جدل في الولايات المتحدة.. هل يجب على المدرسين حمل أسلحة؟

لمنع مجزرة أخرى لأطفال أبرياء مثل التي حدثت في ولاية كونيتيكت

ارتفاع مبيعات السلاح الناري في الولايات المتحدة منذ مذبحة مدرسة نيوتاون (أ.ف.ب)
TT

وصل الجدل المحتدم في الولايات المتحدة بشأن وضع حد لانتشار الأسلحة إلى التساؤل بشأن ما إذا كان على المدرسين أن يحملوا أسلحة داخل الفصول لمنع مجزرة أخرى لأطفال أبرياء مثل التي حدثت في ولاية كونيتيكت الأسبوع الماضي.

وفي الحقيقة، توجد مدرسة واحدة في ولاية تكساس يحمل المدرسون فيها الأسلحة منذ عام 2008، عندما قررت بلدة هارولد السماح للمدرسين بحمل أسلحة مخبأة داخل مبان المدرسة.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن مدير المدرسة دافيد ثويات كان المحرك الرئيسي وراء خطة تدريب وتسليح المدرسين والموظفين الإداريين في المقاطعة التي تحتوي على مدرسة واحدة فقط تتسع لنحو 100 طالب.

وقال ثويات في عام 2008 إن سكان البلدة لا يرغبون أن يصبح أطفالهم سمكة في وعاء يتم اصطيادها، مضيفا أن أهالي الريف يحمون أنفسهم بأنفسهم. إنهم ليسوا مخدوعين بأن الشرطة موجودة لحمايتهم.

وعلى الرغم من أن معظم المدارس في شتى أنحاء الولايات المتحدة خالية من الأسلحة طبقا للقوانين السائدة حاليا، إلا أن قانون ولاية تكساس سمح لمدارس المقاطعات أن تختار السماح للمدرسين بحمل أسلحة داخل المدارس. وفي ولاية يوتاه وطبقا لقانون الولاية، من السهل حمل سلاح مخبأ في المدرسة. الأمر قانوني لأي شخص يحمل ترخيصا. وكان المرشح الجمهوري السابق للانتخابات الرئاسية وحاكم تكساس ريك بيري أعلى شخصية سياسية حتى الآن تقترح تسليح المدرسين كوسيلة قابلة للتطبيق لخفض معدل العنف.

وقال بيري إنه يدعم السماح للعاملين بمدارس المقاطعات باتخاذ قرار بشأن أفضل طريقة لحماية طلابهم.

وتابع في حديثه عن مذبحة مدرسة كونيتيكت التي قتل خلالها 20 طفلا تتراوح أعمارهم بين السادسة والسابعة، بالإضافة إلى ستة بالغين: «يجب أن نقوم بكل ما نستطيع به للتأكد من منع مثل هذه الأمثلة الشريرة بأفضل طريقة ممكنة». وأضاف: «في ولاية تكساس، إذا بدأت الإجراءات، وخضعت للتدريب وتمتلك ترخيصا لحمل سلاح، يمكنك أن تحمل سلاحا في أي مكان في الولاية».

وأعرب بيري عن دعمه لقرار مدرسة هارولد، الذي جاء ردا على إطلاق النار على مدرسين في ولاية فيرجينيا والتي قتل خلالها 32 شخصا وأصيب 17 آخرون في أبريل (نيسان)2007.

وبعد واقعة مذبحة كونيتيكت، قال ثويات لشبكة «سي بي إس» الإخبارية: «إن بعض الأشخاص يعتبر تسليح المدرسين أمرا مروعا، ولكن ما حدث في كونيتيكت كان مروعا أيضا».

وأوضح أن بعض أولياء الأمور يرسلون أطفالهم لمدرسته تحديدا لأنهم يعلمون أنهم سيكونون بأمان هناك.

وعلى الرغم من ذلك وفي ولاية ميريلاند الليبرالية، عارض الحاكم مارتن أومالي الفكرة، قائلا: «إن هناك أسلحة كثيرة جدا بالفعل»، بل ويفكر أيضا في اقتراح فرض حظر عام في كل أنحاء البلاد على الأسلحة الهجومية، طبقا لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية.

ولكن الحاكم الجمهوري روبرت ماكدونيلي في ولاية فيرجينيا المجاورة سيوافق على حمل المدرسين للأسلحة. وقال: «إذا تسلح المسلحون، ليس فقط ضابط الشرطة ولكن مسؤولي المدارس أيضا الذين تم تدريبهم واختاروا أن يحملوا أسلحة، بالتأكيد سيكون هناك فرصة لوقف الاعتداءات على المدارس».

وبدأ الجدل في الولايات المتحدة بشأن حمل الأسلحة في المدارس مع إطلاق الرئيس الأميركي باراك أوباما «قوة خاصة» الأربعاء لاتخاذ خطوات نحو إنهاء العنف. وقال أوباما: «الحقيقة أن هذه المشكلة معقدة ولا يمكن أن تكون عذرا لعدم القيام بأي شيء. حقيقة إنه لا يمكننا القيام بأي شيء لمنع كل عنف يندلع لا يعني أنه لا يمكننا العمل بثبات لخفض العنف».

