45 معرضا في مهرجان الفنون الإسلامية بالشارقة

1700 عمل فني من 18 دولة تجمع بين الخط والزخرفة والفنون البصرية والتقنيات الحديثة

سجاد ومجسمات من ضمن ما احتواه المعرض
TT

انطلق في الشارقة مؤخرا مهرجان الفنون الإسلامية في دورته الـ15 التي تستمر حتى 12 يناير (كانون الثاني) 2013، وتنظم المهرجان إدارة الفنون بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، ومدن المنطقة الشرقية (خورفكان، كلباء، دبا الحصن)، إضافة لمدينة الذيد بالمنطقة الوسطى؛ حيث يصل عدد المشاركات المحلية والدولية إلى 1700 عمل فني تتنوع بين اللوحة، الفيديو، المجسمات، الأعمال التركيبية، وكذلك أعمال تنتمي للفنون التطبيقية، الجرافيك، الخزف، الحلي، السجاد. كما يبلغ عدد المعارض 45 معرضا محليا ودوليا، تنتمي لـ18 دولة، من بينها الإمارات، السعودية، قطر، بريطانيا، أميركا، فرنسا، تركيا، أذربيجان، مصر، فلسطين، لبنان، العراق، السودان، الهند.

وحول فلسفة هذه الدورة صرح الأستاذ هشام المظلوم مدير إدارة الفنون لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «إن المهرجان يتجه لتحقيق التوازن بين فنون راسخة أكدت جدارتها اعتمادا على قدراتها في استلهام معطيات الفنون الإسلامية، بإعادة صوغها عبر تقنيات ووسائط تمتاز بالابتكارية والروح العصرية، التي تتسيدها تكنولوجيا رقمية، أتاحت لكثير من الفنانين مساحات شاسعة لتقديم أعمال بصرية ناجزة وقادرة على إثارة الدهشة وشحذ المخيلة الجمعية».

وتتوزع المعارض على رقعة واسعة، منها: أربع كلمات من الشرق للفنان رشاد أكبروف - أذربيجان وهو يبدع أعمالا تركيبية مدهشة تفوق توقعات المشاهدين؛ حيث يقوم بجمع أشياء مختلفة أمام مصدر ضوء لتظهر بظلها على الحائط كلوحة جديدة تحمل من الإبهار والدهشة ما يكفل لها تميزها وفرادتها. بمعنى أنه ينتقل من المجسم إلى الشكل ذي البعدين، ومن الكتلة إلى التسطيح، ومن الألوان إلى حيث يشرق الضوء مؤلفا موضوعا آثرا في ثنايا الظلال؛ حيث تتشابك الأشياء مكونة مجموعة من العلاقات الخطية الجديدة. تخرج أكبروف من جامعة أذربيجان للفنون الجميلة في عام 2001؛ حيث تخصص في الفنون الزخرفية وشارك في بينالي فينيسيا الـ52 في عام 2007. والفنان الأذربيجاني الآخر هو فايق أحمد الذي يقوم بتفكيك بنية السجادة التقليدية ويعيد بشكل عشوائي ترتيب المكونات الناتجة من التركيب التقليدي، ومن ثم يدمج هذه الأجزاء مع القوالب أو الأشكال النحتية المعاصرة. ويرى أن: «آراءنا وقراراتنا تتأثر بمرحلة الطفولة. ولو تمكنا من معرفة جميع تفاصيل حياة شخص ما، فيمكننا بسهولة توقع ردود فعله واختياراته»، ويعتبر التقليد هو العامل الرئيسي الذي يجعل من المجتمع منظومة متكاملة. وفي هذا المنحى تعتبر السجادة رمزا من رموز الشرق التي لا تندثر، فهي تصور مرئي لرمز لا يمكن القضاء عليه. كما تتميز أعمال «سجاد الداخل» للفنان فريد روسلوف من أذربيجان التركيبية والنحتية، بالإضافة إلى لوحاته بأنها محفوفة في عمومها بالرمزية، على عكس ما يعتقد الفنان نفسه، وهو في معرضه هذا يمزج بين الوسط المحيط، وبعض الكائنات المنحوتة، والتي تتوزع في أنحاء المكان المجهز والمكسو في أغلبه بوحدات من السجاد تمتد من الأرض إلى الجدران فالأسقف، وتستجيب لذلك المراس، كذلك وحدات الإكسسوار الموجودة في مواقع مختلفة من كل عمل من أعمال الفنان، الذي شارك خلال السنوات القليلة الماضية في عدد من معارض الفن المعاصر في أذربيجان، المملكة المتحدة، موسكو، إيطاليا، ألمانيا.

