«أضم».. مركز بحجم محافظة يرصد أبناؤه قصة نموه عبر الـ«يوتيوب»

يتوارى خلف جبال السروات ويضم مياها بين الجبال

TT

ترتمي وسط الصحراء أو تندس تحت الجبال مترامية الأطراف في المملكة، قرى وهجر لها في نفوس أبنائها مكان سامق رغم رحيلهم الاضطراري الذي تحتمه ظروف لاحقة من حياتهم.

ومن تلك التجمعات السكانية التي تتوارى تحت جبال السروات في تهامة «مركز أضم» الذي يعيش فيه نحو 45 ألف نسمه، حيث يذكر طارق المالكي وهو أحد أبناء المركز والذي أعد وثائقيا عنه، أن التحضير استغرق ثلاثة أشهر، في حين أتم التصوير خلال ثلاثة أسابيع بعد ذلك وتكون من مرحلتين شهدت الانتقال بين عدة قرى تابعة لأضم.

ويقول المالكي «إن الجهد شخصي وغير تابع لأية مؤسسة أو جهة إنتاج ورغم ذلك فقد استخدمت فيه كاميرات احترافية وتجهيزات بمعايير عالية».

بينما يقول الشاب عادل المالكي المشارك في إعداد الفيلم «إن الكثير من السكان لا يقعون على المعلومات الكافية عن المراكز أو القرى الموزعة في أنحاء البلاد، بفعل كثرتها والزحف السكاني الدائم نحو المدن الرئيسية». ويضيف «أحببت أن أقدم عملا يظهر جماليات المكان وتنميته وخدماته المستمرة، والتي تأتي استهدافا للإبقاء على السكان في بلدتهم بدلا من الهجرة».

وأفاد بأن أضم تنتظر اليوم الذي تتحول فيه من مركز تابع لمحافظة الليث بمنطقة مكة المكرمة إلى محافظة، وذلك ما يشير إليه تحولها مؤخرا إلى ورشة عمل تنتشر فيها أدوات البناء.

من ناحيته قال إبراهيم حسان عضو مجلس أضم البلدي: «أضم تحتاج إلى الكثير، وقد حصلت على الكثير»، وذلك في معرض رده على تساؤل «الشرق الأوسط» عما توصلت إليه أضم في الإنشاءات المختلفة. وبيّن عضو المجلس البلدي أن المركز بحاجة إلى مكتب للأحوال المدنية وآخر للعمل إلى جانب إدارة مرور، عدا عن كلية جامعية للبنين والبنات، وإيصال المياه المحلاة، إضافة إلى صرف صحي، مشيرا إلى افتقاد المستشفى القابع وسط البلدة لإخصائي أشعة مقطعية رغم توفر الأجهزة الخاصة بها.

وأشار مستطردا إلى المعاناة التي تتكبدها خريجات المرحلة الثانوية، لأنهن لا يجدن بدا إما من ترك الدراسة، وإما الرحيل عن الأسرة، وإما قطع 320 كلم يوميا جيئة وذهابا إلى الكلية الجامعية الواقعة في الليث». وزاد: «لو اكتملت أعمال الكلية الجامعة التي وعدت جامعة أم القرى بإنشائها فسوف تحل معضلة كبيرة تؤرق الكثيرين هنا، إذ تغادرنا فجر كل يوم 500 فتاة ويعدن عند الغروب».

ويأتي اسم أضم من كلمة «إضم»، وذلك باعتبارها وادٍ يضم المياه بين جبلين، وتقع جنوب محافظة الطائف وتتبعها عدة قرى حولها، ولاعتباراتها الجبلية فإن البناء والطرق في أضم تأخذ أشكال منحنيات غير منتظمة تضيف في شكلها جمالا فوق جماليات الطبيعة التي لم تصل إليها يد الإنسان. وفي هذا الجانب تذكر هناء العلي الصحافية المهتمة بالسياحة أن هذه الجغرافيا البديعة لا يمكن لها أن تأخذ مكانها دون التفاف من قبل أهاليها، وخصوصا الشباب منهم. هذا الاهتمام هو ما برز بسبب الفيلم الوثائقي الذي وصلت مشاهداته على «يوتيوب» إلى ما يربو على 10 آلاف مشاهدة رغم أنه وضع على الموقع المخصص لمشاهد الفيديو منذ أيام فقط.

وكأنها علبة ألوان تحتضن أضم الكثير من المزارع التي تنتشر فيها أنواع مختلفة من الثمار كالذرة والدخن والفاصوليا والطماطم والمانجو والجوافة والليمون، فضلا عن النخيل التي ترمز لأضم، وتعيش فيها أنواع متعددة من الطيور كالحجل والقطا والقماري والصقور. ولأضم مركز حيوي في منتصفها يقع فيه جامعها الكبير ومراكز تجارية والأجهزة الحكومية، بالإضافة إلى مستشفى حكومي عام أنشئ عام 1986 يحتوي على 100 سرير، ومعهد ثانوي صناعي قيد الإنشاء حاليا.