وداعا لمشكلة قياس الملابس أثناء التسوق.. ومرحبا بالشراء عبر الإنترنت

من خلال ماسح ضوئي ثلاثي الأبعاد لقياس الجسم البشري

معظم حياتنا رقمية.. والجسم هو آخر قطعة من المعلومات الرقمية التي تم الذهاب إليها
TT

التسوق والشراء عبر الإنترنت أصبح اليوم جزءا مهما في حياة الأفراد عبر العالم. ولكن تجارة الملابس بالتجزئة عبر الإنترنت ليس لها نفس الاهتمام والتأثير كما هو الحال في تجارة الكتب والموسيقى والإلكترونيات، ذلك لأنه عند اختيار وشراء الملابس عبر الإنترنت، تبرز مشاكل كيفية الحصول على المقاسات المناسبة والصحيحة والتأكد من مناسبتها لقياسات وشكل الجسم، فقد تكون ضيقة أو واسعة أو قصيرة أو طويلة أو غير مناسبة لانحناءات الجسم. ويقدر الخبراء، بأن من 30 إلى 60 في المائة من مشتريات الملابس عبر الإنترنت يتم إرجاعها لأنها غير مناسبة، لهذا فإن كثيرا من المتسوقين لا يهتمون بمسألة شراء الملابس عبر الإنترنت.

يقول فيليب ديلامور، كبير الباحثين ومدير استديو الرقمي للموضة في كلية لندن للموضة بأنه «أمر شائع بالنسبة للمتسوق عبر الإنترنت أن يطلب اثنين أو ثلاثة أحجام مختلفة من نفس النوع من الملابس في نفس الوقت، لأنه ليس متأكدا أي واحد منهم سوف يناسبه بصورة أفضل».

ولكن مؤخرا، تمكن باحثون بريطانيون من كلية لندن للموضة، وجامعة سري البريطانية، وشركة «مقاييس الجسم (Bodymetrics)» ومقرها لندن، من تطوير جهاز ماسح ضوئي (سكانر) يعطي قياسات دقيقة ويبني صورة مفصلة لقياسات الجسم ويمنح الأمل لتعزيز وموثوقية تسوق الملابس عبر الإنترنت، حيث يمكن لهذا الماسح الجديد أن يحدث ثورة في تسوق الملابس عبر الإنترنت. وشركة (Bodymetrics) لديها بالفعل ماسحات ضوئية تستخدم أجهزة استشعار الحركة من جهاز ألعاب «كينيكت (Kinect)» من شركة «مايكروسوفت»، وذلك في متاجر «بلومنجديلز» في أميركا، و«سيلفريدجز»، و«نيولوك» في بريطانيا، و«كارشتات» في ألمانيا. وسوف تحدث هذه الشركة ثورة في طريقة شراء المتسوقين للملابس، سواء مباشرة من متاجر البيع، أو من خلال تجارة الملابس بالتجزئة عبر الإنترنت، الأمر الذي سيتيح للعملاء قياس الملابس بصورة أكثر واقعية قبل الشراء.

ويذكر أن بعض الشركات، ومنها شركة (UPcload) في مدينة برلين الألمانية، تقدم بالفعل ماسحات ضوئية منزلية تستخدم «كاميرا ويب»، لكن المطورين البريطانيين يقولون إن نظامهم الجديد قادر على إجراء القياسات بتفاصيل غير مسبوقة.

يقول الباحثون إنه، مع النظام الجديد الذي يتم تطويره، يمكن للمتسوقين إدخال ارتفاع الجسم كمرجع مع أخذ صورة طولية للجسم ككل بواسطة «كاميرا الويب» أو الهاتف الذكي، ومن ثم حساب جميع القياسات الأخرى المترتبة على ذلك، وتستخدم هذه القياسات جنبا إلى جنب مع قياسات النسب العامة لجسم الإنسان، وذلك لبناء - في النهاية - صورة ثلاثية الأبعاد كاملة للجسم.

ثم يتم الجمع بين معلومات قياسات الجسم مع معلومات مقاسات الملابس الموجودة لدى التجار عبر الإنترنت، للحصول على مقاسات الملابس المناسبة للعميل عند الشراء عبر الإنترنت، ويضيف الباحثون أن النظام الجديد يمكنه التغلب على مشكلة الحجم المتغير لمقاسات الملابس، والذي يعني أن المتسوق قد يكون مقاسه في متجر ما «متوسط»، وفي متجر آخر «كبير».

