطانة الأم) وقد كللت الزجاجة بتاج ذهبي شبيه لتاج الشخصية التي تجسد دورها الممثلة التركية نبهات جهري للدلالة على عراقة المنتج وأقدميته.

ولم تتوان البرامج التلفزيونية الحوارية منها والثقافية في غالبية المحطات التلفزيونية كـ(إل بي سي) والـ(جديد) من تخصيص فقرات أسبوعية للتحدث مع اختصاصيين في مادتي الأدب والتاريخ ليرووا بإسهاب وقائع وتفاصيل عصر (القرن العظيم) كما يسمى في تاريخ تركيا وكذلك عن طبيعة الشخصيات الحقيقية للمسلسل كالسلطانة (هويام) والوزير الأعظم (إبراهيم باشا) اللذين يلعبان دوران مهمان في حياة السلطان سليمان والمعروف بسليمان القانوني والذي حكم تركيا لـ30 عاما.