كما يعرض في المهرجان عمل بعنوان «أسود وأحمر» للفنان روح العالم تعلقدار، والذي ولد في عام 1981 في بريطانيا ونشأ في كنف عائلة أصولها من بنغلاديش، وتعلق بالفنون الإسلامية منذ طفولته خاصة الشعر والأدب إلى جانب الزخارف والخط. وبعد دراسته لفن التصميم والرسم التصويري، بدأ باستخدام مختلف وسائط الفنون البصرية الحديثة في مشاريعه جامعا بين فن الفيديو إلى التصوير الفوتوغرافي والخط العربي وما تحمله الخطوط العربية من عمق المعاني وحالات التأمل، بتصاميم فنية معاصرة مستخدما فيها التقنية الرقمية.

ويتطرق عرض «اقتباس» للفنان باباك كاظمي من إيران لمدينته الأهواز، وتتسم صوره الفوتوغرافية بالغرابة؛ حيث تتبدى خلالها الهيئة السريالية، وفيها تغمس الصور في المنتجات البترولية لاعتقاده أن الكثير من المشاكل الاجتماعية والسياسية في إيران سببها النفط وإنتاجه.

أعاد كاظمي تصوير صور من ألبوم عائلته، وألصق ملصقات لشخصيات كرتونية شهيرة مثل ميكي ماوس وغوفي على الوجوه. وهذه الأعمال هي تفسير إيراني مستقل لرموز من صناعة الرسوم المتحركة الأميركية، تتعلق بالسنوات الأخيرة من القرن العشرين في إيران.

وتتضمن أعمال مصمم المجوهرات التركي سيفان بيكاكي الكثير من التفاصيل الصغيرة جدا كما أنها تتمتع بجمال مبهر، حد أنها تأخذ ألباب من ينظر إليها. في مارس (آذار) 2002 كشف النقاب عن مجموعته الأولى، وعرضها على الجمهور في تركيا. واليوم تزين إبداعاته أرفف بيوت المجوهرات الراقية في أوروبا، وأميركا، والشرق الأوسط، كما تحتل أعماله مكان الصدارة في مجموعات المجوهرات الخاصة. وهو مولود بإسطنبول في مقاطعة سماتيا في عام 1972، ومما لا شك فيه أن موطنه كان مصدر إلهام كبير له. حيث تتميز تصميماته بالأسلوب العثماني والبيزنطي الأصيل ويمكن التعرف على إسطنبول في كل قطعة مجوهرات يقوم بإبداعها. فهي تعكس أسواق البهار، والمساجد العظيمة، والدراويش، والمآذن.

أما الفنانة رزان صباغ من سوريا التي تخرجت في كلية الفنون الجميلة بدمشق عام 2011 بمرتبة الشرف، أسست خلال دراستها استوديو للتصميم خاص بها، وعملت في مجال التصميم لتكتسب الكثير من الخبرات المرتبطة بتقنيات الطباعة فقد قدمت عرض «انعكاسات». والفنانة إلى جانب عملها الحر، طورت أسلوبها الشخصي في فن الطباعة الرقمية، مستخدمة الكولاج والوسائط الفنية الأخرى. وهي تستلهم مواضيع أعمالها من المرأة وقضاياها، لتكون محور لوحاتها، مستخدمة عدة تقنيات وألوان، إلى جانب الزخارف والهندسة الإسلامية لتجمع بين جوهر تلك الثقافة والواقع المعاصر للمرأة.

