بغداد تشهد أقوى موجة أمطار عطلت الدوام الرسمي

تسجيل وفيات وانهيار بيوت فوق ساكنيها

TT

للمرة الأولى ومنذ ثلاثين عاما، شهدت العاصمة العراقية بغداد ومدن أخرى قريبة منها، موجة أمطار غزيرة ومميتة، أول من أمس (الثلاثاء) وتسببت في وفاة عشرة أشخاص بينهم أطفال، وغرق وانهيار بيوت سكنية ومحال تجارية بالكامل أو بشكل جزئي، وتقطيع أوصال الشوارع وفقدان إشارات البث الفضائي والإنترنت، الأمر الذي دفع بالحكومة العراقية إلى تعطيل الدوام الرسمي في جميع المدارس والدوائر الرسمية والجامعات، أمس (اليوم الذي تلا موجة الأمطار) بسبب صعوبة حركة الناس والمركبات وغرق معظم شوارع بغداد الرئيسية والفرعية. والمعروف أن العاصمة تعاني من خراب وقدم منظومة المجاري فيها منذ أكثر من عشرين عاما.

موجة الأمطار التي تواصلت على مدار يوم كامل، تسبب في إحراج الحكومة التي واجهت فشلها الواضح في توفير أبسط الخدمات للمواطنين؛ إذ وجه مواطنون سخطهم الشديد على أداء الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 ووعودها بالإعمار في بلد بلغت ميزانيته هذا العام «100» مليار دولار، وهي ميزانية تعادل ميزانية أربعة بلاد مجتمعة، كما يقول مختصون اقتصاديون، وقد وصل منها نحو 750 مليار دينار عراقي لأمانة بغداد وحدها.

ودافعت أمانة بغداد عن نفسها وعبر بيان رسمي صدر عنها أمس بالقول إن «كميات الأمطار التي هطلت على مدينة بغداد تفوق القدرات الاستيعابية للخطوط الرئيسية الناقلة، وقد تم تشكيل خلية أزمة مشتركة للسيطرة على مياه الأمطار، كما أن ملاكات الأمانة ستواصل جهدها الخدمي رغم العطلة الرسمية التي أعلن عنها في مدينة بغداد من أجل تصريف المياه المتجمعة في بعض الشوارع والأحياء السكنية».

هيئة الأنواء الجوية والرصد الزلزالي التابعة لوزارة النقل العراقية، أعلنت في بيان رسمي صدر عنها أن «كمية الأمطار التي هطلت على مدينة بغداد طوال يوم الثلاثاء تعد الأشد منذ نحو ثلاثين عاما، إذ وصلت معدلاتها إلى 67 ملم وهي تعادل نصف المعدل السنوي للأمطار في مدينة بغداد».

ونقلت تقارير صحافية، مقتل عشرة أشخاص بينهم ستة أطفال، وإصابة رجل بجروح جراء انهيار منزلين في مدينة الكوت (جنوب بغداد)، كما انهار عدد آخر من المنازل إثر تساقط غزير للأمطار في عموم العراق خلال اليومين الماضيين، مشيرة إلى أن الضحايا يسكنون منازل بسيطة اعتمدت الأعمدة الخشبية والقطع المعدنية مادة أساسية في بنائها.

يقول عبد الحسين المرشدي وكيل أمانة بغداد لـ«الشرق الأوسط»: «خلية الأزمة التي شكلت لمعالجة مشكلة فيضان بغداد، باشرت إجراءات فعلية وميدانية وتكثيف عملية التعاون والتنسيق ومتابعة عملية تصريف مياه الأمطار ومؤازرة الجهد الخدمي للدوائر البلدية وتشغيل محطات المجاري بكامل طاقاتها وإيجاد حلول سريعة لكل المشكلات والمعوقات التي تواجهها».

وأشار إلى أن «جميع محطات المجاري في عموم مناطق العاصمة بغداد تعمل بكامل طاقاتها الاستيعابية، وهناك تنسيق مع وزارة الكهرباء لتوفير التيار الكهربائي الوطني المستثنى من القطع المبرمج لتشغيل هذه المحطات، كما أن جميع العاملين في الأمانة استمروا بالعمل منذ الساعات الأولى لعملية هطول الأمطار وهم مواصلون لغاية هذه الساعة بهدف السيطرة عليها وضمان تصريفها عبر الخطوط والشبكات الرئيسية».

الناشطة المدنية ومهندسة موارد المياه والبيئة شروق العبايجي قالت لـ«الشرق الأوسط»: «أصبنا بصدمة حقيقية نتيجة غرق المدن العراقية، خصوصا العاصمة بغداد، بهذا الشكل السيريالي والمخيف، ففي كل أنحاء العالم تحدث مثل هذه الظاهرة عندما تكون كميات المياه والسيول خارج المعدلات المحسوبة بأضعاف مضاعفة، لكن ومع هذا، فإن الدول تكون متهيئة للتعامل مع حالات الطوارئ هذه بأشكال مختلفة».

وأضافت: «كان لا بد على الجهات المعنية في البلاد التحسب من تلك الحوادث عبر جملة احتياطات، من أمثلتها تهيئة سيارات وأجهزة خاصة للإنقاذ وتشكيل فرق تطوعية للمساعدة وغيرها من معونات».

أما المواطن غضنفر لعيبي، يسكن منطقة الشعب، فقال إنه قضى ساعات الليل مع عائلته لإخراج المياه من الطابق الأرضي، إذ فاقت المياه نحو 30 سم، وهي تغطي المنطقة بالكامل، حتى نجح بمساعدة جيرانه في بناء سد طيني أمام الباب الخارجي للدار.

وعبر الأكاديمي مثني الحارثي، من منطقة الطالبية، عن أسفه لفشل الحكومة الحالية في إدارة شؤون البلاد، وانشغالها بخلافاتها السياسية والفضائح وملفات الفساد التي تكشف لأجل التسقيط السياسي وليس لإصلاح البلاد.