يذكر أن شركة (Bodymetrics) وموقعها الإلكتروني، التي توفر منصة رسم خريطة الجسم، كانت قد أعلنت في 24 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي (2011)، أنها قد تمكنت وبالتعاون مع شركة (PrimeSense) الرائدة في تكنولوجيات التعرف والاستشعار عن بعد، من إطلاق أول ماسح ضوئي ثلاثي الأبعاد، يقوم بأخذ مقاسات الجسم بشكل كامل، مما يتيح عمليا للشخص اختيار المقاس المناسب للملابس التي يريد شراءها. والماسح الضوئي عبارة عن غرفة فيها 8 حساسات ثلاثية الأبعاد، تستخدم لتعيين قياسات الجسم والشكل بصورة كاملة، حيث يدخل إليها الفرد ويقوم بمتابعة التوجيهات والإرشادات التي يقدمها له جهاز الكومبيوتر، ويقوم الماسح الضوئي بسرعة وبدقة باستخدام تحليلات شكل الجسم وحساب القياسات للعثور على الملابس المناسبة لشكل وجسم العميل، وبعد الانتهاء يتم رسم جدول بالمقاسات الصحيحة، مما يساعد بصورة عملية على شراء الملابس المناسبة للشخص.

يقول سوران غوناتيلاك، الرئيس التنفيذي لشركة (Bodymetrics)، إن: «الجسم هو آخر قطعة من المعلومات الرقمية التي تم الذهاب إليها، فمعظم حياتنا بالفعل رقمية، فالأصدقاء والموسيقى والحساب البنكي، كلها يمكن الوصول إليها عبر الإنترنت، لكن لم يحدث هذا مع الجسم، لكن بالتعاون بين شركتي Bodymetrics)، (PrimeSens)، أمكن للمستهلكين تخزين والوصول إلى جميع معلومات الجسم عبر الإنترنت، وربطها بتجار التجزئة. الآن، أصبح مسح الجسم منصة قوية لكثير من تجار التجزئة لتوفير الملابس المناسبة للعملاء».

في تجارة الملابس بالتجزئة، سيكون للتكنولوجيا الجديدة لمسح الجسم، القدرة على توفير مستويات جديدة من الخدمة الشخصية للعملاء في المتاجر، وزيادة المبيعات عبر الإنترنت، والإقلال من الملابس التي يتم إرجاعها نظرا لعدم مناسبتها للعملاء.

يضيف غوناتيلاك: «في الوقت الراهن هناك كثير من التكنولوجيات التي تجتمع معا لخدمة العملاء، فوسائل الإعلام الاجتماعية والماسحات الضوئية للجسم، والحسابات عبر الإنترنت، تتعاون جميعها لتخزين قياسات الجسم. نحن نعتقد بأنه قريبا، سوف يقوم معظم تجار الملابس بالتجزئة، بتثبيت الماسحات الضوئية للجسم والسماح للعملاء بالوصول إلى حساباتهم مع شركة (Bodymetrics)، وذلك عبر الإنترنت وهواتفهم الجوالة. وقريبا سوف يكون الشخص قادرا على شراء الملابس التي تناسب حجمه وشكله وأسلوبه، وأيضا مشاركة هذه الخبرات مع الأصدقاء عبر موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)».

يذكر أن كتاب الخيال العلمي، ومنذ فترة طويلة، قد رغبوا في وسيلة أفضل كحل لمشكلة الحصول على مقياس مناسب للجسم البشري واستخدامه للحصول على الملابس المناسبة للجسم، مثل رواية «عندما يستيقظ النائم» عام (1899)، لكاتب الخيال العلمي البريطاني الشهير «إتش. جي. ويلز»، وهي عن شخص ينام لمدة 203 سنة، ويستيقظ ليجد مدينة لندن وقد تغيرت تماما، ويرى أحلامه وقد تحققت، وفي الرواية يقدم «ويلز» تصورا لحل مشكلة قياس الجسم البشري، حيث يشير فيها إلى جهاز يستخدم لتوفير قياس آلي للنقاط الأساسية على الجسم.