ويتميز في المهرجان أيضا معرض باباك غولكار كونه من الفنانين ذوي الأصول الشرقية الذين دفعتهم ولادتهم وحياتهم في بلاد الغرب إلى البحث عن جذورهم وهويتهم عبر الفن. فغولكار الذي ولد في الولايات المتحدة وعاش فترة الطفولة والشباب في إيران، ويستقر حاليا بين كندا والشرق الأوسط، بحث منذ 1996 وقبل دراسته للفن في جامعة بريتش كولومبيا 2003، والبكالوريوس في معهد إميلي كار للفنون والتصميم 2006، عن التوتر الكامن في الصراع القائم ما بين التقاليد القديمة والتقاليد العصرية حيث يدخل الزائر بين جدران فضاء مساحة الغاليري، التي تبدو كالمتاهة ليصل بعدها إلى جوهر التصميم الفني الذي بات قسما منه، ليدرك بعد مشاهدة مجسم العمل في أحد أركان الصالة، الأصول التقليدية لبنية تلك الزخارف.

ويعتمد غولكار على إطار اللوحة المجتزأ ليعكس من خلال انعكاس ظلاله نماذج للعمارة الإسلامية كالمساجد وقبة الصخرة في القدس وبرج (أزادي) في طهران ومسجد (آيا صوفيا) في إسطنبول وغيرها. وقدم من خلال الإطارات وتشكيلاتها، مفهوما متطورا لفنون الظلال، عبر معرض فردي في غاليري (الخط الثالث) بدبي.

وتهدف الفنانة غولهيس ديبتاس من تركيا، إلى تعريف الناس بالفنون التقليدية التركية، مثل فن التذهيب، وفن النقش. وفي اعتقادها أنه لا يجب أن يقتصر فن التذهيب على المتاحف أو الكتب، ولكن يجب أن يوجد في بيوتنا المعاصرة، بجانب غيرها من أنواع الفنون، التي يجب نشرها عبر العالم، والمحافظة عليها، وتعزيزها، وعرضها عالميا. ترى الفنانة أن فن النقش هو ذاته فن الرسم الذي يرتكز على الكتابة الخطية. وخلال السنوات العشرين الماضية، مرت بهذه المشاعر العظيمة، عن طريق المشاركة مع أستاذتها، كاهيد كيسكنر. تشمل أنماط وتراكيب التذهيب على الكثير من المعاني والتعابير مثل الأنماط الرومانية التي ترمز إلى رؤوس وأجنحة حيوانات، ومربعات، ومستطيلات ترمز إلى الأرض، والعناصر والوحدات الزخرفية المكررة التي تمثل إيقاع الأرض والكون، والأشكال الثلاثية والكروية التي ترمز إلى السماء، واللون الأزرق الذي يرمز إلى الأبدية، في حين أن الذهب يرمز إلى الشمس.

أما الفنانة الإيرانية الأصل سودي شريفي، 1955 فتبحث من خلال أعمالها الفنية، عن هوية الإنسان الذي يعيش بين ثقافتين متناقضتين، خاصة بعدما عاشت في الولايات المتحدة ما يقارب من 30 عاما. وتناولت في بحثها العالم الداخلي والخارجي من خلال أعمال جمعت فيها بين فن المنمنمات الإسلامية في الحضارة الإيرانية خاصة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر والحضارة المعاصرة؛ حيث استلهمت من رسومات الأولين الملحمية وأساطيرهم، موضوعات لوحاتها لتستبدل شخوص العمل من خلال الرسم أو فن الكولاج بشخصيات معاصرة، لتبرز من خلالها التناقض في ثقافات المجتمع بين الماضي والحاضر، من خلال الكثير من وسائط الفن الحديثة كالتصوير الفوتوغرافي والتقنية الرقمية والفيديو.

وفي معرض الاستشراق الجديد للفنان إريك بارنس من الولايات المتحدة الأميركية، يعكس الصراع الداخلي، الذي يواجهه الفرد لتحديد الهوية، ويعزى ذلك إلى التجارب التي مر بها في مرحلة الطفولة. وكفنان مفاهيمي، يصور إريك في أعماله أوجه الاختلاف والتشابه للعالم الذي ولد فيه، وجذور أجداده، مركزا على صياغة وإبداع سلسلة من الأعمال التي تنقح وتستكشف مفهوم الشرق. حيث يطل مصطلح الاستشراق، كمصطلح شائع يصف محاولات الغرب الدائمة لتصوير الشرق متأثرا بتصورات وموضوعات، غالبا ما تكون مثاليه أو رومانسية، تنتج صورا خيالية لا تزال تؤثر بمفهومنا اليوم. وأعمال الفنان على هذا النحو تطرح الحداثة، والصوفية، والواقع العميق لمستشرق جديد.