المدرسون وموظفو المدارس لن يكونوا أول موظفين من غير العاملين في قطاع الأمن يتم تسليحهم: حيث تم السماح للطيارين بحمل سلاح في مقصورة الطيران منذ عام 2003.

ومن جهة أخرى، قتل اثنان من رجال الإطفاء وجرح آخران عشية عيد الميلاد في مدينة صغيرة شمال شرقي الولايات المتحدة في فخ نصبه مسلح لهم انتحر أيضا، في حادث جديد مرتبط بأسلحة نارية بعد عشرة أيام على مجزرة نيوتاون.

وقال جيرالد بيكيرينغ قائد شرطة البلدة الصغيرة الواقعة على ضفة بحيرة أونتاريو إن رجال الإطفاء استهدفوا بعيد وصولهم لإطفاء حريق أبلغوا بحدوثه هاتفيا.

وأوضح أن مطلق النار يدعى ويليام سبينغلر، 62 عاما، وصدر حكم سابق عليه في جريمة قتل. ويبدو أنه أضرم النار بسيارة ومنزل قبل أن يتخذ موقعا له ليطلق النار من عدة أسلحة.

وتابع: «عندما وصل الإطفائيون إلى المكان تعرضوا لإطلاق نار»، مؤكدا أن الأمر كان «فخا نصب لهم».

وأضاف قائد الشرطة: أن «أربعة من رجال الإطفاء أصيبوا بالرصاص توفي اثنان منهم ونقل اثنان آخران إلى المستشفى»، مؤكدا أنهم في حالة خطيرة. وأكد بيكيرينغ أن شرطيا خامسا أصيب بجروح طفيفة.

ولم يستبعد قائد شرطة البلدة أن يكون أشخاص آخرون قتلوا أيضا في الحريق الذي دمر سبعة منازل بالكامل..

وقال بيكيرينغ إن مطلق النار الذي صدر حكم عليه في مقتل جدته في 1981 وأفرج عنه في 1998 استخدم عدة أسلحة بينها «بندقية واحدة على الأقل». وأضاف أنه بعد تبادل إطلاق النار مع الشرطة «انتحر بإطلاق رصاصة في رأسه». ودان حاكم ولاية نيويورك اندرو كويو الحادث وعبر عن تعازيه لعائلات الضحايا. ووقع الحادث في حي على ضفة بحيرة، هادئ جدا عادة. وقد سبب صدمة كبيرة لسكان البلدة الذين يبلغ عددهم خمسة آلاف نسمة. وقال بيكيرينغ إن «ويبستر بلدة رائعة. نعيش بأمان هنا ومأساة كهذه أمر مروع لنا». من جهته، صرح رئيس فرق الإطفاء في البلدة روب بوتييه «لا علم لي بحدوث أمر كهذا في ويبستر من قبل، أن يطلق شخص ما النار على رجل إطفاء».

وتتسبب الأسلحة الفردية بمقتل ما معدله 31 ألف شخص سنويا في الولايات المتحدة 18 ألفا منهم في حوادث انتحار.

وشهدت الولايات المتحدة 62 حادثة إطلاق نار أوقعت عددا كبيرا من الضحايا منذ 1982 استخدمت في معظمها أسلحة رشاشة وبنادق اشتراها القتلة بصورة قانونية. وقدر عدد الأسلحة غير العسكرية في الولايات المتحدة في 2009 بنحو 310 ملايين قطعة، ما يوازي قطعة واحدة تقريبا لكل مواطن. والأميركيون معرضون 20 مرة أكثر للقتل بسلاح ناري من أي مواطن في أي من البلدان المتقدمة.

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أكد بعد حادثة نيوتاون تصميمه على تحريك المسألة الحساسة المتعلقة بتنظيم الأسلحة النارية وطالب بمقترحات ملموسة بحلول يناير (كانون الثاني).

وقال الرئيس الأميركي: «آمل أن لا تكون ذاكرتنا قصيرة، وأن لا ننسى ما حدث في نيوتاون وأننا سنبقى محفزين للتقدم في هذا الموضوع في غضون شهر».

وأعلن أوباما تعيين نائب الرئيس جو بايدن على رأس مجموعة عمل مكلفة العمل على هذا الموضوع وإعداد توصيات بحلول الشهر المقبل. لكن لوبي السلاح الأميركي القوي أكد أنه يرفض إدخال أي تعديل قانوني بهدف تقييد حيازة السلاح.

ورفض واين لابيار، نائب رئيس الجمعية الوطنية للأسلحة، رفضا قاطعا التشريع الذي اقترحته إثر المجزرة السيناتورة ديان فينشتاين بهدف منع وتقييد نقل وحيازة على الأقل 100 بندقية هجومية ورشاشة.