ويعتبر جوناثان بيرشيناك البالغ من العمر 27 عاما حالة مختلفة، فهو فرنسي نشأ في ضاحية بجنوب فرنسا؛ حيث قاده بحثه بعد دراسته لفن التصميم في بروكسل، إلى التركيز على فنون السجاد بأسلوب فني واقعي، ليقدم أعمالا فنية استقطبت اهتمام المختصين والنقاد. استلهم فكرة أعماله من سجادة الصلاة، التي يخطط تصميمها على ورق بحجم السجادة، راسما زخارفها الهندسة عبر تقنيات (التهشير) ومبرزا ألوانها من خلال الظلال وكثافة الألوان بقلم الحبر الجاف (بيك) فقط. استقر بيرشناك في باريس بعد إقامته في هولندا لمدة 7 سنوات وبلجيكا 3 سنوات. وحازت أعماله الفنية في رسومات السجاد، على المرتبة الثالثة من جائزة التصميم (فوبيز). كما عرضت أعماله في العام الحالي في معرض (بيروت تحب المعرض) في لبنان.

ويحتفي الفنان علي حسن من قطر بخيول الصحراء والمجسم ناسجا علاقات بصرية بين الكتل الصماء ذات الهيئة الهندسية الحادة الخطوط، ومكون من الكتابات العربية التي استطاع أن يطرحها بصريا لتحاكي أشكال الخيول في وضعيات شتى. تمتاز أعمال حسن بجنوحها نحو التجريب، مع المزج بين طاقة الرسم والتلوين مع التشكيل والنحت. بينما تحتفي جملة أخرى من الأعمال بالهيئة النائية لرسوم الكهوف، التي يستعيدها الفنان من ماضيها السحيق بواسطة اللونين الأبيض والأسود، مقدما طرحا بصريا معاصرا قادرا على إثارة الكثير من التساؤلات العميقة.

في معرض خطوط مصرية للفنانين محمد إبراهيم، وكامل إبراهيم، وإبراهيم المصري من مصر ما تسمى بمدرسة محمد إبراهيم للخط العربي بالإسكندرية، وهي ثاني مدرسة تم إنشاؤها للخط العربي بعد مدرسة تحسين الخطوط الملكية بالقاهرة والتي أمر بإنشائها الملك فؤاد الأول ملك مصر في عام 1922 حيث قام باستدعاء الشيخ محمد عبد العزيز الرفاعي من تركيا لكتابة المصحف الشريف وزخرفته ثم عرض عليه إنشاء مدرسة للخط العربي لأبناء مصر ومكث الشيخ محمد عبد العزيز الرفاعي بمصر قرابة أحد عشر عاما انتقل بعدها إلى تركيا تاركا وراءه جيلا من الأساتذة وآثارا خطية وزخرفية فريدة موجودة بدار الكتب والمتحف الإسلامي يؤمها عشاق هذا الفن الجميل قام الأستاذ محمد إبراهيم بإنشاء المدرسة بعد حصوله على دبلوم الخط من مدرسة القاهرة عام 1933م، وكان ترتيبه الأول بين أقرانه على مستوى القطر المصري.

يتضمن معرض «قوالب خطية من مصر» مجموعة من القوالب الخطية المصرية والتركية النادرة من المقتنيات الخاصة للخطاطين كامل إبراهيم وإبراهيم المصري من الإسكندرية، وقد استخدمت هذه القوالب في عصور سابقة لنقل الكتابات والخطوط العربية إلى الأحجار الخاصة وبعض الجدران، إضافة لمختلف الوحدات المعمارية للقصور والمساجد، التي ازدانت بنماذج خطية بالغة الحسن والروعة متضمنة للكثير من آيات القرآن الكريم.